العلويون اللبنانيون: جزء من لبنان ام من سوريا؟(1/2)

بعد وفاة سيف الدولة الحمداني في حلب بدأ تراجع العلويين وانتشرت المشاكل فيما بينهم، وتعرضوا للظلم والطغيان والقتل، وأدت المذابح التي تعرضوا لها إلى لجوئهم للجبال، فأصيبوا بنكبة في طرابلس التي كانت تضم حوالي عشرين ألف من العلويين. فمن هم علويو لبنان؟

“العلويون” هم مسلمون ينتمون بولائهم لأمير المؤمنين الإمام علي وهم أحفاد القبائل العربية التي ناصرت الإمام علي، فكل علوي مسلم يعتقد بالشهادتين ويقيم أركان الدين ويوالي أئمة المسلمين، وكل علوي لا يعترف بإسلاميته أو ينكر أن القرآن كتابه وأن محمد نبيّه لا يصح انتسابه للعلويين. ونحن نعمل وفق نصوص مذهبنا الجعفري والكتب الأربعة المعروفة عند علماء الحديث. أما تسمية الشيعي والعلوي هي تسمية واحدة لأتباع الإمامية الإثنا عشرية”، هكذا عرّف عضو المجلس العلوي الشيخ علي قدور العلويين.

والعلويون هاجروا إلى المنطقة نتيجة الظلم الذي تعرضوا، وهم من اصول عربية ومن القبائل العربية، وعانوا الكثير خلال تاريخهم. ولم يتنفسوا الصعداء إلا بعد إنشاء الدولة الحمدانية، كما واجهوا الصليبيون على الساحل السوري وسواحل بلاد الشام.

ولكن بعد وفاة سيف الدولة الحمداني في حلب بدأ تراجع العلويين وانتشرت المشاكل فيما بينهم وتعرضوا للكثير من الظلم والطغيان والقتل. فخلال عهد سليم الأول العثماني قتل 40 ألف علوي في يوم واحد. مما دفعهم إلى اعتماد التقية لإدارة شؤونهم فانعزلوا عن الحياة العامة.

ولكن قبل حوالي مئة سنة بدأ العلويون التواصل مع بقية المسلمين لمواجهة قوات الإنتداب الفرنسي. وينتشر العلويون في العديد من الدول العربية والإسلامية وعدد من الدول الأوروبية، وأمريكا.

اما في لبنان  لم  يحصلوا حتى اليوم على حقوقهم التي أقرها الدستور، بحسب الشيخ علي قدور. فبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وبدء الإنتداب الفرنسي على سوريا ولبنان كانت مدينة طرابلس المركز الإداري لمجموعة سكنية متعددة الطوائف والمذاهب، وكانت الطائفة العلوية تشكل فيها نسبة تتراوح بين 15 و20% من مجموع سكانها، مع الإشارة إلى أن قرى الساحل اللبناني ومدن الساحل السوري أقرب مسافة إلى طرابلس منها إلى حلب وحمص ودمشق.

وشكلت مدينة طرابلس مع ضاحيتها منطقة إدارية مستقلة فلم يتغير عدد سكانها من العلويين، فبلغ عدد العلويين فيها ما نسبته 3%.

ففي العام 1913 أجرت الدولة العثمانية احصاءً عاماً للسكان وفق توزعهم الطائفي، ولا يبين هذا الإحصاء وجود علويين في مدينة طرابلس مع امكانية اغفال الدولة العثمانية لذكر العلويين كطائفة سواء في لبنان وسوريا وتركيا. حيث جمعتهم مع اللاتين تحت بند “مختلف” وقد بلغ عددهم أي العلويين واللاتين 8231 نسمة أي ما نسبته 1.47 من المجموع العام للسكان اللبنانيين والبالغ عددهم 558933. وفي العام 1932 بلغ ما نسبته 0.8 من مجموع السكان. وكذلك الامر في احصاء العام 1942.

ونظراً لغياب احصاء رسمي يبين عدد العلويين اللبنانيين، فأن جداول الشطب للانتخابات المتتالية تعكس بصورة دقيقة نسبة العلويين في لبنان والتي تتراوح ما بين 0.7 و0.8 من مجموع الناخبين. لكن عدد الناخبين العلويين لا يعكس بالضرورة العدد الفعلي للعلويين اللبنانيين نظراً لأن عدداً غير محدود من العلويين قد تم قيده في سجلات الأحوال الشخصية كمنتم إلى السنة أو الشيعة.

ويتم التداول من حين إلى آخربعدد للعلويين يناهز100 ألف أي ما نسبته 2.5 % من مجموع السكان وهو رقم لا يعكس الواقع أيضاً، لانه هناك من يقدرعددهم ما بين 60 و80 ألف مواطن.

وموقع السكن الأساس كان منطقة التبانة بجناحيها الغربي والشرقي والذي يفصل بينهما شارع سوريا. وكان جبل محسن عبارة عن أرض زيتون تملكها عائلة محسن من أبي سمراء، ولم يشهد بعل محسن حركة عمرانية إلا في نهاية الخمسينات وبداية الستينات.

ومع بداية الحرب الأهلية التي كان من نتائجها فرز سكاني مذهبي تحولت المنطقة إلى منطقة سكن “علوية”، كما ساهم النزاع المسلح في المدينة وطابعه المذهبي في فترات متلاحقة إلى وقف إنتشار سكن العلويين في الأحياء الأخرى للمدينة. وقد عمل العلويون بغالبيتهم في التجارة لكن المنطقة شهدت تغييراً بفعل النزاع المسلح.

وغالبية العلويين في بدايات القرن الماضي كانت من الفقراء فلا يختلف العلويون عن غالبية سكان التبانة، وربما بسبب ذلك لم تبرز منهم شخصية لعبت دوراً مهماً أو متقدماً كما تدل على ذلك مراجعة أرشيف الصحافة المحلية للمدينة.

ورغم الإختلافات المذهبية ما بين السنّة والعلويين الا ان المرجع الشرعي المعتمد إدارياً لهم ومنذ بدايات القرن الماضي كانت المحكمة الشرعية السنيّة حيث كانت عقود الزواج والطلاق تعقد في إطار هذه المحكمة والتي كانت تنظر أيضاً بقضايا الأحوال الشخصية للعلويين، واستمر العلويون في التعامل مع المحكمة الشرعية السنية حتى العام 1974. ولم يمنع الخلاف المذهبي التزاوج المختلط والتي بلغت نسبة تقارب أو تزيد عن 30%، 34% من العلويين زوجاتهم سنيات، 27.3 من العلويات تزوجن من سنّة.

واللافت ان دخولهم الى مواقع الإدارة اللبنانية كان متأخراً ومتواضعاً. وقد اصدر جميل العلي صحيفة “يقظة لبنان” وهي صحيفة محلية تنشر أخبار الحي والمدينة والوطن. اضافة الى انتخاب نواب باسمهم في المجلس النيابي بعيد توقف الحرب الاهلية اللبنانية وبفعل الوجود العسكري السوري!

فما هو واقعهم ما بعد الحرب الاهلية واليوم؟

السابق
صالح في المجمع الثقافي الجعفري: الفساد ناتج عن سياسة ضريبية حكومية
التالي
هولاند: فرنسا لا ترضخ ولا تنحني بل تواجه