«حزب الله» و «النصرة»: حلف ضدّ «الجنرال ثلج» والجيش خارجه

القلمون
بعد حلول "الجنرال ثلج" ضيفا ثقيلا على المتقاتلين عند سفوح سلسلة لبنان الشرقية، وتجميده العمليات الحربية بينه "حزب الله" و"النصرة" و"داعش"، حصل تفاهم "عدم اعتداء" بين حزب الله وقوات المعارضة السورية، فيما ترك الجيش اللبناني يتحمّل العبء العسكري وحده في تلك الجبهة.

بعض المعلومات المستقاة من أوساط “جبهة النصرة”، تطابقت مع معطيات أفصح عنها مقاتلون تابعون لحزب الله في الجنوب والبقاع، أكّدت ان تفاهما حصل قبل اسبوعين، بين مقاتلي المعارضة السورية ومقاتلي حزب الله في منطقة القلمون والسلسلة الشرقية المطلّة على جرود بلدات البقاع اللبناني.

حزب اللهيقضي هذا التفاهم باحتفاظ كل جهة بمواقعها وبتجميد العمليات الحربية بين الطرفين طيلة فصل الشتاء بسبب تدني درجة حرارة الطقس وتراكم الثلوج مما يسبب مشقّة وصعوبة على المقاتلين ويجعل العمليات الحربية مكلفة بشريا وماديا، فلا يمكن لأيّ طرف ان يتقدّم على الآخر أو أن يشنّ هجومات فعالة عليه ويحتفظ بمواقع جديده بوجود طبيعة جغرافية وعرة وثلوج وصقيع تعيق العمليات وتكبد الطرفين خسائر دون جدوى.

فقد حصلت “جنوبية” على معلومات من مقاتلين تابعين لحزب الله عائدين من الميدان، تفيد بأنّ المواقع التي يسيطر عليها الحزب المحصّنة على قمم الجبال الوعرة في السلسلة الشرقية الفاصلة بين لبنان وسورية، تنعم بهدوء تام بمقابل المواقع التي يسيطر عليها المسلحون السوريون. فلا تطلق قذائف ولا تُشنّ هجومات على مراكز الطرفين. وذلك بعد ان ايقن حزب الله ان مقاتلي المعارضة السوريه قادرون على الصمود طيلة فصل الشتاء في مواقعهم داخل المغاور والأنفاق المحصنة في تلك الجبال،فقد عمد هؤلاء الى تدفئتها وملئها بالمؤن والذخائر استعدادا لهذه الايام العصيبة. وهم أسقطوا ما روّج له اعلام المقاومة في لبنان من أنّ فصل الشتاء سوف يجبر الثوار السوريين على الانسحاب لأنهم لن يطيقوا الاقامة في ظلّ مناخ قاس وجبال مكتسية بالثلوج تعلو عن سطح البحر حوالي 2000 متر.
ويعزّز صدق هذه المعلومات وقف إطلاق الصواريخ على البلدات الشيعية البقاعية وجرودها في اللبوة والنبي عثمان ونحلة وغيرها من قبل مسلحي المعارضة السورية، وهو ما كان يحصل كل يوم او يومين على ابعد تقدير، وكذلك عدم سقوط “شهداء” لحزب الله منذ أسبوعين في تلك المواقع. فقد نعى الحزب أمس مقاتلين اثنين له سقطا في منطقة حلب، أي في منطقة بعيدة عن مسرح تفاهمه مع المقاتلين السوريين وهي منطقة القلمون – السلسلة الشرقية.

ويلاحظ المراقبون انّ الضغط العسكري تحوّل نحو الجيش اللبناني الذي استحدث مواقع على الجبهة داخل الحدود اللبنانية بمواجهة المقاتلين السوريين، فلم يشمله هذا التفاهم الحربي الذي اقتضته الظروف المناخية القاسية مع قدوم “الجنرال ثلج”. فخسر الاسبوع الماضي 6 جنود في كمين نصبه لإحدى دورياته مسلّحو المعارضة السورية في جرود بلدة رأس بعلبك المسيحية. كما انّ التهديدات تتصاعد ضد الجيش من قبل منظمتي “جبهة النصرة” و”داعش” الارهابيتين التي يقاتل عناصرهما في صفوف المعارضة ويحتجزون جنودا لبنانيين ويطالبون بإطلاق سراح رفاقهم من السجون اللبنانية.

القلمونويجمع المحللون على انّ فكّ الاشتباك بين حزب الله ومسلحي المعارضة السورية، وبقاء هذا الاشتباك مع الجيش على الحدود اللبنانية الشرقية، من شأنه ان يجرّ لبنان كلّه إلى مواجهة مع الفصائل المسلّحة للمعارضة السورية بشقّيها الوطني والاسلامي. اضافة الى أنّ وضع هذا الجيش أيضا في مواجهة المجموعات التكفيرية الارهابية التي تقاتل في صفوف هؤلاء من شأنه تكبيده المزيد من الخسائر البشرية والمادية في حرب لم يقم هو بافتعالها ويتلقى هو وجنوده وضباطه عبئها. وذلك بعد فشل حزب الله في حسمها، هو الذي ابتدأها دفاعاً عن حليفه، جيش النظام في سورية.

أحداث عديدة متسلسلة تشي بأنّ توريط الجيش اللبناني في الصراع السوري الى جانب النظام وحزب الله أصبح هو الشغل الشاغل. فمن توقيفات يجريها فرع مخابرات الجيش وعمليات أمنية تطال سوريين في لبنان استفزّت مسلحي المعارضة على اختلافهم، وآخرها توقيف نساء مسؤولين في “جبهة النصرة”، الى بناء ابراج على الحدود بارزة للعيان يشغلها الجيش بمساعدة بريطانية. فيما مقاتلو حزب الله ينعمون بهدنة الشتاء ويعقدون الصفقات السرية مع “جبهة النصرة” و”الجيش الحرّ” لإطلاق اسيرهم عماد عيّاد، ويمنع حزب الله على الجيش التفاوض لإطلاق سراح اسراه الذين يُعدمون تباعا على أيدي هؤلاء الارهابيين. كل ذلك يدلّ على بدء نجاح مخططّ توريط لبنان كلّه بجيشه وشعبه ومقاومته، في القتال إلى جانب النظام الأسدي السوري الدكتاتوري المتهالك.

السابق
الضاحية: ضحية حزبها وأهلها وعصاباتهم ومافياتهم
التالي
الجيش شدد إجراءاته في جرود عرسال