جنبلاط في المحكمة: يسبح ويلهو بين جثث خصومه في النهر

كما كان ينتظر المراقبون شهادة الرئيس فؤاد السنيورة في لاهاي لما سيكشفه من أسرار تفيد سير العدالة في جريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري، يجتمع المراقبون اليوم أنّ ما سيكشفه النائب وليد جنبلاط سيكون له وقعاً أكبر، ويعود ذلك لما يحمل جنبلاط في جعبته من أسرار إضافة إلى براعته في إيصال الفكرة وحضوره اللافت.

إذا كانت شهادة الرئيس فؤاد السنيورة أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان شكلت حدثاً فريداً ومحل إهتمام ومتابعة كبيرين من اللبنانيين، فجاءت كما التوقعات وأحدثت تحولاً في سياق مسار الشهادات عبر ما أدلى به وما كشف عنه من أسرار، تتعلق بحقيقة العلاقة التي كانت تربط الشهيد رفيق الحريري بالأطراف اللبنانية والسورية. وما احتوته تلك الشهادة من مشاهد حاول خصوم المحكمة التقليل من تبعاتها، إلاّ أنّها جاءت مدوّية ووقعت على رؤوس البعض كوقع الصاعقة، حيث لم ينجح الهجوم الإستباقي الذي قد شنّ على الرئيس السنيورة وأثبت الرجل أنه لا تأخذه في ” الشهادة” لومة لائم.

ومما لا شك فيه أنّ اهتمام اللبنانيين بشهادة زعيم المختارة هو أكبر، وحجم الإثارة المتوقعة هي أهم، ذلك بما يتمتع به وليد جنبلاط من حضور قوي، وما يعرفه اللبنانيين عنه من براعة فائقة في تدوير الزواية وخبرة ميدانية عريقة تساعده على إيصال الفكرة، وفي الوقت نفسه التفلت من أي تبعات يمكن أن تحدثها.

طبعا لا يوجد مخلوق على سطح الأرض، يستطيع أن يقدر ما ستكون أجوبة البيك وما سيفرغه من جعبته الممتلأ حتى الإفاضة من أسرار ومعطيات قد لا تكون عند أحد غيره.

إذا كان وليد جنبلاط لا يرضخ للتهديدات ولا للمخاطر، إذا ما اقتنع أنّ الأقدام والمواجهة يمكن أن تخدم توجهاته وما يصبو هو إليه، إلاّ أنّه وكما هو معروف فإنّ أحداث 7 أيار وما تبعها جعلته يقف مطولا عند بعض “النصائح ” أو ” التمنيات” التي ترسل إليه بين الفينة والأخرى.

لا شك أن صورة كمال جنبلاط المسجى على سرير الموت سيكون حاضرا بقوة في ذهن وليد جنبلاط وهو يجلس على كرسي الشهادة وكذلك صورة صديقه رفيق الحريري، كذلك سيمثل كل من رستم غزالي وغازي كنعان وكل شخصيات ما سمي بالجهاز اللبناني السوري، وستبقى الصورة الأكثر نصوعاً والأكثر حضوراً هي صورة لبنان المستقر والآمن.

إنّ تزاحم كل تلك الصور في لحظة الإدلاء بالشهادة، ستجعل من زعيم المختارة في موقف قد لا يحسد عليه في لحظة انتظاره الطويل على حافة النهر، بانتظار مرور جثث أعدائه أمام عينيه، وها هو الآن في مكان يسمح له أن يساهم شخصيا في رمي بعضا من هذه الجثث.

ويبقى السؤال، هل سيساهم وليد بيك في فضح ما يعرفه على قتلة أبيه ويحول المحكمة من محاكمة لقتلة رفيق الحريري إلى محاكمة من اغتال كمال جنبلاط؟ وهل سيتوقف عند ما نقل إليه من نصائح عبر جريدة الاخبار وغيرها بعدم التوغل وعدم رفع سقوف الإتهامات بالخصوص فيما يتعلق بحزب الله، وبالتالي يكتقي حينها بالسباحة في نهر المحكمة واللعب فقط بين الجثث ؟ هذا ما سوف نعرفه خلال يومين.

السابق
«النصر إلالهي» الآتي من القلمون!
التالي
التجربة الإيرانية