شيفرة رسالة أبو عسّاف: سوريون انتحاريون بدل اللبنانيين

الطيونة
ظنّ بعض اللبنانيين أنّ لبنان بات محيّدا بعد الهدنة السياسية الداخلية وتشكيل حكومة وحدة وطنية. إلا أنّ التفجيرات عادت مع فارق جوهري: التفجيران الأخيران، أي ضهر البيدر والطيونة (أبو عسّاف) نفّذهما سوريان، وتزامنا مع عودة معارك القلمون بين حزب الله وفصائل المعارضة السورية، بعدما كان الانتحاريان السابقان لبنانيين. فـ"باعث الرسائل" الدموية إلى الضاحية يريد القول إنّ "المشكلة في لبنان محيّدة"، وأنّ التفجيرين الأخيرين "سوريان" ولا يدخلان ضمن "الكباش" اللبناني بل ضمن "الصراع السوري".

ظنّ بعض اللبنانيين أنّ لبنان بات محيّدا بعد الهدنة السياسية الداخلية وتشكيل حكومة وحدة وطنية. إلا أنّ التفجيرات عادت مع فارق جوهري: التفجيران الأخيران، أي ضهر البيدر والطيونة (أبو عسّاف) نفّذهما سوريان، وتزامنا مع عودة معارك القلمون بين حزب الله وفصائل المعارضة السورية، بعدما كان الانتحاريان السابقان لبنانيين. فـ”باعث الرسائل” الدموية إلى الضاحية يريد القول إنّ “المشكلة في لبنان محيّدة”، وأنّ التفجيرين الأخيرين “سوريان” ولا يدخلان ضمن “الكباش” اللبناني بل ضمن “الصراع السوري”.

خلال فترة التفجيرات الإرهابية الماضية كان الانتحاريون لبنانيين، من انتحاري حارة حريك اللبناني قتيبة محمد الصاطم، وانتحاري السفارة الإيرانيه معين أبو ظهر، ونضال المغير ابن مخيم البيساريّة. وكانت حالة “الإحباط السنّي” تتفاقم. وكان الشباب السنّي يبحث عن بديل عن تيار المستقبل. وهذا البديل كان التيارات الاسلامية المتطرفة. وحالة أحمد الاسير هي خير دليل على التغييرات التي طالت الساحة السنية.
فطرابلس التي ترتبط تاريخيا بسوريا تأثّرت بشكل واضح بالازمة السورية وعادت محاور القتال بين جبل محسن ذات الأكثرية العلوية والمدين بالولاء للرئيس السوري بشار الأسد، وبين بحر الشمال السنّي. كل هذا سبقه إقصاء متعمد من حزب الله لتيار المستقبل واستبعاد زعيمه سعد الحريري بالقمصان السود عن رئاسة الحكومة.
بعد سلسلة التفجيرات الانتحارية الارهابية التي ضربت ضاحية بيروت الجنوبية ومحيطها منذ سنة تقريبا، أدرك حزب الله عقم الحل الأمني، هو المصرّ على بقاء قواته في سوريا لمساعدة نظام الأسد رغم تحذيرات المنظمات الارهابية التي ارسلت الانتحاريين من القاعدة وجبهة نصرة وكتائب عبدالله عزام وغيرهم… فكان الالتفاف السياسي واعادة تشكيل حكومة وحدة وطنيّة برئاسة تمام سلام هو الحلّ، ووافق حزب الله على إشراك تيار المستقبل بشكل فعال مسلّما الاخير اهم المراكز الحكوميّة ، كوزارة الداخليّة ووزارة العدل، وذلك كي يعود هذا التيار السني المعتدل، غير المتطرّف إسلاميا، والذي أسّسه الشهيد رفيق الحريري، قائدا فعليا للطائفة السنيّة في لبنان.
وغنيّ عن القول إنّ عودة الشراكة السياسية الحقيقية الى الحياة السياسية في لبنان كانت هي المدماك الأوّل في عودة الهدوء والاستقرار اليه. فهدأت الاضطرابات الأمنية في مدينة طرابلس والقي القبض على “قادة المحاور” بعد فرار قائد جبل محسن رفعت عيد ووالده علي الى سوريا. كل ذلك جرى بإشراف تيار المستقبل ورضا الطائفة السنيّة التي استكانت بعدما اطمأنت وزالت هواجس عزلها وتهميشها.
الا انه وبعد هدنة سياسية وأمنية استمرت أشهرا قليلة، عادت التفجيرات الارهابية مع فارق جوهري أنّ التفجيريين الأخيرين، أي ضهر البيدر والطيونة، نفّذهما سوريان وتزامنا مع عودة معارك القلمون بين حزب الله وفصائل المعارضة السورية.
وهذا الامر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على أنّ مشكلة حزب الله لا تقتصر على الداخل اللبناني وأنّ عودة الموت الآتي من الشرق السوري بحاجة الى خطوة أكثر جرأة من حزب الله وحلفائه. وهي دون شك: إقفال هذه الحدود نهائيا في وجه السلاح والمسلحين من أي اتجاه انتموا.
وهذا يدلّ أولا على أنّ “باعث الرسائل” الدموية إلى الضاحية يريد القول إنّ “المشكلة في لبنان محيّدة”، وأنّ التفجيرين الأخيرين هما ردّ على تجديد معارك القلمون، وأنّهما تفجيران “سوريان” ولا يدخلان ضمن “الكباش” اللبناني بل ضمن “الصراع السوري”.
وإذا كان الخبراء يقدّرون عدد مقاتلي حزب الله في سوريا بخمسة آلاف، وطريق دعمهم اللوجستي مفتوح عبر الموانىء والأجواء السورية، فما هي الحاجة إلى بقاء الحدود البرية اللبنانية مفتوحة، فيستغلها الارهابي القادم من سوريا ويدخل بواسطتها مع عدّة التفجير والقتل؟
بعد الشراكة السياسية الناجحة في لبنان، نحتاج الى مناعة وطنيّة لدرء حمام الدم عن أهلنا، وهذا لا يكون الا بالاتفاق على إقفال باب الجحيم السوري، ومنع ناره المحرقة من التهام استقرارنا الأمني وسلامنا فيما بيننا، الذي نتطلّع إليه في زمن مطحنة الفتنة الطائفية التي تعمّ المنطقة.

السابق
شبح الأسير فوق مسرح تفجير الطيونة
التالي
الجيش يوقف خلية ارهابية كانت تخطط لاغتيال أحد كبار الضباط الامنيين في الشمال