في اليوم العالمي ضدّ التدخين: لبنان عاد يدخّن بالأماكن العامة

أثبتت الدراسات والأبحاث الحديثة عموماً في أكثر من بلد حول العالم أنّ جهود دفع المدخنين الى الإقلاع عن التدخين لم تفلح في أفضل الأحوال إلا مع 20 % من المدخنين المستهدفين، فيما عاد 80 % منهم إلى التدخين مجدداً. وفي لبنان معروف أنّ الحانات والمطاعم والمقاهي عادت لتسمح بالتدخين، وسط "تطنيش" الجهات المسؤولة عن تنفيذ قانون منع التدخين في الأماكن العامة.

بيّنت تقارير منظمة الصحة العالمية أنّ هناك 5,400,000 وفاة سنوية لها علاقة مباشرة بالتدخين، ومن المتوقع ان يرتفع هذا الرقم الى 8,000,000 مع حلول سنة 2030 وما يناهز المليار حالة وفاة سنويا مع نهاية القرن الحالي، بسبب التدخين.

وتتهم منظمة الصحة العالمية مصنعي منتجات التبغ بالاستمرار في تسويق هذا المنتج الخطير، وخصوصا استهدافها الشباب الأصغرعمراً، وذلك من خلال ربط التدخين ربطاً زائفاً بالوجاهة والحيوية والسعادة.

دعاية دخان

ودعت منظمة الصحة العالمية حكومات العالم إلى حظر الإعلانات التجارية المروّجة لمنتجات التبغ، في محاولة لمنع الشباب من التعلق بالسجائر حتى الإدمان عليها. وتتهم المنظمة الشركات المصنّعة لمنتجات التبغ باستخدام أساليب ومهارات تسويق وترويج ذكية ومتطورة، لجرّ الشباب إلى التدخين، تحديدا في البلدان الفقيرة.

هذا الاتهام الصريح للشركات اكّدته منظمة الصحة العالمية لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التدخين الذي يصادف في 31 من أيار / مايو من كل عام.

وأشارت المنظمة إلى أن نحو 5 % فقط من سكان العالم يتمتعون بقرارات حظر الدعايات التجارية لمنتجات التبغ والترويج لها، في وقت تتوالى الدراسات العلمية التي تثبت الاضرار الصحية للتدخين فضلا عن التعرض لدخانه، وذلك بسبب ما يحتويه من مواد سرطانية واخرى كيميائية كأول اوكسيد الكربون والفورمول وغيرهما من المواد السامة.

التدخين يقتل

والتدخين هو الوباء الفتّاك، الذي نختاره، والذي يعصف بالبشرية منذ اكثر من قرن ويهدد العديد من الارواح ويزيد من التكلفة الباهظة على الفاتورة الصحية والاقتصادية للكثير من الدول، خصوصا النامية منها.

ويسجّل على لبنان انه مقصّر جداً في سن القوانين التي ينص عليها اتفاق منظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ. ومع غياب القوانين يفتح الباب واسعاً امام شركات التبغ لاغراق الاسواق اللبنانية بلا حسيب ولا رقيب بنوعية هذه المنتجات وتسويقها الى الشابات والشباب وصغار السن. رغم قرار منع التدخين في المؤسسات الرسمية الا انني شهدت شخصيا احد المسؤولي في مؤسسة الضمان الاجتماعي يدخّن امام الجميع دون خوف او وجل، ومثله “تطنيش” عام أوقف، عمليا، العمل بقرار منع التدخين في الأماكن العامة، خصوصا الدوائر الرسمية والمقاهي والمطاعم والحانات.

التتدخين في الاماكن العامة

ومعلوم ان كل الدول العربية وضعت برامج واضحة ومتكاملة في هذا الشأن، وهي تتسابق على الاضطلاع بأدوار في هذه المجالس العالمية. فغالبية الدول سبقت لبنان في وضع بلادها ضمن مواقع تسمح لها بادوار ريادية لمكافحة التدخين معززة هذا الجهد الدولي الذي سيعود عليها بمكاسب صحية ومالية كبيرة.

وتشير الدراسات والاحصاءات الى ان هذه االآفة التي تتحول الى وباء قاتل لا احد بمنأى عن اضرارها، وفي هذا الاطار يسجل الخطر الكبير الذي يحيط بـ 150 الف طفل يتعرضون لمضار التدخين ونتائجه المميتة سنويا.

