الجنوب تحرّر: لا خبز ولا حريّة.. ونزوح أكبر من أيّام الاحتلال

تحرير جنوب لبنان 2000 عرمتى
الخروقات الإسرائيلية مستمرة، و"شغل أفيش" ومعظم الشباب والعائلات عادت ونزحت إلى بيروت طالبة العلم والعمل. علماً أنّ معظم البلدات باتت خالية تماماً إلاّ من بعض كبار السنّ الذين لا ناقة لهم ولا جمل، ولا يمكن لمستقلّ قول رأي مغاير للسائد والحاكم والأمر الواقع... فما نفع التحرير إذا؟

منذ بدايات سني حياتي، وأنا الذي لمحت الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان (1982)، وشاركت أهلي في النزوح والبكاء والخوف من الجنوب نحو بيروت، وأنا أحلم بأن تتحرّر أرض جنوبنا النابض المقاوم من العدوّ الصهيوني. إلى أن تحرّر عام 2000، ولا يهمّني إذا كان تحرّر عبر القرار الدولي رقم 425، أو من خلال قاعدة أن “إسرائيل ملّت من احتلال الجنوب ورحلت”، أو من خلال المقاومة الوطنية. المهم عندي أنّ الجنوب تحرّر…

وما كنت أعتقد أنّه سوف يحصل عندما يتحرّر الجنوب، وسينعم جنوبنا بالهدوء، والعيش الكريم، والنهضة الاقتصادية والزراعية والعمرانية، ويعيش ابناء الجنوب على أرضهم بثبات و”نبات”. لم يحصل.

التحرير
تحرير جنوب لبنان سنة 2000 

كل هذه الأوهام الأحلام تحطّمت بعد مرور الأيام والسنين إلى يومنا هذا. فلا العدوّ الإسرائيلي ارتدع عن خروقاته لسمائنا – اذ لا يمضي يوم واحد إلا ويخرق سماءنا بطائراته، أو برا عبر آلياته، أو  بحجة شجرة من هنا، و عبوة من هناك، أو من خلال اشتباكات مع الجيش اللبناني، وقتل بعض العسكريين الى ان وصل الأمر إلى الإعلاميين.

أما على صعيد الاقتصادي، فكما يعلم الجميع: “شغل أفيش”، ومعظم الشباب والعائلات نزحت من جديد إلى بيروت طالبة العلم والعمل. علماً أنّ معظم البلدات باتت خالية تماماً إلاّ من بعض كبار السنّ الذين يتنعمون بهواء الجنوب، وهم بغالبهم من اصحاب الاملاك الذين يعتاشون من زراعتها، فلا تهمّهم  مستلزمات الحياة العائلية كالمدارس والجامعات والطبابة وغيرها كثيرا. أما النهضة العمرانية التي نشهدها فتعود الى المغتربين الذين أمضوا معظم  سني عمرهم في بلاد الاغتراب، وعادوا إلى الجنوب ليكون لهم “مرقد عنزة”.

ناهيك عن أنّ الجنوب أصبح اليوم غارق تحت سلطة الهيمنة الثنائية، الثنائية السياسية الشيعية، فلا يهم الناس ان تسمع رأي مختلف، بل لا تقبل بذلك. ولا حريّة، ولو بمقدار صغير، فحتى الهامش الصغير لا يمكن للمواطن الجنوبي المستقل التعبير  من خلاله.

هذا الثنائي -المسيطر تماماً على كل مكوّنات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، لدرجة أن أتباعه باتوا كالببغاء – لا تقدر جهة ما على دعم أية بلدية أو اقامة ندوة ومشاركة الشباب همومهم، وتعليمهم عن التعبير عن رأيهم وحقهم القانوني.

لدرجة وصل بهم الأمر (أي الثنائية الشيعية) إلى منع بعض المستثمرين من بناء معامل أو مصانع لتشغيل الناس، إما لأن هذا “السبونسر” مخالف لرأيهم السياسي، او لأنه لا ينوي مقاسمتهم  “غلّته” الشهرية.

فما نفع التحرير إذا كان معظم مواطني الجنوب في بيروت وضواحيها…

السابق
بالفيديو: سوري يتوعّد اللبنانيين في لبنان
التالي
أمانة 14 آذار: المس بالدستور مع الفراغ دعوة حرب أهلية جديدة