لماذا يخشى حزب الله رياح التسوية؟

إذا ما كان قد نجح حزب الله بتحويل هزيمته العسكرية والسياسية في ال 2006 الى نصر الهي عبر بروبوغندا إعلامية مصحوبة بكم هائل من الأموال اغدقت بشكل ملفت على كل المتضررين من الحرب حينها الا أن تكرار هذا الامر غير مضمون خصوصا بالنسبة الى حربه في سوريا.

إذا ما كان قد نجح حزب الله بتحويل هزيمته العسكرية والسياسية في ال 2006 الى نصر الهي عبر بروبوغندا إعلامية مصحوبة بكم هائل من الأموال اغدقت بشكل ملفت على كل المتضررين من الحرب حينها الا أن تكرار هذا الامر غير مضمون خصوصا بالنسبة الى حربه في سوريا.

تنتشر منذ ايام على امتداد الطرقات المؤدية الى الجنوب وداخل الضاحية الجنوبية لبيروت كما في القرى والمدن يافطات مكتوب عليها عبارة “اعدكم بالنصر دائما ” مذيلة بامضاء امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
صحيح أنّ هذه العبارة مقتطعة من خطاب له يعود الى مثل هذا التاريخ من عام 2006 خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، الا ان مضامينها التعبوية تعكس ثقافة حزب اللهية يراد منها ملامسة اللحظة، في ظل خوض الحزب لحربه الجديدة الى جانب النظام السوري.
وبغض النظر عن المغالطة الكبرى التي تحملها هذه العبارة والتي لم تتحقق لاي من جيوش العالم على امتداد التاريخ بما فيها حقبة الرسول الأعظم (ص) المدعوم مباشرة من السماء حيث مني جيش المسلمين وقتها بأكثر من هزيمة كما في معارك اٌحد وحنين ومؤتة، وحيث لا وجود في الفكر الديني أي منشأ لفكرة ” النصر الدائم ” التي يعمد الحزب الى تعميمها والتغني بها حتى أضحت تشكل جزءا أساسيا من تربيته الحزبية مما جعل حزب الله في عيون محازبيه ومناصريه “الحزب الذي لا يقهر”.
فاذا ما كان قد نجح حزب الله بتحويل هزيمته العسكرية والسياسية في ال 2006 الى نصر الهي عبر بروبوغندا إعلامية مصحوبة بكم هائل من الأموال اغدقت بشكل ملفت على كل المتضررين من الحرب حينها الا أن تكرار هذا الامر غير مضمون خصوصا بالنسبة الى حربه في سوريا.
فعلى الجبهة الجنوبية مع العدو الإسرائيلي التي تشهد هدوءا كاملا على مدى كل هذه السنوات نتيجة القرار الدولي 1701 والذي وقعه الحزب حينها، الا انه قد استعاض عنها بافلام توثُق انتصارات حقيقية يعمد اعلامه على بثها بشكل دائم مما يسمح له بالقول إن حالة العداء مع إسرائيل لا تزال قائمة (ولو تلفزيونيا) وإن جهوزيته لخوض حرب جديدة مع العدو لم تتأثر وهذا ما يحرص على التذكير به في كل المناسبات.
الا ان الجبهة الغربية (الحرب في سوريا) والتي حشد لها حزب الله فضلا عن إمكانيات لوجستية ضخمة، كمّا هائلا من المخزون الثقافي المذهبي فرضتها عليه تحّول البندقية الى الاتجاه الاخر، واملت عليه استحضار ما تيسر له من روايات واحاديث موجودة في التراث الشيعي، وعمل بجهد ضخم على اسقاطها على الواقع السوري، حتى اضحى ابن حزب الله مقتنعا تماما بانه انما يقاتل في سوريا دفاعا عن اصل التشيع وعن”حرية” السيدة زينب ومنع السبي عنها. وتحويل طابع المعركة الى معركة مفصلية بين الحق والباطل، وانها المعركة المنتظرة بين السفياني الطالع من (الوادي اليابس- درعا) وبين الامام المهدي، وبالتالي فلا مجال البتة للحديث هنا عن أي نوع من أنواع التهدئة او التهاون فضلا عن أي مجال للتسوية.
وهذا اكثر ما يخشاه حزب الله هذه الأيام لان أي تسوية هنا لا تعني فقط أن التضحيات ومئات من الشهداء قد ذهبت دماؤهم هدرا، وانما تعني بشكل اخطر سقوط مدوي للمرتكزات الثقافية والفكرية التي تقوم عليها منطلقات هذا الحزب وعقيدته.
فلو سلمنا جدلا بقدرة الحزب على اقناع مناصريه بمرحلة ما بعد التسوية أنّ “لانتصاراته” العسكرية الأثر الأكبر في تحقق اية تسوية، الا انه من سابع المستحيلات اقناع الشيعة (المناصرين) بان “السفياني” الذي يُفترض انهم يحاربونه هو شخص يمكن التفاوض معه، ويمكن بعد ذلك إيجاد مساحة مشتركة بينهما تسمح بالوقوف عليها جنبا الى جنب، وهذا الامر ان حصل فلا يمكن ان يعني الا امرا واحدا لا ثاني له وهو انكشاف بطلان وزيف كل المحمولات العقائدية التي ساقها على مدى سنوات، والتي تشكل الرافعة الأهم لهذا الحزب العقائدي، مما سيسمح بفتح الطريق واسعا بعد ذلك للتشكيك بمصداقية كل المتعلقات الفكرية للحزب ابتداءا من فكرة ولاية الفقيه ونزولا، وهذا اخطر ما يخشاه الحزب.

السابق
3 اصابات بانهيار جسر في صور
التالي
صقر ادعى على 43 سوريا بينهم عماد جمعة واحالهم الى ابو غيدا