سوريا: هكذا حول آل الأسد «بعث» عروبة ميشال عفلق إلى مرتع للعسس

الاسد
بعد إجرام وطغيان النظام السوري وتسلطه على شعبه ونشره الفوضى والقتل والخراب والتهجير السكاني في بلده، تملكتني مشاعر مليئة بالكراهية والبغضاء لهذا الحزب الحاكم المعروف بالبعث السوري ولمؤسسه ميشال عفلق، بعدما اعتبرت أنّه لولا فكر هذا المؤسس لما وجد حزب البعث، ولما وصل الحال في لبنان وسورية الى ما وصلت اليه.

بعدما قرأت بعض المقالات والمدونات لمؤسس حزب البعث ميشال عفلق وأيديولوجيته ومواثيق حزبه، وجدت أنّ هناك فرقا كبيرا وشاسعا بين فكر البعث ميشال عفلق وبين فكر البعث لآل الأسد.

تأسس حزب البعث العربي عام 1947 على يد المفكر والمناضل السياسي السوري ميشال عفلق تحت شعار”أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”.

ميشال عفلق

ميشال عفلق
ميشال عفلق

المفكر العربي الذي اقتبس فكر البعث من الماسوني الفيلسوف والرجل السياسي الايطالي جوزيبي مازيني، زعيم حركة “الانبعاث” الايطالي الذي كان يتخذ شعار “الوحدة الحرية الاستقلال”، عمد لاحقا الى تعديل شعار مازيني ليصبح “وحدة حرية إشتراكية” ويضيفه الى شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”.

وفي عام 1952 قام عفلق بدمج “حزب البعث العربي” بـ”حزب الاشتراكي السوري” بقيادة أكرم حوراني، ليصبح إسم الحزب بعدها “حزب البعث العربي الاشتراكي”، وذلك بعد تنصيب ميشال عفلق زعيما ً أو عميدا ً على الحزب الأخير.

استلم حزب البعث مقاليد الحكم في سورية بعد انقلابات عدة، وكانت البداية عام 1963 بعدما استمرّت وتوالت الإنقلابات البعثية في سورية وبخاصة بين أبناء الحزب الواحد، الى عام 1966 لتصبح السلطة بيد نور الدين الأتاسي وبعض الضباط البعثيين أبرزهم صلاح جديد وحافظ الأسد.

لكن ميشال عفلق الأب الفكري والمؤسس لحزب البعث لم يكن راضيا ً على تصرفات الانقلابيين في القيادة القطرية للحزب لناحية تطبيق مفاهيم البعث، فنشب خلاف بينه وبين القيادة القطرية وعلى رأسهم صلاح جديد وحافظ الأسد، فصدر حكم بالإعدام عام 1966 على عفلق من العاصمة دمشق، إلاّ أنّ ميشال عفلق استطاع الفرار من سورية إلى العراق ومنها إلى لبنان ومن ثم إلى فرنسا.

حافظ الاسد
حافظ الاسد

وفي عام 1970 قام وزير الدفاع وعضو القيادة القطرية لحزب البعث السوري حافظ الأسد آنذاك بانقلاب جديد على أصدقائه في حزب بعث الحاكم، بعدما أطلق عليها إسم “الحركة التصحيحية”، وقام الأسد الأب بعدها بتطبيق مفاهيم البعث ولكن من وجهة نظر مصالحه الشخصية كي يبقى على رأس الحكم، مشوّها ً بذلك أيديولوجية نهج ومبادئ الأب الفكري لحزب البعث ميشال عفلق التي كانت تنص على الحريات العامة واحترام الرأي والرأي الآخر، وممارسة الديمقراطية وتفعيل العمل الانساني والاجتماعي للطبقات الفقيرة، واعتبار الثروة الاقتصادية هي ملك ابناء الوطن.

