عن إعلام «توم وجيري»: التكرار بفيد الشطار

الإعلام اللبناني
ينشر موقع جنوبية مقال نقدي ساخر اجتماعي وسياسي يكتبه الشيخ بلال موّاس، من وحي يومياتنا والأمور الّتي تصادفنا يومياً، ولها علاقة بالنسيج اللبناني الاجتماعي. والمقال هذا الأسبوع عن تكرا وسائل الإعلام البناني لنفس العبارات واستخدامها نفس الجمل.

وفي الإعادة إفادة، ولكن ليس بشكل دائم، حيث تعمد غالبية وسائل الإعلام اللبنانية إلى استخدام جملِ وعبارات، بعضها لا قيمة غير القيمة الإنشائية له، وبعضها أسئلة ترمى في أي مكان أو زمان، وبعضها غير منطقية على الإطلاق… وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تكرار النفس وترافق أي حدث تلقائياً بما يشبه لازمتي “توم وجيري” فمتى ما قلنا “توم” يتبعها لزوماً “جيري”.
ومن هذه العبارات على سبيل المثال لا الحصر:
1. لماذا الآن؟

فعند أي حدث أو تفجير أو اعتقال أو تظاهر، حتى لو قام أحد المسؤولين بعملية طهور لطفله، لا بد أن تتساءل وسائلنا الإعلامية… لماذا الآن؟ وكأنهم يوحون بأنهم يعلمون ما وراء الحدث وما بين السطور، والجواب البديهي على هذا السؤال .. إذا لم يكن الآن، فأي وقت يناسبكم؟

2. دخل البلد في نفق مظلم.

إذا تأجلت الإنتخابات أو شغر الموقع الرئاسي أو اغتيل أحد المسؤولين أو انفجرت مفخخة ما أو أُقرت بعض القوانين، يسارعون إلى استخدام عبارة أن هذا الأمر “سيدخل البلاد في نفق مظلم”، وكلنا يعلم أن غالبية هذه الأحداث عادة تأتي تترا وبالتالي يبدو وبفضل وسائلنا الإعلامية أننا سنبقى مخلدين في هذا النفق.

3. البلد على كف عفريت.

وهي جملة دائمة الاستخدام ولغاية الآن لم ندرك من هو هذا العفريت، وهل يمكن – مهما بلغت قوته – أن يبقى حاملاً البلد على كفه من تاريخ تأسيس هذه الجمهورية إلى يومنا هذا، ومن دون – على الأقل – أن يشعر ببعض التنميل في يده؟

4. نحن على منعطف خطر!

بحسب كل ما يجري في هذا البلد، وبحسب اكتشاف وسائلنا الإعلامية الميمونة أن البلاد في منعطف خطر .. بتنا نشعر وكأن الوضع برمته هو يدور ضمن حلقة دائرية، في أي مرحلة من مراحله، ستجد أننا موجودون في “منعطف خطر”.

5. وماذا بعد؟

سؤال سخيف وراء أي حدث وجوابه أننا الآن نعيش في مرحلة “بعد” الحدث السابق، وسنعيش لاحقاً كما عشنا اليوم.

6. إن ما جرى هو رسالة!

استنتاج رهيب، يدل على ذكاء خارق فهل يعقل أن يقع أي حدث أو حادث أو حديث من دون أن يكون متضمناً لرسالة ما يريد فاعلها إيصاله لطرف ما؟

7. الخلاف لا يفسد للود قضية.

أي أنه يمكن لطرفي نزاع، أن يتعاركوا ويتقاتلوا ويتذابحوا ويتشاتموا ويلعنوا بعضهم بعضا… إلا أنه وبحسب وسائل الإعلام اللبنانية… الخلاف لا يفسد للود قضية.

8. بالإضافة إلى تشكيلة واسعة من العبارات التي لا تقبل الضد، مثال “جريمة بشعة” وهل هناك جريمة حلوة؟؟ أو “قتله بوحشية” يفهم من أنه هناك قتل مع موسيقى رومانسية؟ أو “معارك عنيفة” فلو كانت خفيفة لسميت إشتباكات، وهناك وهناك وهناك… ولكن أروع عبارة يمكن سماعها هي عندما يقول المذيع: بشوفكن بوكرا ولا زالت المختبرات عاكفة حتى اللحظة، عن فهم كيف يمكن للمذيع أن يرى المشاهدين!!

السابق
عن المبادرات الّلبنانية الّتي لا تمسك بالثور من قرنيه
التالي
مضخة مياه لمشروع مرج الخوخ