شهادة جنبلاط مسمار آخر في نعش بشار

قول مناوئو المحكمة الخاصة بلبنان الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ان اليوم الأول من شهادة النائب وليد جنبلاط لم يتضمن عنصراً دراماتيكياً جديداً مختلفاً عما جاء على مر السنوات العشر الماضية في أدبيات القوى الاستقلالية في لبنان. لكن ما فات هؤلاء ان جنبلاط لم يذهب الى لاهاي لكي “يخترع” وقائع جديدة على ما سبق ان قاله في مناسبات عدة علنية وغير علنية حول ملابسات اغتيال رفيق الحريري، وحول اقتناعاته الشخصية بالنسبة الى الجهة المسؤولة عن هذه الجريمة.
أهمّ ما في اليوم الاول لشهادة وليد جنبلاط انها تأتي لكي تشكل ذروة الشهادات المتعلقة بـ”دوافع” جريمة الاغتيال التي كانت بدأت مع شهادات قادة سياسيين آخرين واكبوا المرحلة. ولعل الكلمة المفتاح لمسار شهادة جنبلاط في اليومين المقبلين انها تضيء بوضوح على “الدافع” من وراء ارتكاب الجريمة. فالمتّهمون الخمسة الذين وجّهت اليهم اتهامات في القرار الاتهامي الصادر عن الادعاء العام، لم يفيقوا ذات يوم ويقرروا ان يوجّهوا طنّين من المتفجرات الى قلب بيروت لاستهداف موكب رفيق الحريري.

فالجانب التقني الذي جرى التعامل معه في مضبطة الاتهام الاولى ما كان ليكفي لوضع الجريمة في اطارها الصحيح. فالثابت ان النظام في سوريا، وعلى رأسه بشار الاسد، كان على عداء مستحكم مع رفيق الحريري. ورفيق الحريري بـ”التواطؤ” مع كل من البطريرك مار نصرالله بطرس صفير ووليد جنبلاط (اضاف جنبلاط اليهم اسم الرئيس الراحل الياس الهراوي) كانوا دخلوا في شكل او آخر في معركة غير معلنة مع بشار الاسد شخصياً، من خلال مواجهتهم الرئيس اميل لحود الذي قال عنه جنبلاط بالأمس انه كان “دمية” السوريين. فمن خلال الصدام مع لحود كان الصدام الفعلي مع بشار الاسد الذي اعتمد في تلك الفترة على اركان النظام الامني المشترك السوري – اللبناني.
في شهادة وليد جنبلاط في يومها الاول، حديث عن ان النظام في سوريا (أيام حافظ الاسد) اغتال والده الزعيم كمال جنبلاط، وتأكيد ان ملف التحقيق شبه مكتمل. وقد رسم للمشهد السياسي اللبناني في مرحلة الوصاية الاحتلالية السورية. والأهمّ الاضاءة على حقيقة يكرهها بعض الموتورين، هي ان المعارضة للوصاية السورية انطلقت سنة ١٩٩٨ مع اختيار اميل لحود رئيساً. وهناك من يرجع تاريخ انطلاق المعارضة من الداخل الى ١٩٩٥ عندما حال تحالف الرئيسين الهراوي والحريري مع جنبلاط، دون مجيء لحود منذ ذلك الوقت.
بالأمس أعاد جنبلاط ترسيخ حقيقة حول حقيقة ما كان يعمل له الثلاثي الحريري – صفير – جنبلاط مع مختلف اطياف المعارضة الحزبية والمستقلين لإخراج الوصاية. اما بالنسبة الى قضية اغتيال الحريري، فيضيف جنبلاط مسماراً آخر في نعش قاتل الاطفال.

(النهار)

السابق
جائزة الأونيسكو لحرية الصحافة لمازن درويش
التالي
حتى بشار.. يرحل!