أفول نجم عباس ابراهيم ودوره: غادر الوسط إلى التطرّف

عباس ابراهيم
لعب المدير العام للأمن العام في لبنان، اللواء عباس ابراهيم، دورا أساسيا في التفاوض ضمن قضيتي المخطوفين لدى المعارضة السورية، في أعزاز وراهبات معلولا، بين جميع الأطراف المتناقضة، فهل سيعود لابراهيم الدور نفسه في قضية العسكريين المخطوفين أم أنّ نجمه في طور الأفول؟ خصوصا بعد "غضب" حزب الله منه، و"غيرة" نبيه برّي، و"فقدان الثقة" من المعارضة السورية المعتدلة به.

صعد نجم المدير العام للأمن العام في لبنان، اللواء عباس ابراهيم، في السياسية اللبنانية، على أنّه الرجل الشيعي العسكري، المقرّب من النظام السوري، والمنفتح على الدول الخليجية والأوروبية، رغم تناقضاتها مع المحور الذي ينتمي إليه. وزادت شهرته خصوصاّ بعد نجاحه في المهمة التي أُوكِلَت إليه من قبل الحكومة اللبنانية في التفاوض مع النظام السوري وقطر وتركيا وجبهة النصرة، من أجل تحرير مخطوفي أعزاز الشيعة، وراهبات معلولا المسيحيات.
الدور الذي أوكل إلى ابراهيم، والذي فشل به حزب الله وحركة أمل من جهة، والرئيس سعد الحريري من الجهة الأخرى، خصوصاً في قضية مخطوفي أعزاز، جعل لابراهيم شعبية في البيئة الشيعية التي شهدت “عجز” حزب الله، ربما للمرة الأولى. فجاء ابرهيم ونجح، وإن بتسهيلات من حزب الله نفسه. كما لو أنّ بيئة حزب الله أدركت أنّه لا بدّ من “رجال آخرين” للقيام بما يعجز عنه الحزب.
بعد نجاحه في مفاوضات مخطوفي أعزاز التي أدّت إلى الإفراج عنهم سالمين، تبيّن أنّ ابراهيم كان خصّص مبلغ مليون ليرة شهريا لكلّ عائلة من أهالي المخطوفين، وذلك من ميزانية المديرية العامة الأمن العام، خلال مدة اختطافهم… وهذا أخاف الثنائية الحزبية الشيعية.
نجم ابراهيم فأزعج حزب الله، وأقلق حركة أمل، ورئيسها نبيه برّي كونه الشيعي المنفتح، الشاب، نسبة إلى برّي، الذي من الممكن أن يكون منافساً قويّا في وجهه. وهذا ما دفع بإعلام الممانعة إلى توجيه سهام الإنتقاد إلى أداء ابراهيم، ومنها جريدة الأخبار المقربة من «حزب الله» التي نشرت انتقادا لاذعا في مقال بتاريخ 17 آذار الماضي. فقد كتب سامي كليب، أحد مدراء قناة “الميادين” الفضائية المموّلة من إيران وسورية، وزوج مستشارة الرئيس بشّار الأسد، الإعلامية لونا الشبل. هذا بالإضافة إلى توجيه رسائل مباشرة لابراهيم من خلال متفجرات مزروعة على طريق منزل اللواء ابراهيم في بلدة كوثرية السيّاد الجنوبية، فكّكها الجيش اللبناني.
فهل قام حزب الله بالتقليص من دور ابراهيم ومهاجمته إعلامياً من أجل حركة أمل؟ وهل استاء رئيس مجلس النواب نبيه برّي منه؟ خصوصاً أنّه حذّره في شهر حزيران من حضور مؤتمر لمخاتير الجنوب في الأونيسكو. وعمّم الخبر على الإعلام، فظهر في دور من يحمي برّي. برّي الذي يسوّق نفسه منذ 30 عاماً على أنّه هو من يحمي الشيعة، وحتّى يحمي “حزب الله” في السنوات العشرة الأخيرة!