استطاع الرئيس حافظ الأسد أن يحكم سورية بأجهزة أمنية مخابراتية معقدة ومتعددة الأسماء والمهمات، من أهمها وأخطرها إجراما ً “المخابرات الجوية”، وهي متميزة بقسوتها الشديدة لجهة مراقبة المجتمعات السورية والتدخل بشؤونهم الحياتية، ومنعهم من ممارسة أبسط حقوقهم المدنية في حرية الرأي والتعبير. لدرجة أنّها أجبرت العائلات السورية أن تتحول لوشاة ومخبرين لديهم، كما يحق لهذا الجهاز الأمني بواسطة السلطة المعطاة له من رئيس حزب البعث الحاكم ضمن قانون الطوارئ، إعتقال أي معارض سياسي للنظام أو حتى أي مواطن سوري يعبر عن رأيه دون سابق إنذار، وزجه في السجون والمعتقلات أبرز هذه السجون سجن “المزة” بتهم كاذبة بعد فبركة التقارير الأمنية وتلفيق التهم السياسية لهم، تحت ذريعة التآمرعلى الدولة والأمن القومي لصالح العدو الإسرائيلي

تمثال-حافظ-الأسدليس هذا فحسب، بل ابتدع حافظ الأسد الراحل أفكارا ً أيديولوجية لنهج جديد، تندرج تحت الفلسفة الثقافية البعثية الأسدية الشمولية مثل: “قائدنا إلى الأبد الأمين حافظ الأسد”، “الأب القائد حافظ الأسد”، “باسل المثل وبشار الأمل”، ناهيك عن أيديولوجيات نهج الكرنفالات التقدمية الإشتراكية تحت عناوين عدة، مثل ذكرى “الحركة التصحيحية” وذكرى ملحمة “حرب تشرين التحريرية”، حيث خسر نظام البعث فيها حرب الجولان مع إسرائيل المحتلة إلى يومنا هذا، “ذكرى وصول حافظ الأسد للسلطة”، ناهيك عن تحويل الهزائم الى انتكاسات وانتصارات وهمية.

كما اشتهر الرئيس حافظ الأسد الراحل في نشر ثقافة الرعب النفسي بين الشعب السوري، وذلك من خلال منحوتات وتماثيل مجسمة عائدة له ولأبنائه الذكور التي كانت موجودة قبل انطلاق الثورة عام 2011 في ساحات المدن والبلدات السورية.

استمر الرئيس حافظ الأسد على هذا المنوال مدة ثلاثة عقود إلى أنّ حط رحال عمره وحكمه عام 2000 ليرث إبنه بشار الأسد الحكم بعده مباشرة ويكمل مسيرة الاجرام الى يومنا هذا.

إقرأ للكاتب: إيران تزيل شعار «الموت لأميركا» إرضاء للشيطان الأكبر

بعد فرار ميشال عفلق واستقراره في العاصمة باريس تحول فكره إلى علماني مؤمن خصوصا ً بعد اعتناقه الإسلام، وأضاف على إسمه “احمد ميشال عفلق” وذلك لشدة إعجابه بتاريخ الاسلام وعن النبي محمد بعدما قال “كان محمد كل العرب، فليكن العرب اليوم محمد”، كما خص عفلق في كتاباته أفكاراً فلسفية عدة عن الإسلام منها، “العروبة وجدت قبل الإسلام ولكن الإسلام هو من أنضج العروبة… بعد أن أوصلها الى الكمال والعظمة والخلود”، “الإسلام روح العروبة بعدما حولها من القبلية والعشائر إلى أمة عربية إجتماعية حضارية عظيمة باخلاقها وإنسانيتها”.

كما خصّ ميشال عفلق في كتاباته عن المسيحيين العرب قائلا ً لهم “على المسيحيين العرب أّن يكونوا جريئين بتضحياتهم من أجل عروبتهم، لأنّ انتسابهم لها بمثابة شرف لهم.

عفلق الذي تأثر بالإديولوجية الماركسية تراجع عنها بعدما رأى أنّ الشيوعية هي إيديولوجية علمانية لدرجة الإلحاد، وهدّامة للإنسانية وللأديان وللقوميات وخصوصا للقومية العربية، وبعيدة كل البعد عن مفهوم الحرية والديمقراطية.

إقرأ أيضاً: الحرب في سوريا على الطريقة الروسية .. حزب الله هو الخاسر

توفي ميشال عفلق في باريس عام 1989، ودفن في العراق بالعاصمة بغداد بعدما أقامت له الحكومة العراقية في عهد الرئيس صدام حسين الراحل تأبينًا مهيبًا يليق به كأب فكري ومؤسس لحزب البعث العربي الإشتراكي، بعدما حمل نعشه على أكتاف الأعضاء القطريين لحزب البعث العراقي ومن بينهم الرئيس صدام حسين ونائبه عزت ابراهيم الدوري.

السابق
فرنسا تندد بتدمير قوس تدمر في سوريا على يد داعش
التالي
الممثلة رفقا الزير ضحيّة تعنيف «الأمن الرسمي»