المستقبل: الحريري لنصرالله: متّهمٌ يوزّع الاتهامات

كتبت “المستقبل ” تقول:  في وقت كان وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف يعبّر عن أمله في أن تحدّد له المملكة العربية السعودية موعداً لزيارتها، شنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله هجوماً غير مسبوق على المملكة، متهماً جهاز الاستخبارات فيها بالوقوف وراء التفجير أمام مقر السفارة الإيرانية في بيروت، زاعماً أن كتائب “عبدالله عزام” التي تبنّت مسؤولية التفجير مرتبطة بالجهاز تمويلاً وتدريباً.
ولأن التبريرات التي دأب نصرالله على ترويجها للتعمية على مشاركته إلى جانب نظام بشار الكيماوي في الحرب ضد الشعب العربي السوري أصبحت مالوفة وممجوجة، ولأن جميع حججه لم تعد تنطلي على أحد وأصبح واضحاً أنه يعيش في غيبوبة عن الحقائق والوقائع الملموسة، فإن الرئيس سعد الحريري ردّ على نصرالله ببيان وضع فيه النقاط على الحروف، واعتبر أن نصرالله “خطا مرة أخرى خطوات متقدمة على طريق تحريف الحقائق وذر الرماد في عيون اللبنانيين، في واحدة من أعلى تجليات الاستقواء وأوهام الانتصار المزيف”.
وإذ اعتبر أن “حزب الله” متهمٌ بارتكاب جريمة العصر في 14 شباط 2005، قال الحريري “لعل السيد حسن قد نسي أن حزب الله هو المتهم الرئيسي بأخطر تفجير شهده لبنان وذهب ضحيته الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونسي أن حزبه هو المسؤول عن تفجير الحياة المشتركة بين اللبنانيين عموما وبين السنة والشيعة خصوصاً”.
وأشار إلى أن نصرالله استطاع “أن يخرج من صدره كل عوامل الكراهية التي يكنها إلى السعودية وقيادتها، وأن يسقط في وحول لغة لا أفق لها سوى تخريب علاقات لبنان العربية وصولا إلى اتهام السعودية بخوض وتنظيم كل الحروب الإقليمية والعربية من الباكستان إلى العراق وسوريا والبحرين ولبنان، وانتهاء باتهامها بتفجير السفارة الإيرانية”.
وأضاف أن نصرالله “نسي أنه هو من أرسل جماعات إرهابية إلى الخبر في السعودية وإلى الأرجنتين وبلغاريا ونيجيريا والبحرين واليمن ومصر، وتناسى إلى ذلك كله أن تاريخ السعودية مع لبنان هو تاريخ مشهود بالبناء والخير والسلام، خلافاً لتاريخ حليفه النظام السوري الملطّخ بدماء اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق”.
وختم الحريري “هناك عناوين كثيرة في حديث السيد حسن ستكون محل تعليق الكثيرين في الأيام المقبلة. لكن الانطباع الأول الذي يتكوّن لكل عاقل ومسؤول، هو أن السيد حسن يغرق في بحر متلاطم من الغرور، لن يؤدي لغير المزيد من الضياع والاحتقان وإضرام الفتنة في النفوس”.

نصرالله
وكان نصرالله رأى أنّ التفجير المزدوج الذي استهدف السفارة الإيرانية يتعلّق باستهداف إيران ولا علاقة له بالحزب، مضيفاً “بعض الفروع التي تحمي القاعدة برأيي، تقف خلفها المخابرات السعودية. أنا أصدّق أن كتائب عبد الله العزام هي من فجّرت السفارة، وقناعتي تقول إن المخابرات السعودية تقف خلف هذه الكتائب، وخلف تفجيرات العراق”.
وفي حديث تلفزيوني، اشار إلى أن “تفجير السفارة له علاقة بالغضب السعودي من ايران بسبب فشل مشاريعها في المنطقة”، واتهم الرئيس الحريري والنائب عقاب صقر بأنهما “متورطان في إرسال مقاتلين وسلاح الى سوريا”، سائلاً “أين أصبحت المجموعات التي كنتما تموّلانها في سوريا”؟

