النبطية وصور تخرقان جدار الصمت في وجه نظام المحاصصة والفساد

الحراك المدني يمتد الى المناطق، ومساء امس كانت مدينتا النبطية وصور تشهدان اعتصامين بدعوة من الجمعيات المدنية ولجنة المتابعة لتحرك 29 آب.

يعتبر هذان التحركان استكمالا لحراك سابق على 29 آب في المدينتين، فجّرتهما ازمة النفايات المستمرة في النبطية، وتنديدا بالفساد الذي يتغوّل الدولة في لبنان. وليس خفيا ان الحراك المدني في الجنوب يعبر عن احتجاج صارخ على الازمة الوطنية التي تشل البلاد وتزيد من تصدع الدولة، فهو ايضا بحسب احد فعاليات مدينة النبطية المؤيد للحراك السيد وسيم بدر الدين، يعبر عن احتجاج على التمادي في انتهاك ارادة الناس وحقهم في ان ينالوا ابسط حقوقهم في ان يعيشوا بكرامة ومن دون نفايات.

 
ففي النبطية نفذت لجنة المتابعة ل”تحرك 29 آب” اعتصاما أمام السراي الحكومي، أطلق خلاله المشاركون شعارات منددة ب”تقصير” الحكومة في تلبية الشؤون الحياتية والمطلبية للمواطنين، ورفعوا يافطات تدعو الى اعتماد قانون انتخابي على اساس النسبية، مرددين: “ثورة.. ثورة”.وأقدم المعتصمون على قطع الطريق العام أمام السراي، ما دفع عناصر من قوى الأمن الداخلي الى تحويل السير باتجاهات أخرى، بإشراف قائد سرية درك النبطية المقدم توفيق نصر الله.

تخلل الاعتصام الذي شارك فيه تجمع الأنديّة والجمعيات في النبطية، النشيد الوطني وأغان ثورية وكلمة لعضو لجنة المتابعة عفيف سليمان ندّد فيها بالسياسة العامة للدولة، واصفا السياسيين بـ”غير المبالين بشؤون المواطن”.

 
كما جاء في بيان اعتصام مدينة صور الذي جرى عصر أمس (الصورة أعلاه) ما نصه:

 

“في إطار التحركات المناطقيه للمطالب المحقه يا أهلنا الأوفياء في حنوب لبنان لقد كنتُم الأوفياء الطلائعيين في كل القضايا الوطنيه المحقه ولأنكم تنتمون إلى مدرسة إمام الأحرار الحسين بن علي عليهم السلام تلك المدرسه اللتي دافعت عن الحق في أصعب الظروف ولم تبالي بالطغاة والمتسلطين على رقاب الناس من هنا ندعوكم لوقفة العز القائمه دفاعاً عن الحقوق المسلوبه للمواطن وطلباً للحريه ولبناء الدوله العادله للجميع ندعوكم لحظور التظاهره السلميه في مدينة صور عصر اليوم الساعه السادسه والنصف عصراً على دوار أبو ذيب بدعوه من هيئات التنسيق وإتحاد الشباب الديمقراطي”.

 
الملاحظ في الحراكين ان المتظاهرين نددوا بمختلف اطراف الحكومة، مؤكدين على ان الصراع لم يعد بين تيارين اذاريين يختزلان البلد، بل بين سلطة حاكمة تزداد نفوذا وثراء، وشعب يحامي عن الدولة ويسعى لاستعادة حقه في ان يحاسب ويراقب ويتصدى للمفسدين الذين يتقاسمون المال العام. ولعل ازمة النفايات في النبطية تكشف كم ان المصالح الضيقة والحسابات الفاسدة والسمسرات هي الاقوى في العمل الحزبي والخدماتي، فكم هو مخجل ان تكون ازمة النفايات سببا لصراع على المحاصصة بين طرفي السلطة في النبطبة “أمل” و”حزب الله” وقس على ذلك في كل الملفات الخدمية.

 
الملاحظة الثانية ان وسيلة كمّ افواه الناس بالخطاب المذهبي واستنفار العصب الطائفي، فقدت جاذبيتها، وبات الناس يدركون ان تحت هذا الخطاب وهذه الشعارات تمت اكبر عملية نصب عرفها الجنوب في تاريخه للاملاك العامة، بحيث تحولت محطات المياه والكهرباء والمشاعات هدفا مباشرا يتم عملية استغلالها لحسابات خاصة ومصالح حزبية يقررها نفوذ هذا الطرف او ذاك. وليس هذا الا جانب من الفساد المنظم والخطير، باعتبار ان من يجب ان يكونوا في موقع حماية الاملاك العامة والمال العام، اي ممثلو الناس في البرلمان والحكومة، هم من يستبيحونه لصالح تعزيز دويلاتهم الخاصة القائمة تحت عناوين المذهب والطائفة وغيرها من الشعارات.

 
الناس عموما في الجنوب كما في كل لبنان تتحسّس مدى الخطر الذي بات يهدد كيان الدولة من خلال استمرار السلطة الحاكمة في ادارة شؤون الدولة. لذا الصرخة هي صرخة دفاع عمّا تبقى من حيّز عام لا تصادره مافيات الطوائف والمذاهب، هي صرخة لبنانية وطنية يتكرر صداها اليوم في كل لبنان. وهي صرخة يستعد اركان السلطة لخنقها بعناوين الحوار، او بنسب التآمر الاميركي والصهيوني لكل حراك خارج عن سيطرة السلطة واطرافها.

السابق
ايران للسعودية: کفوا عن السياسات التي تشعل المنطقة…
التالي
«حزبلة » التيار العوني…