يقول اسماعيل: “نشأت بعض الخلافات السياسية لاحقاً وتباعدت وجهات النظر وإن بقي الودّ على حاله بيننا نحن المعتقلين اللبنانيين اليساريين وبين سمير، خاصة فيما يتعلق باتفاق أوسلو والموقف منه، الذي أيده هو بالكامل، فيما نحن كشيوعيين عارضناه بقوة، ووصل الأمر به حدّ اتهامنا أننا تابعون للنظام السوري الأسدي الذي كان حينها يقود الحملة ضد هذا الاتفاق وضد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وياسر عرفات تحديداً، ولمسنا حينها أن سمير بدأ يبتعد بعلاقته السياسية مع “الجبهة الشعبية” التي كان بصفوفها معتقلين في سجن “نفحة”، وبدأ يتقرّب من كوادر حركة فتح المعتقلين معنا أيضاً، وكان تقاربه معهم تقارباً سياسياً وبالأفكار السلمية، وكان يرى أن الحل لن يكون إلاّ بالسلام الدائم، وهو “أي سمير” لم يتوانى عن إرسال رسالة تعزية إلى عائلة “اسحق رابين” رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي اغتاله أحد المتطرفين اليهود، وذلك على الرغم من معارضتي لذلك أنا ورفاقي، ولكنه لم يقتنع منا وقام بإرسالها، فنشرتها صحيفة “يديعوت أحرنوت”.
اقرأ أيضاً: أحمد اسماعيل يروي سمير القنطار(1): الأسير المنسي
ويتابع اسماعيل: “على الصعيد الشخصي تفهمت موقفه وفصلته عن قناعاتي السياسية، في حين أن بعض الرفاق من الأسرى، أخذوا موقفاً سلبياً واضحاً من سمير، وكنت أنا من يحاول تبريد الأمور بينهم وبينه، وبقيت محافظاً على صداقتي معه رغم كل شيء، حتى بعد أن وقع شجار بيني وبينه في عام 1991 أثناء حرب الخليج الثانية وفاجأني موقفه الإيجابي من صدام حسين ودخوله إلى الكويت، فاتّهمن ورفاقي أيضا بالعمالة لإيران ولحافظ الأسد رئيس سوريا، وكان سمير في هذا الوقت يرسل رسائل إلى الرئيس الإسرائيلي “عازار وايزمان” طالباً منه أن يطلق سراحه، في ظل استمرار محادثات السلام العربية الاسرائيلية”.
ويستدرك اسماعيل: “ورغم كل شيء لم تنقطع العلاقة بيني وبينه يتابع إسماعيل، وكنت أحاول أن استوعب أفعاله على اعتبار انها من تأثير طول الفترة الزمنية التي أقام فيها في السجون الإسرائيلية وشعور اليأس والإحباط الذي كان يرافقه، وهو كان دائم الحيوية والنشاط حتى أباح لي بحبه لفتاة رأيتها عبر نوافذ الزيارات، واعترف لي أنه بصدد الزواج منها، حتى تمّ الأمر في السجن، فحدد موعد الزواج بالإتفاق مع إدارة السجن وحضرت العروس الفلسطينية “كفاح” مع أهلها، كما حضر مجموعة من الأسرى وقفوا حوله بحضور أيضاً الوالدة “أم جبر وشاح” من غزة التي كانت أمنا جميعاً، وحضور شيخ فلسطيني من المحكمة الشرعية، وقد فرحنا نحن جميعاً بهذه المناسبة، واعتبرناها تحدٍّ للسجّان الصهيوني”.
ويؤكد احمد اسماعيل: “كان سمير القنطار لديه طموح دائم، فدخل الجامعة العبرية المفتوحة ونال شهادة الماجستير في العلوم السياسية، وتعلمت منه أنا اللغة العبرية التي كان يتقنها جيداً، وقد كان سمير شخصية شفافة، بريئة، وطيّبة، يسكنه طفل صغير، كان حديثنا أحياناً حديث مراهقين ربما تعويضاً له عن مراهقة وشباب أفناه في غياهب سجون العدو، على الرغم من أنه كان عصبياً ويثار فوراً عند أي حدث لا يعجبه.
اقرأ أيضاً: استشهاد القنطار… أسئلة لا بد منها
وكان سمير يحبّ الرياضة والقراءة والموسيقى وأشكال الطرب والغناء”.