الفتوة فوزي شحرور وفى بوعده: لا تأخذونني إلا جثّة

فوزي شحرور
فوزي شحرور هو شاب في الثامنة والعشرين من العمر، يملك معظم البسطات في سوق صبرا، أو يسيطر عليها، بقوة السلاح والسلطة تحت غطاء حزب لبناني نافذ، ويعمل في مجال الخوّات وأحياناً في تجارة المخدّرات.

كنت جالسا في أحد صالونات الحلاقة في الحرش – قرب صبرا – في زيارة لأحد المعارف، وإذ دخل علينا شاب يبلغ من العمر 28 عاما، عرفت لاحقا أنه متأهل وله أولاد. وبدأ بممازحة بعض الموجودين، والتنكيت والضحك معهم. فنظرت إليه إليه ولم أعرفه. ظننت أنّه شاب مهذّب مهضوم، طيّب القلب، ويتمتع بمكارم الأخلاق من دخوله وطريقة حديثه.

وقف هذا الشاب بعض الوقت داخل الصالون، وبعدها ذهب. سألت عنه: “من هذا الشاب الذي من الواضح أن الشباب كلها تحبه، وأظن أنه يوجد بعض الخوف منه؟”، وكانت الإجابة: “هذا فوزي شحرور ملك المنطقة”. فقلت متفاجئا فاتحاً عيني على وسعهما: “هذا هو فوزي شحرور!”.

بعدها، خرجت أحدّث نفسي، وأنا المتتبع لأخبار فوزي شحرور من أصدقائي في تلك المنطقة، لا أصدّق ما رأت عيني ولا ما سمعت أذني.

وفوزي شحرور، الشاب الذي ترتعد فرائص كل المنطقة من جرّاء سماع صوته فقط، يمتلك معظم بسطات الموجودة داخل سوق صبرا عنوة، وبقوة السلاح وتحت غطاء حزب سياسي، ولأنها طبعاً بكل بساطة أملاك عامّة للدولة.

فوزي شحرور

  فوزي شحرور

ففوزي شحرور يسمح لنفسه بتأجير أملاك الدولة العامة، بمبلغ وقدره خمسمائة ألف ليرة شهرياً، وهو طبعاً عليه حماية المستأجر والحرص عليه. ناهيك على أنه يسمح لصاحب عربة بالوقوف مكان الفلاني، مقابل دفعه 500 ألف ليرة لبنانية أيضاً، وبهذه الطريقة يحصل الأستاذ شحرور على ما يناهز العشرين ألف دولار شهرياً، في حسبة بسيطة.

وشحرور كان يمتلك بابا لمدخول آخر لخزيته الخاصة، من خلال “الخوات” التي كان يفرضها على المحلاّت هناك. وكان صيته يصل إلى برج البراجنة وحي السلم. إضافة إلى أنه اشتهر بإثارة المشاكل و”الزعرانات” وحرق محلاّت العاصين أمره، وإطلاق الرصاص عشوائياً، ناهيك عن مذكّرات التوقيف التي سطّرت بحقّه من قبل جميع الأجهزة الأمنية. لكنه كان وفيا جدا لكل من الرئيس نبيه بري وحزب الله.

ويملك شحرور جيشاً من الشباب المسلّح، يبلغ عديدهم حوالى 200 شاباً، يأتمرون بإمرته، ويكلّفهم بمهمات النشل، والخوّات والسرقات والزعرنات. ويشتهرون بإطلاق رشاقات الرصاص في الهواء خلال إلقاء خطاب لسماحة السيد حسن نصرالله أو للرئيس نبيه بري، وطبعاً مقابل راتب شهري محدّد من قبل مملكته الخاصّة دون ضريبة على القيمة المضافة.

وعلى ذمّة الراوي، فهو متورط، أو متهم بالتورط، في تعاطيه الحبوب المخدّرة، بحيث يبقى “طاير على بساط الريح”، غير واع كليّاً. إضافة إلى تجارته بالحشيشة وغيرها من المخدّرات، وطبعاً لزيادة أرباح الخزينة وتحكيم السيطرة المطبقة، على قاعدة المال والسلطة.

بناء على ما تقدم، ولهذه الأسباب أعلاه، أصبح هذا الشاب مطلوبا للعدالة بأي ثمن من الأثمان، ومراقبا خطوة بخطوة خارج منطقته، وكان يقول: “لا أسلّم نفسي إلا على جثّتي”. وصدق بقوله هذا، من خلال ما حدث معه أمس حين باغتته دورية تابعة لاستخبارات الجيش اللبناني كانت تراقبه، أرادت أن توقفه، فلم ينصع إلى الأوامر، وكان معه زوجته، وثمانية شبان، وكلهم مسلحين. أطلق النار على الدورية… فبادرته بالمثل، ليصاب في خاصرته ويقع على الأرض، وما لبث أن فارق الحياة.

مات فوزي شحرور، شابا لم يبلغ الثلاثين. وبقي الفقراء يتتظرون من يرثه ليسطو على تعبهم بفرض اﻷتاوات، بغطاء من حركة نافذة كانت تأويه… مات فوزي شحرور في يقظة غريبة للعدالة في ضاحية بيروت الجنوبية.

السابق
الولايات المتحدة تدعم المدارس اللبنانية 
التالي
تنزيه زوجات الأنبياء عن الفاحشة في الضاحية