وكانت لجنة الصحة في البرلمان اللبناني قد أعدت عام 2003، مشروع قانون، تناول في أحد بنوده الرئيسية، مسألة حظر الترويج للتبغ ولمواد التدخين من خلال الاعلانات في وسائل الاعلام، على أن يتم العمل بذلك تدريجيا وصولا الى منعها تماما. الا ان القرار لم يصدر الا العام الماضي.

منع التدخين في الاماكن العامة

وتدور حملات التوعية الصحية حول:

مساحة التحذير الحالية من مخاطر التدخين الموجودة في السجائر.

توقيف بيع الدخان للاطفال في المحال التجارية.

وكان خبراء الصحة والاعلان قد دعوا الى ان تغطي عبارات التحذير من التدخين حوالي 50 % من مساحة العلبة، وان تشمل صوراً فوتوغرافية ملونة تظهر مساوئ التدخين. فثمة حاجة اضافية  لوضع القوانين التي تمنع بيع هذه المنتجات للقاصرين على قارعات الطرق وقرب المدارس وانزال العقوبات المادية الصارمة بالمخالفين.

والمخاطرالراهنة تدفع الخبراء الى لتأكيد على وجوب منع بيع السجائر الافرادية وعدم السماح لشركات التبغ برعاية برامج ترفيهية او نشاطات رياضية تحت غطاء تنمية الحس الاجتماعي والغيرة على نشأة الجيل الصاعد.

ويحاول المدخّنون التخلص من هذه الآفة وهم يحاولون تكراراً الاقلاع عن هذه العادة ولكن بنتائج متفاوتة، الامر الذي يحمّل الدولة اللبنانية والمراكز الصحية والعيادات مسؤولية توفير برامج ثبتت فاعليتها لتساعد ابناء هذا المجتمع من المدخنين الذين يمثلون نسبة عالية بين افراده لتحقيق الهدف المنشود الذي يصب في خدمة الجميع، مدخنين وغير مدخنين.

اول خطوة على طريق العلاج ربما تأتي من طريق اللجان البرلمانية المسؤولة عن سنّ واقرارالقوانين المطلوبة والتعاون مع الحكومة اللبنانية ودوائرها المعنية كادارة حصر التبغ والتنباك وغيرها لتنفيذ هذه القوانين بالقدر المطلوب والمسؤول.

مسؤولية الحكومة لا تعفي الاخرين من مسؤولياتهم، فثمة مسؤولية على الجمعيات الاهلية والمؤسسات غير الحكومية والمعنية بشؤون كهذه، كما ان جزءاً من المسؤولية يقع في الاساس على الاهل من حيث مراقبة تصرفات بناتهم وابنائهم ونهيهم عن استعمال اي منتج تبغي لئلا يقعوا في الفخ المتربص بهم وبالبشرية جمعا.

فقد اثبتت الدراسات والأبحاث الحديثة عموماً في أكثر من بلد حول العالم أن جهود دفع المدخنين للإقلاع عن التدخين، بما فيها جهود العيادات الإرشادية حول العالم، لم تفلح في أفضل الأحوال إلا مع 20 % من المدخنين المستهدفين فيما عاد 80 % منهم إلى التدخين مجدداً.

ويُعزى ازدياد استعمال التبغ في البلدان النامية بحسب منظمة الصحة إلى ازدياد السكان، وتفاقم الهجمة الإعلانية الشرسة التي تشنّها شركات التبغ العالمية، وإقبال الناشئة والفتيات على التدخين، وقلة الوعي لمدى أخطار التبغ وأضراره، وقلة الأموال المخصصة لإجراءات مكافحة التدخين.

وفي غياب أي احصاءات دقيقة من وزارة الصحة اللبنانية، بينّت الدراسات التي أجرتها منظمة الصحة في لبنان، وجود 10 آلاف حالة سرطانية، منها 40 % سببها المباشر إدمان التدخين.

السابق
حماده: الفراغ يجذب عناصر غير شرعية ومسلحة الى لبنان
التالي
ريفي احال على النيابة شريط مطلقي النار الذي بثته الم تي في