السلام والمكافأة الكبيرة معه

إتمام السلام بين إسرائيل والفلسطينيين سيجلب إلى الطرفين خيرا عميما من المجتمع الدولي بعامة والإتحاد الأوروبي بخاصة.

ذكّرنا الوداع العالمي لنلسون مانديلا بأن السعي إلى السلام يحتاج إلى قدرة زعامة عظيمة ورؤيا والتزام. أُحيي القرار الشجاع لرئيس الوزراء نتنياهو والرئيس عباس على دخول مفاوضات مباشرة لحل الصراع، وأُثني من أعماق قلبي على الجهود التي لا هوادة فيها لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري لدعم المسيرة، فهذه فرصة مميزة لا تجوز إضاعتها.

‘جربت بريطانيا كدول كثيرة الثمن الذي ينطوي عليه إنشاء سلام أحيانا. فقد جربنا عقودا موجة ارهاب قتل فيها مدنيون على أيدي قوات عصابات مسلحة. فقتل أحد أفراد العائلة المالكة، ونجت رئيسة الوزراء تاتشر من محاولة اغتيال. وفي الدولة كلها، من لندن إلى بلفاست ومن برمنغهام إلى مانشستر، قُتل جنود ومواطنون وضباط شرطة وزعماء روحيون ورجال ونساء وأولاد بسبب العنف وعانوا بسبب الصراع. وبرغم ذلك وافقت الحكومة البريطانية في تسعينيات القرن الماضي على الإفراج عن مئات السجناء الذين حُكم عليهم بجرائم منها إرهاب، وكان ذلك جزءا من جهد للتوصل إلى سلام مع ايرلندا الشمالية. وكان ذلك قرارا مؤلما ومختلفا فيه لكننا نؤمن برغم ذلك أنه كان القرار الصحيح.

إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني آلم الطرفين فدفعا ثمنا باهظا من الحياة ومن الكرامة. واتخذ رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس عباس قرارات مختلف فيها هي أيضا فوافق رئيس الوزراء نتنياهو على الإفراج عن سجناء، ووافق الرئيس عباس على عدم العمل في تغيير وضع السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة ما استمرت المحادثات. والتحدي للزعيمين الآن هو الإستمرار في المحادثات ومنع كل عمل قد يُفسد جهودهما كتوسيع الإستيطان والتحريض على العنف.

لكن الزعماء ليسوا المسؤولين وحدهم عن السلام لأن التجربة تُبين سواء أكان ذلك في جنوب إفريقيا أم في ايرلندا الشمالية، أن الرجال والنساء والأولاد ونشطاء حقوق الإنسان والمجتمع الدولي كلهم يؤدي دورا مهما في الطريق إلى السلام.

إن اتفاق يوم الجمعة الخيّر في ايرلندا الشمالية وقع عليه باستفتاء الشعب في ايرلندا الشمالية وجمهورية ايرلندا وكانت نتائجه تأييد أكثر المواطنين للإتفاق. وفي السنوات التي تلت ذلك استُعمل ضغط كبير على زعماء الدولتين لإنشاء سلام. وأدت الولايات المتحدة دورا مركزيا في اتفاق السلام مع ايرلندا الشمالية كما تؤدي دورا مركزيا في التفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين.

يجب الآن على مواطني إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن يُهيئوا الظروف للزعيمين في الطريق إلى السلام.

إن بريطانيا مستعدة للمشاركة في المسيرة وهذا هو السبب الذي جعل بريطانيا تُسمع صوتها في مؤتمر الاتحاد الأوروبي في الأسبوع الماضي الذي استقر رأيه على أن أوروبا ستمنح الدولتين رزمة إنعامات سياسية واقتصادية وأمنية لم يُر مثلها إلى الآن في المنطقة وذلك لدعم الطرفين للتوصل إلى اتفاق. وستتمتع إسرائيل والدولة التي ستكون فلسطين بحقوق وامتيازات تعاون عميق، وبقدرة واسعة على الوصول إلى السوق الأوروبية وبعلاقات ثقافية وعلمية عميقة وبتعاون في المجال الأمني.

أؤمن بأن رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس عباس يستطيعان صنع سلام. ويجب على إسرائيل والسلطة الفلسطينية أن تبذلا كل ما تستطيعان كي تؤتي هذه المحادثات أُكلها. وستمنحهما بريطانيا وشريكاتها الدولية دعما كاملا. ليست المفاوضات أمرا سهلا لكن السلام سيجلب مكافأة كبيرة.

السابق
نبقى مع النزاع
التالي
يسرا : التحرر من حكم الإخوان أهم إنجاز لمصر