الضاحية: ضحية حزبها وأهلها وعصاباتهم ومافياتهم

الضاحية
الضاحية، هذه المدينة المسكينة التي تحولت الى جمهورية لـ "سائقي الفانات" الذين باتوا يشكلون عصابات غير ملتزمة، لا بالقانون ولا حتى بوصاية قوى الأمر الواقع، بعدما اصبحوا هم انفسهم قوى الأمر الواقع. الضاحية ضحية حزب "أشرف الناس" والقيّمين عليها وأطهرهم. ضحية الشعارات المزيفة والمتزلّفة. ضحية المربعات الأمنية التابعة لقوى الامر الواقع في "حزب الله"، ضحية لعدد من العاطلين عن العمل، وأصحاب السوابق في تجارة المخدرات، وسرقة السيارات وتزوير العملات. ضحية العشائر المسلحة، ضحيّة التعدّي على الأملاك العامة، ببناء الإستراحات أو المقاهي المنتشرة بكثافة، لكتائب النرجيلة بأصواتهم العالية...

في العام 2010 أطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في أحد خطاباته عنوان، “النظام من الإيمان”. لم يأت ِ على تسمية هذا العنوان بطريقة غير مدروسة. فهو كان يعلم بكل ما يجري حوله، بكل شاردة وواردة بواسطة مخبري حزبه. وبعد فوات الأوان بدأ السيد يستدرك الفوضى التي تعيشها ضاحية بيروت الجنوبية، فبدأ ينادي الدولة للدخول إلى الضاحية، لكن إلى أماكن معينة ومحددة من قبل الحزب، ما سبب إفشال الخطة لاحقاً.

الضاحية هي “الضحية” قبل هذا النداء وبعده. ضحية حزب “أشرف الناس” والقيّمين عليها وأطهرهم. ضحية الشعارات المزيفة والمتزلّفة التي تزيّن شوارعها وأزقّتها المرفقة بصور لأسياد الضاحية ولأسياد طهران، الأحياء منهم والأموات. فللحظة تظنّ نفسك في طهران. وهي ضحية التكاليف الشرعية والفتاوى الدينية.

ضاحية بيروت الجنوبية، هذه “المدينة” وسكّانها الشرفاء، ضحية المربعات الأمنية التابعة لقوى الامر الواقع في “حزب الله”، ضحية لعدد من العاطلين عن العمل، وأصحاب السوابق في تجارة المخدرات، وسرقة السيارات وتزوير العملات.

الضاحية “الضحية”، ضحية العشائر المسلحة، ضحية للمزاج العشائري بعد تحويلهم لبعض المناطق في الضاحية الى مربعات عشائرية، فلكل عائلة من تلك العشائر مربعها الخاص، وعلى خطى طريقة العصابات والمافيات، تمتلك كل عشيرة داخل مربعها عملا تجاريا يدار من قبل قائد العشيرة.

مثلا: كل قائد عشيرة يحتكر نوعية العمل حصريا له، دون ان يتعدى احد القادة او زعيم العشيرة على نفوذ زعيم آخر، من تعبئة المياه وبيعها إلى المنازل، وتوزيع اشتراكات “الستالايت”، وخطوط إشتراك “الإنترنت”. كما ينشط بيع الكهرباء عبر الاشتراكات في المولدات، اي بالعامية “اشتراك الموتير الكهربا”، وبأسعار مرتفعة. وذلك يعود حسب مزاجية قائد العشيرة صاحب المولد. كل هذا يحصل امام أكثرية الناس الصامتة على مضض، التي لا يستطيع أحد منها أن يتكلم مخافة ً من الأذى الذي قد يحصل له.

الضاحية هذه أصبحت جمهورية لـ”حزب الله”، ومأوى للخارجين عن القانون، اصحاب موضة الاوشام الذين ينتشرون بين أزقتها وشوارعها، على دراجاتهم النارية الصغيرة المهترئة كأشكال أصحابها، لسلب حقائب النساء كما حدث أمامي، والويل لك إن طاردتهم فالكمين جاهزٌ لقطع الطريق عليك لإبراحك ضربا ً.

الضاحية، هذه المدينة المسكينة التي تحولت الى جمهورية لـ “سائقي الفانات” الذين باتوا يشكلون عصابات غير ملتزمة، لا بالقانون ولا حتى بوصاية قوى الأمر الواقع، بعدما اصبحوا هم انفسهم قوى الأمر الواقع، ناهيك عن تردّي الحسّ السمعي للذوق الفني الرفيع والراقي التي يتمتّع بها هؤلاء السائقين. وتجد بين زواريب الضاحية “رجال أعمال” في تجارة المخدرات، وتزوير العملات، يحميهم انتماؤهم العشائري أو الأهلي أو الحزبي، والويل لأي شخص يحتكّ بأحدهم، سواء أكان الحقّ معه أو عليه.

أما الأجمل من كلّ هذا فهو موضة التعدي على الأملاك العامة، ببناء الإستراحات أو المقاهي المنتشرة بكثافة، لكتائب النرجيلة بأصواتهم العالية، وطريقة كلامهم المعسّل الذي يتسم بنكهة ثقافة قلة الأدب والإحترام، على أرصفة الدولة المستباحة والمنهوبة. طبعا ً هذه الحالة موجودة في أي مكان من لبنان، لكنّها في الضاحية “الضحية” موجودة بكثافة، حيث لا من حسيب أو رادع، وممنوع ٌ على أجهزة الدولة ومؤسّساتها أن تتدخّل. وإذا فعلت فلا قيمة لها أمام قوى الأمر الواقع و”شبيحة” الأزقة، لأنّ القانون والعدالة المجتزأين غير صالحين للتطبيق ومحكوم ٌ عليهما بالفشل، خصوصا ً في جمهورية الضاحية “الضحية” التي هي في واد ٍ والدولة في واد ٍ آخر، وكلّ يغنّي على ليلاه.

السابق
أبواب «الشيوعي» مشرعة دون شروط مسبقة
التالي
«حزب الله» و «النصرة»: حلف ضدّ «الجنرال ثلج» والجيش خارجه