نبقى مع النزاع

‘تعرف وسائل الإعلام الإسرائيلية كيف تبرز النبأ الصاخب الذي نشرته مجلة ‘فورين بوليسي’ في عددها الأخير: ‘فقد اختارت مجلة ‘فورين بوليسي’ الأمريكية وزير المالية يئير لبيد في قائمة المفكرين العالميين المئة، المؤثرين في العام 2013.

وجاء لبيد في المرتبة الـ 31 في العدد النهائي للمجلة في آخر السنة’. وما لا تقتبسه وسائل الاعلام من المجلة الإعتبارية هما مقالان يحللان وضع الشرق الأوسط في ظل سياسة الولايات المتحدة، ويجدر بنا أن نعطي الرأي في ما يرد فيهما.

يتناول المقال الأول اقتباسا عن أحد أعضاء الفريق الأمريكي الذي يعنى بحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ويقضي صراحة بأن هذه المسألة لم تعد تقف على رأس سلم أولويات الإدارة الأمريكية. ظاهرا يوجد هنا تناقض إذا ما أخذنا بالحسبان الزيارات المتواترة لوزير الخارجية الأمريكي إلى إسرائيل في محاولة للتوصل إلى صيغة متفق عليها.

ورغم سرية المحادثات وجبال التخمينات، لا ينبغي المبالغة في الخيال في أننا نقف أمام تطور في غاية الأهمية في هذا السياق.

فالأسباب ترتبط بمواقف كل الأطراف من المفاوضات والأسس السياسية المتهالكة جدا سواء في إسرائيل أم في السلطة الفلسطينية. والميل الأمريكي، حسب المجلة، هو الإنشغال في ما يبدو في نظرها بأنها البؤر الأساسية للمصالح الأمريكية كـ مصر، سوريا، ايران. صحيح أن المسألة الإسرائيلية الفلسطينية لا تزال تعتبر كمفتاح لحل المشاكل الاخرى، الا انه كلما مر الوقت تكون محاولة تسوية المشاكل الاخرى بشكل اكثر استقلالا. فالاتفاق المرحلي بين الولايات المتحدة والقوى العظمى الاوروبية وبين ايران، رغم أنف إسرائيل قد يكون مثالا جيدا على ذلك. وينبغي التشديد على أن ‘فورين بوليسي’ هي ايضا لا تقول اننا وصلنا إلى قطيعة او اهمال الادارة الأمريكية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. ومع ذلك محظور تجاهل الميل المتبلور.

‘أما المقال الثاني فيكمل الصورة: كيري على علم جيد بالمشاكل الهائلة في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، وكذا لاحتمال الفشل. كما أن كيري يدعي بأن اقتراحات الولايات المتحدة هي الواقعية والوحيدة القادرة على تحريك مسيرة في نهايتها يتوصل الطرفان إلى تسوية ما.

وبسبب سرية المحادثات لا يمكن ان نعرف اذا كان كيري محقا أم لا وما هي الاقتراحات الحقيقية التي توجد على طاولة المحادثات. نحن نعتقد أن مواقف كيري، مهما كانت متفق عليها مع أوباما وإدارته ليس لها مفعول حقيقي بالنسبة للمفـاوضات الثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين.

ذكرنا أعلاه ونوسع هنا: ليس في إسرائيل ولا في السلطة الفلسطينية بنية تحتية سياسية قادرة على الوصول إلى تسوية، لا مرحلية، وبالتأكيد ليس نهائية. اذا ما قبلنا الفرضية بأن رئيس الوزراء نتنياهو مستعد لأن يسير بعيدا جدا، الفرضية التي لا يوجد يقين على الاطلاق بأنها صحيحة، فإن حزبه اليوم هو ضد كل مفاوضات فيها تنازلات اقليمية، بما في ذلك ما يسمى المستوطنات المنعزلة. كما أن وزير الخارجية ليبرمان، الشريك المخلص لنتنياهو، لن يكون مستعدا لأي تنازل يخرج عن صيغته التي تتضمن تبادل للأراضي.

لا يوجد أي احتمال لأن يساهم نتنياهو ورفاقه في الحزب أو في الائتلاف اليميني في دعم أي تنازل حتى وإن كان رمزيا في القدس.

ووزير المالية هو الآخر لن يكون مستعدا لتنازل ما في القدس. وقد قال ذلك صراحة. ومن هنا فإن الإستنتاج هو أن ليس في إسرائيل ائتلاف سياسي يمكنه أن يقر اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

السلطة الفلسطينية هي كيان سياسي مريض. أبو مازن غير قادر على تمرير القرار، ليس فقط في غزة التي تسيطر عليها حماس بل حتى في نطاق السلطة التي تعترف بحق إسرائيل في وحدة القدس والتنازل عن حق العودة. وللأسف هذا هو الواقع. الولايات المتحدة بقيادة أوباما ستواصل صيانة العلاقات مع إسرائيل والفلسطينيين. وبالمقابل لا يوجد أي يقين في أنها ستواصل الجهود القصوى للوصول إلى تسوية بين الطرفين.

السابق
قنابل الحاويات تقتل المئات
التالي
السلام والمكافأة الكبيرة معه