الجهاديون الاسلاميون بين الدفاع عن الوجود وتحقيق مطالب الاعداء

يواجه الجهاديون الاسلاميون السنة والشيعة ( بغض النظر لاي تنظيم او حزب او حركة انتموا) اشكالية كبيرة بين سعيهم لتحقيق الاهداف السامية التي يعلنون عن سعيهم لتحقيقها وبين غرقهم في الصراعات الداخلية، مما يجعلهم ادوات لخدمة الاعداء الذين يقولون انهم يقاتلونهم او يقاتلون حلفائهم؟

ولكي لا نبقى في التعميم نعطي نماذج مباشرة ، فحزب الله يعلن انه يواجه الكيان الصهيوني والمشروع الاميركي وان قناله في سوريا يهدف للدفاع عن المقاومة وان من يواجههم من تنظيمات اسلامية يخدمون المشروع الاميركي والصهيوني.

لكننا بدأنا نلاحظ ان الاميركيين والغربيين وبعض الدول العربية التي يعلن حزب الله انه يواجه مشروعها بدأت تواجه هذه المجموعات الاسلامية وتعتبر انها تشكل خطرا على امنها القومي.

وبالمقابل تعلن المجموعات الاسلامية الجهادية التي تقاتل في سوريا والعراق ودول اخرى انها تواجه الانظمة المدعومة من اميركا وان جهادها يهدف لاقامة حكم الاسلام وان قتالها لحزب الله لانه يدعم النظام السوري ويتحالف مع ايران الفارسية، لكن هذه المجموعات بدل ان تقاتل حزب الله وحلفائه بدأت تتقاتل فيما بينها وهي تقتل مجاهدين كانوا يقاتلون الاميركيين والاسرائيليين .

 واميركا واسرائيل تعبران عن سرورهما لقتال الجهاديين الاسلاميين فيما بينهما وهما تعتبران ان ما يجري في سوريا يساعد في التخلص من كل الجهاديين الاسلاميين سواء كانوا سنة او شيعة، اذن فبدل ان يخدم الجهاديون الاسلاميون اهدافهم فانهم يحققون ما يريده الاميركيون والغربيون والاسرائيليون.

ومع ان كل فريق جهادي اسلامي لديه تبريرات مقنعة لما يقوم به، فان النتيجة ان الصراع الدائر سواء في سوريا او العراق او ليبيا او مصر او اليمن او اية دولة عربية او اسلامية يستفيد منه الاعداء، وهذا ماحصل خلال الحرب العراقية-الايرانية والتي استفاد منها الاعداء واستمرت طيلة سبع سنوات وكانت اميركا والغرب تعمل لابقاء الاستنزاف بين ايران والعراق وتمد الطرفين بالسلاح ليقاتلوا بعضهم بعضا، الى ان اقتنع الطرفان وخصوصا الامام الخميني بضرورة وقف الحرب والقبول بالقرار 589.

ومع ان حزب الله كان يحرص تاريخيا على عدم الدخول في صراع مع تنظيم القاعدة والتنظيمات الاسلامية الجهادية رغم الخلاف بالاولويات ، بل جرت محاولات عديدة لفتح قنوات التواصل بين القاعدة وحزب الله، كما ان ايران احتضنت بعض قيادات القاعدة التي هربت من افغانستان ، وتعاطفت مع الجهاديين الاسلاميين في اكثر من بلد عربي واسلامي، واما اليوم فنجد ان الحزب وايران يخوضان حربا قاسية مع هذه التنظيمات بسبب الوضع السوري، كما ان العراق يشهد قتالا شرسا بين داعش والحكومة العراقية ويسقط الاف الضحايا بسبب هذه الصراعات.

والملاحظ ان اميركا  واسرائيل والغرب يشجعون الجهاديين الاسلاميين للقتال فيما بينهم وهم مسرورون لما يجري من قتال لانه يبعد عنهم الخطر المستقبلي.

اذن لماذا يستمر هذا القتال؟ فاذا كان دفاعا عن المقاومة ، فالمقاومة المتضرر الاكبر، واذا كان من اجل تطبيق الحكم الاسلامي واقامة حكم الله ، فما يجري لا يحقق ذلك بل يضر بالاسلام والمسلمين والضحايا بعشرات الالاف والامور تتجه نحو الاسوأ في كل الدول التي يجري فيها القتال والصراع.

واذا اردنا ان نحسن الظن بالجميع ونقول انهم لا يقومون بهذه الصراعات بقرار اميركي او غربي ، وهذا هو الاحتمال الاقوى ، لكن ما يجري يخدم اميركا والغرب واسرائيل ، وكل ذلك بتطلب وقفة جريئة من الجميع لاعادة دراسة الامور والتوقف عن هذا القتال العبثي، ومع اننا لا نتوقع استجابة سريعة لهذا النداء، فعلى الاقل لنبدأ حوارا داخليا داخل كل فريق لنعرف الى اين يتجه؟ ومن يخدم؟ وليسأل كل منا نفسه : لماذا تقف اميركا واسرائيل والغرب مسرورون لما يجري وهم يساعدوا بشكل او باخر لاستمرار هذا الصراع العبثي؟

اليس هناك رجل رشيد يقول للجميع: كفوا عن هذه الصراعات العبثية وعودوا الى رشدكم وليكن العدو الصهيوني والمشاريع الغربية والاميركية هي من نستهدف بدل ان نقتل انفسنا بأيدينا.

السابق
اشتباك بين برّي والسنيورة: انتهى شهر العسل الحكومي؟
التالي
وزيرة المال السابقة ريا الحسن: مررنا بمراحل صعبة جداً واليوم اصبحت اصعب