رسالة إلى ثوّار لبنان: النفايات أولا… ثم قانون إنتخابي عادل

طلعت ريحتكم
ليس مطلوبًا من الحراك المدني إسقاط الحكومة. فالحكومة المولودة من رحم الطوائف والطائفيين لا تسقطها الأصوات المدنية العلمانية وإن ساهمت في تعريتها. وبكتيريا الطائفية هذه هي البيئة الحاضنة التي تعيش فيها ومنها وبسببها حكوماتنا المتعاقبة منذ الطائف، وتحبط مناعة هذا البلد وتشل وظائفه.

المطلوب من القوى الشبابية المستقلة، بدل المطالبة باستقالة حكومة مشلولة، الضغط باتجاهين: الأول هو معالجة أصل المشكلة التي تنادى المجتمعون للمطالبة بحلّها، والتي ربما تكون بإعادة المناقصات أو بتعديل دفتر الشروط، وربما يكون بقبولها مع السهر على حسن السير بها بعيدا عن الفساد والمحاصصة.

أما الإتجاه الثاني فهو الضغط من أجل الحصول على الحدّ الممكن من الإصلاحات التي من شأنها سحب السلطة من القابضين عليها بشكل سلمي دستوري، تمهيدا لإصلاح التمثيل الديمقراطي. فالمطالبة بإقرار قانون إنتخابي عادل يؤمن عدالة التمثيل باعتماد النسبية، قد يصح بأن يكون مطلبًا مرحليًا من شأنه فيما لو تحقق أن يساهم في التخفيف من قبضة القوى الحاكمة راهنا على السطة من جهة، ومن جهة أخرى يسحب فتيل التأزم الطائفي الذي يعطل البلد.

النضال من أجل قانون انتخابي عادل يستحق التظاهر والمتابعة والتصعيد، وتحقيقه يعادل تحرير لبنان

فالنسبية تلغي المحادل وبالتالي تؤدي إلى وجود قيادات بديلة داخل كل طائفة، بعيدًا عن كل أشكال الإقصاء والتسلط. واستطرادًا نسأل هنا: كم كان من الممكن أن يصل عدد المتظاهرين لو لم تكن كل القوى السياسية مشتركة في الحكم رقابةً وتنفيذًا، في ظاهرة فريدة من نوعها في العالم. حيث الرقابة والتنفيذ للفريق ذاته، وحيث الاعتراض يكون من داخل الحكومة فيتحول شللا وتعطيلا. لقد قضى أهل الحكم على الحكم حين تقاسموه وألغوا فكرة المعارضة وفعاليتها وأهملوا رأي الناس.

اقرأ أيضاً: رائحة فساد «نفايات» بالنبطيّة بين حزب الله وحركة أمل

إذن، الحجر الكبير يرهق حامله ويحول دون إصابته الهدف. فلتكن المطالب موحدة ضمن برنامج يعكس الصورة الحقيقية لمطالب الشعب اللبناني، دون استثناء أولئك المشتركين في السلطة، عبر ممثليهم من نواب ووزراء. فالمطالبة بالمحاسبة وفتح ملفات الفساد وقانون الانتخاب وإيجاد فرص عمل، كلّها مطالب محقة تطال السواد الأعظم من الناس ولا لون طائفيا لها، فلا تستفز أحدا ولا عذر لمن تأخر عم تبنيها . أما المطالبة بسقوط الحكومة فهي محل اعتراض واشتباك، وليس محل اجماع كما المطالب الآنفة الذكر. فالطلب من الطبقة السياسية التنازل عن الحكم ومكتسباته، إلى جانب كونه أشبه بالمستحيل، هو طلب غير ذي جدوى ما لم يقترن بإصلاحات وتغييرات دستورية تقطع عليهم طريق الرجوع إلى مقاعدهم. فما الفائدة من اقالة حكومة تملك كل أسباب إعادة التشكيل بأشخاصها وأفكارها وتاريخها.

طلعت ريحتكم

النضال من أجل قانون انتخابي عادل يستحق التظاهر والمتابعة والتصعيد، وتحقيقه يعادل تحرير لبنان من العدو لأنه خطوة أساسية في سبيل تحرير إرادة البشر وعقولهم بعد تحرير الحجر.

السابق
هدنة الزبداني الجديدة تفضح عجز حزب الله العسكري
التالي
لهذه الأسباب سأتظاهر السبت ضدّ الفساد