ما بعد «الخلافة الاسلامية»: حرب مذهبية طاحنة ام تسوية شاملة؟

قاسم قصير

اثار اعلان تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام-داعش” اقامة الخلافة الاسلامية ومبايعة ابي بكر البغدادي خليفة على هذه الدولة ،الكثير من علامات الاستفهام وردود الفعل والمخاوف والتوقعات المستقبلية.

فبعض المواقف شككت بهذا الاعلان وتحدثت عن وجود جهات دولية واقليمية تقف وراء “داعش” وهي تريد دفع المنطقة نحو صراع مذهبي كبير، في حين شككت العديد من القيادات والحركات الاسلامية بشرعية هذا الاعلان واعتبرت ان اعلان اقامة الخلافة لا يتم بهذا الاسلوب، في حين ان اوساطا مراقبة اعتبرت ان هذا التطور سيكون له تداعيات خطيرة جيو-سياسية واستراتيجية وعسكرية لان هذه الدولة تمتلك قدرات عسكرية ومالية وبشرية كبيرة وهي قادرة على فرض سيطرتها على مساحات واسعة على الارض، واذا نجحت هذه الدولة في تثبيت واقعها على الارض في ظل عدم وجود قوى دولية او اقليمية غير قادرة او غير راغبة على مواجهتها فهذا يعني اننا سنكون امام واقع تقسيمي جديد في المنطقة مما يمهد لقيام دولة كردية ودول طائفية ومذهبية اخرى في المنطقة وهذا هو الحلم الصهيوني منذ سنوات طويلة.

لكن كيف تنظر الاوساط الاسلامية في لبنان لما حصل ؟ وماهي الاحتمالات المتوقعة في المرحلة المقبلة؟

مصادر قيادية اسلامية في لبنان تعتبر : ان ماجرى من اعلان للخلافة الاسلامية من قبل تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) يشكل تطورا خطيرا على مستوى كل المنطقة وبغض النظر اذا كانت (داعش) تتحرك بقرار ذاتي او ان هناك جهات اقليمية ودولية تقف ورائها ، فان هذا الاعلان سيفتح الباب في المنطقة على صراع مذهبي- عرقي – قومي كبير لاننا سنكون امام دولة سنية تحيط بها دولة كردية وقد نكون ايضا امام دول شيعية وعلوية في العراق وسوريا ، اضافة لوجود الجمهورية الاسلامية الايرانية التي ينظر اليها الكثيرون ان لديها مشروعا شيعيا او فارسيا للسيطرة على المنطقة ،بغض النظر عن دقة هذا الوصف، ويحيط بكل ذلك دول اخرى تواجه تحديات مختلفة كالاردن والسعودية وتركيا.

وتضيف المصادر: كل هذا الواقع سيفتح الباب امام صراعات مذهبية-عرقية-قومية وسيكون الكيان الصهيوني (ومن ورائه اميركا ) المستفيد الاول من هذه الصراعات لان ذلك سيمهد لقيام الدولة اليهودية وطرد الفلسطينيين من اراضي 1948 و وبعض مناطق الضفة الغربية باتجاه الاردن كي يكون هذا البلد مع بعض الاراضي الفلسطينية ” الكيان الفلسطيني المستقبلي”، كما ستتحول المنطقة الى ساحات صراعات مذهبية وعرقية مستمرة ولا احد يعرف الى اين سنصل بعد ذلك.

لكن هل هناك خيارات اخرى لمواجهة هذا الاحتمال؟ تجيب المصادر القيادية الاسلامية: ان قطع الطريق امام هذا السيناريو الخطير للاوضاع في المنطقة يتطلب الاسراع في البحث عن تسوية شاملة تشمل كل ملفات المنطقة وخصوصا على صعيد الاوضاع في سوريا والعراق بحيث يتم تقديم تنازلات كبيرة من الاطراف الاساسية لوقف الصراع في هذين البلدين والعمل من اجل اعادة بناء السلطة واشراك جميع المكونات الاساسية في هذا المشروع، وكل ذلك يتطلب اتصالات سريعة بين الدول الاساسية في المنطقة وخصوصا ايران والسعودية وتركيا ومصر للبحث عن حلول سريعة لمختلف الازمات ودراسة كيفية تجاوز هذه الازمة ومحاصرة تنظيم (داعش) قبل ان يمتد خطره الى كل دول المنطقة.

ومع ان المصادر القيادية الاسلامية تعترف بصعوبة هذا الحل او التسوية بسبب تداخل العوامل الدولية والاقليمية والمحلية في الصراعات القائمة وازدياد الحالة المذهبية والطائفية في المنطقة واستمرار الصراع العسكري في سوريا والعراق، فان هذه المصادر تؤكد على ضرورة المسارعة في الاتصالات واللقاءات بين مختلف الاطراف الفاعلة في المنطقة لان فرصة الحل لا تزال موجودة اليوم اما اذا تصاعد الصراع المذهبي في الايام المقبلة فاننا سنكون امام مخاطر كبرى لا احد يعلم الى اين ستوصلنا.

السابق
الرواية الكاملة لاستهداف عباس ابراهيم بضهر البيدر
التالي
الاستحقاق الرئاسي بند اساسي في الاجتماع الدولي الرباعي غدا