في المقلب الآخر هناك تساؤلات عديدة حول دور اللواء عباس ابراهيم والأمن العام في الصراع الذي يجري في سورية وكيف يتعامل معه من موقعه كمدير عام للأمن العام؟ خصوصا بعد تسريبات عن تجاوزات يقوم بها ابراهيم بحقّ ناشطين في المعارضة السورية السلمية، “المعتدلة” بحسب التصنيف الغربي والدولي والإقليمي الجديد.
وهناك معلومات عن ازدواجية في تعامل بعض الأجهزة بين جبهة النصرة وداعش وبين المعارضين السوريين. كما لا يمكن غض النظر عن حادثة توقيف الفنانة السورية أصالة في مطار بيروت من قبل االأمن العام اللبناني، ودور عباس إبراهيم في هذا الإطار. فهناك معلومات عن أنّ هناك أجهزة تعتقل الناشطين “المعتدلين” وتسلّمهم إلى السلطات السورية، فيما تعيد معتقلي “النصرة” و”داعش” إلى “النصرة” و”داعش”…. وكلّ ذلك لإضعاف “الاعتدال” وتقوية “التطرّف”. هذا التطرّف” الذي يأخذه “حزب الله” حجة لتبرير قتاله في سورية.
أوساط في الجيش السوري الحرّ تؤكد أنّ الأجهزة الأمنية اللبنانية، أبرزها أمن العام، تقوم في الآونة الأخيرة باعتقال معارضين سوريين مدنيين ومن الجيش السوري الحر وتقوم بتسليمهم للنظام السوري، بينما هذه الأجهزة نفسها عندما تعتقل عنصر من جبهة النصرة أو داعش لا تتجرأ بتسليمهم إلى النظام السوري بل تسلمها إلى قيادات جبهة النصرة وداعش.
مصادر خاصة كشفت لـ«جنوبية» عن اسمي مُعارِضَين من الجيش السوري الحرّ سلمهما الأمن العام إلى النظام السوري، هما «محمود عبد الرحمن حمدان، الذي اعتقل بتهمة تهريب سلاح وحكم 6 أشهر وقضى محكوميته بسجن روميه وسلم الى الامن العام في 5 ايلول وآخر مرّة شاهده عمه بمكتب الامن العام في المصنع وبعدها اختفى والآن هو موجود في بسوريا بالفرع رقم 93 التابع للأمن العسكري بقيادة بشار الأسد. وبعد أن قضى الموقوف أسامة محمد قرقوز محكوميته في سجن روميه لمدة 9 اشهر، وقد كان متهما بقضية تهريب سلاح، تم تسليمه إلى الامن العام ومن ثم اختفى. وعندما سأل أهله عنه قال لهم احد عناصر قوى الأمن: ما تعذّبوا حالكم، صار بسورية».
فهل المطلوب من المعارضة السورية والجيش السوري الحر أن يخطفوا لبنانيين لكي يحترمهم عباس ابرهيم؟ وأن يقتلوا مخطوفين لكي يتوقّف عن إرسالهم إلى أجهزة القتل الأسدية؟ وهل خسر عباس ابرهيم “دوره” الإقليمي” الناشىء لحسابات سياسية لبنانية محلية ضيقة؟ وهل كان أصلا فقد “دوراً” ما حلم به في الداخل اللبناني بعد “غضب” حزب الله من حيثيته الشيعية وصوره التي رُفِعَت هنا وهناك في الضاحية والجنوب والبقاع؟ وبعد “غيرة” نبيه برّي من تسلّله إلى “شعبية” البيئة الحاضنة؟
الأكيد أنّ ابرهيم “خفت نجمه. لأسباب كثيرة مذكورة أعلاه. والأكيد أنّه بانحيازه إلى نظام الإجرام الأسدي بات “طرفاً”. و”الدور” لا يقبل بمتطرّفين كمفاوضين أو كـ”شيوخ صلح”.

السابق
مصادر: هاتف الأسد تواصل مع المشتبه في تنفيذهم اغتيال الحريري
التالي
الراعي: تجاوزات المجلس النيابي تقع ضحيتها العائلة اللبنانية