لهذه الأسباب المقايضة يجب أن تكون محرّمة

المخطوفين العسكريين
تتناول وسائل الاعلام موضوع المقايضة بين سجناء رومية الإسلاميين والأسرى اللبنانيين لدى "داعش" و"جبهة النصرة" بشكل كبير، خصوصاً بعد تصريح النائب وليد جنبلاط والوزير نهاد المشنوق اللّذين مهّدا اعلاميا للقبول بهذا المبدأ، وقد بدأت علامات الموافقة على المقايضة بالتداول في الإعلام. فهل يجب أن يكون هذا المبدأ مقبولاً؟

عادت الى الواجهة قضية مقايضة العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى “داعش” و”النصرة” بالمساجين الإسلاميين في سجن رومية، في تفاعل يبدو نوعاً ما جديداً على القضية. فبعدما كانت الحكومة قد أعلنت موقفاً برفض التبادل، يخرج بعض السياسيين ليمهّدوا الى العودة عن الرفض وقبول التبادل، فهل يجب أن نقبل به؟

يرى الكاتب المتخصّص في الجانب الامني عباس صالح انه على السلطات رفض  المقايضة لاسباب عديدة، منها:

عباس صالح

 

اولا: ان اي عملية مقايضة مهما كان المقابل الذي سيسدد بخساً وبسيطاً، فإنه سيكرس الشيخ مصطفى الحجيري  ومن معه حكاما فعليين على لبنان ويجعل من حكومته ومسؤوليه ادوات تنفيذية تُملى عليها الشروط من جرود عرسال او من مكان آخر وتُنفذ من دون مناقشة. بمعنى ان اي طلب لديهم سيكلفهم خطف عسكري او مدني عن اي طريق ليتنفذ بالكامل… وهذا سيفتح ابواب جهنم وسندفع الثمن غالياً.

ثانياً: ان الرضوخ الى مطالب الخاطفين وتسليمهم اي نوع من الموقوفين، ولا سيما اولئك المتهمين بالسيارات المفخخة يعني حكما عودتهم الى عنف أشرس من العنف السابق، بعد اكتشافهم ان ثمن تحريرهم رخيص للغاية. وبالتالي سيكون ضحاياهم من الابرياء والمدنيين اضعافا مضاعفة. وهذا يعني اننا سنكون انقذنا عددا من الجنود بأعداد كبيرة من الضحايا الذين سيقتلون حكما اذا خرج هؤلاء القتلة واعادوا ممارسة هواياتهم في القتل.

ثالثا: وبمجرد ما أن يتم اعتماد مبدأ المبادلة مع الارهابيين، في أي ملف كان فإن على المسؤولين والشخصيات السياسية ان يجهزوا أنفسهم ليوم ينفذ فيه الخاطفون عملية خطف كبيرة ويطلبون من الدولة الانسحاب الكامل من منطقة معينة وتسليمها لهم تحت وطأة الذبح اليومي. ومن بعدها سنجد انفسنا أمام مطالب أكبر وأكبر قد لا تنتهي أبداً.

رابعا : مبدأ الثواب والعقاب مطلوب جدا في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان، واذا كان مبدأ الرحمة والتعاطف الانساني مع أسير حرب يفرض علينا التنازل بعض الشيء، فلا يجوز البتة التعامل مع عسكري سلَّم سلاحه في خضم المعركة، وسلم نفسه للاعداء، على انه بطل من الابطال. وأعتقد ان معاملة هذا النوع من العسكر بشيء من الاستخفاف، ربما يكون مطلوبا ليكونوا عبرة لرفاقهم، في معارك لاحقة ليكون الدرس واضحا امام كل المقاتلين، من يسلم سلاحه سيلقى المصير الاسود، وحتى يستشرس العسكريون في القتال وفي الدفاع عن انفسهم، ولا يسلموا انفسهم وأسلحتهم بسهولة في مثل هذه الحالات.

بناء على رأي عباس صالح، يتبين ان مبدأ المقايضة الذي طرحه وليد جنبلاط سيكون له تبعات كثيرة تؤدي الى ضرب الهوية الوطنية للجيش اللبناني. فهل من طرح جديد قد يقدمه مجلس الوزراء اليوم في جلسته؟

السابق
قناة الجزيرة لن تعتذر عن تطاول فيصل القاسم
التالي
التنمية والتحرير وافقت على اقرار السلسلة وفق التعديلات المتفق عليها