مجمع علماء في مطعم «الساحة»: ما تبقّى على مائدة «المقاومة»

إيران
في ظل التعقيدات السياسية التي تشهدها "الساحة" الإسلامية والتشابك الكبير بين المصالح والمنحى الدموي الذي تسير إليه الأوضاع، يكون انعقاد مؤتمرات مثل "مجمع علماء المقاومة" في مطعم "الساحة"، بمثابة حبة "بنادول" لمعالجة مريض يعاني من أمراض سرطانية، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن عنوان "المقاومة" صار يُنظر اليه في الشارع العربي على أنّه مجرد خدعة ايرانية واشعار حق يراد منه تصدير الثورة وخدمة المشروع الفارسي التوسعي.

انطلق بالامس في مطعم الساحة السياحي بضاحية بيروت الجنوبية المؤتمر التأسيسي لـ”مجمع علماء المقاومة”، كمحاولة ايرانية جديدة لتقديم نفسها كراعية اولى لحركات المقاومة في المنطقة.
تأتي هذه المحاولة الباهتة في ظل استعار الخلاف السياسي المتلبّس لبوسا مذهبيا على امتداد العالم الاسلامي وكمحاولة ايرانية مكشوفة لرفع مصحف المقاومة فوق رماح الفتنة، وبعد اخفاق كبير لـ”مجمع التقريب بين المذاهب” الذي يرأس أمانته العامة الشيخ الاراكي نفسه الذي يرعى الآن هذا المؤتمر، كدلالة على استبدال اللافتة المذهبية الإيرانية التي تلوّنت بالألوان الشيعية الفاقعة، ما حوّلها إلى خصم تاريخيّ وعدوّ تحتلّ المرتبة الأولى في وجدان العالم العربي والاسلامي بسبب سياساتها الصدامية مع الشارع السني، خصوصاّ في ما يتعلّق بوقوفها المطلق إلى جانب نظام بشّار الأسد (العلوي) ودعمها لحركة عبد الملك الحوثي من منطلق مذهبي سياسي.

الا ان مؤشر هذا المؤتمر الآن، وان كان يضم شخصيات علمائية رفيعة كالشيخ الاراكي، والشيخ الاختري (امين عام المجمع العالمي لأهل البيت)، والشيخ التسخيري (مستشار المرشد الأعلى لشؤن العالم الاسلامي)، إضافة الى مفتي سوريا الشيخ بدر الدين حسون ومفتي تونس الشيخ حمدة سعيد وغيرهم، فهو إنّما يدل على استمرار العقل الايراني باستعماله الادوات نفسها والاساليب نفسها التي اثبتت فشلها وعدم جدواها على مر العقود.

فلطالما سمعنا عن مؤتمرات تعقد سنويا وبشكل دوري وبرعاية ايرانية ينفق عليها ملايين الدولارات ترعاها ايران ان في داخل الجمهورية الاسلامية او خارج اراضيها، الا انّها لم تكن اكثر من مجرد ظاهرة صوتية لا تسمن ولا تغني عن حلول عملية المنطقة في امس الحاجة اليها.

ففي ظل التعقيدات السياسية التي تشهدها “الساحة” الإسلامية والتشابك الكبير بين المصالح والمنحى الدموي الذي تسير إليه الأوضاع، يكون انعقاد مؤتمرات كهذه أشبه بحبّة “بنادول” لمعالجة مريض يعاني من أمراض سرطانية، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ عنوان “المقاومة” صار يُنظر اليه في الشارع العربي على أنّه مجرد خدعة ايرانية وشعار حقّ يراد منه تصدير الثورة وخدمة المشروع الفارسي التوسعي. وبالتالي، فإن المطلوب الآن من ايران كما من الطرف الآخر خطوات اكثر جدية بكثير، على غرار التسوية التي حصلت مؤخرا في العراق، واي خطوات اقل من ذلك تعتبر الاعيب في الزمن الخطر، ولن تكون هذه المؤتمرات الا عبارة عن تنفيعات لا يستفيد منها الا اصحاب مطعم الساحة والعلماء المشاركون الذين سيتلذّذون بطعامه، ليخرج بعد ذلك علينا “مجمع علماء” لا يبرع أعضاؤه الا بأكل ما تبقّى من طعام على مائدة المقاومة.

السابق
بالفيديو رجل «غيور» لأوباما: «سيدي الرئيس، لا تلمس حبيبتي»
التالي
المعلم: مستمرون بالتعاون منظمة حظر الاسلحة الكيميائية