طرابلس
وفيما كان الوضع الأمني في عاصمة الشمال يميل إلى الهدوء النسبي بعد الاجراءات التي اتخذها الجيش لضبط الوضع، كانت الأنظار تتجه إلى عاصمة الجنوب وتحديداً إلى مخيم عين الحلوة الذي شهد حادثاً أمنياً يحمل في طياته خطورة كبيرة من انفجار كبير متنقل.
ولأن مسؤولية التصدي للتحديات الكبيرة عموماً، والأمنية خصوصاً التي تواجه لبنان، تقع على عاتق مسؤوليه، فإن الرئيس سعد الحريري أكّد في بيان أمس أيضاً أن “أولياء النظام السوري في لبنان لا يريدون لطرابلس أن ترتاح أو أن تضع حداً لحال الاحتقان والفوضى التي تستشري فيها مع كل جولة قتالية”. وأعاد التأكيد على المطلب القديم الجديد الذي يضع حداً لهذه الحال المأسوية وهي المناداة وبأعلى الصوت “الى العمل على إعلان طرابلس مدينة منزوعة السلاح، وإنهاء كل الحالات الشاذة التي تعانيها”.
أكّد أن طرابلس “لن تكون تحت أي ظرف من الظروف وكراً من أوكار النظام السوري وأوليائه في لبنان”.
وحول الوضع السوري، اعتبر الحريري أن “الاعتداء على المواطنين واحتجاز الرهبان والراهبات وخرق حرمة الكنائس والاديرة والرموز الدينية، هي أفعال مشينة ومرفوضة”. وطالب “القيادات والشخصيات السورية في الداخل والخارج العمل لإطلاق الراهبات وتأمين سلامتهن، وإلى رفع الصوت ضد ما تتعرض له معلولا، التي تقوم المجموعات المسلحة المتواجدة فيها الان بتقديم أغلى هدية لبشار الأسد، وتوجه في الوقت ذاته طعنة قوية الى الثورة وشهدائها وأهدافها النبيلة”.

“المستقبل”
وبدورها، أكدت كتلة “المستقبل” النيابية أن المعارك الدائرة في مدينة طرابلس “مرفوضة من سكانها ومن اللبنانيين ويجب وقفها فوراً ومنع تجدد جولاتها”، داعية الجيش الى “ممارسة مسؤولياته بشكل صارم وعادل وبشفافية وحزم ومن دون تردد لوقف القتال ومنع المظاهر المسلحة في كل أرجاء المدينة”.
وشددت عقب اجتماعها الدوري في بيت الوسط برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة على “ضرورة اعتقال المجرمين الذين اعتدوا على الابرياء من سكان بعل محسن، والذين استهدفوا الأبرياء من أهل المدينة بالقنص”، مطالبة الجيش والأجهزة الامنية بـ “منع السلاح في طرابلس بحيث تكون هذه المدينة منزوعة السلاح كخطوة أولى على طريق جعل لبنان خالياً من السلاح غير الشرعي”.
واذ استنكرت وأسفت “لازدياد أعداد قتلى حزب الله من الشباب اللبناني نتيجة تورط هذا الحزب في المعارك الدائرة في سوريا وزجّه للبنان واللبنانيين في حرب ليست حربهم”، دعت أهالي الشباب القتلى الى “كسر حاجز الخوف والتردد، والمجاهرة برفض ارسال أولاد اللبنانيين للموت في سوريا، وحضتهم على “المطالبة بصوت عال بوقف مشاركة حزب الله في القتال في سوريا ووقف عملية التوريط المستمرة للبنان وللبنانيين في الحرب الدائرة هناك”.

عيد والميدان
لم يتأخر ردّ ميليشيا الحزب “العربي الديمقراطي” على مقررات اجتماع قصر بعبدا، إذ سارع الناطق بإسمه عبد اللطيف صالح، إلى الإعلان أن “علي عيد لن يمثل أمام فرع المعلومات للاستماع إلى أقواله بتهمة تهريب عدد من المتهمين بتفجير مسجدَي “السلام” و”التقوى” في طرابلس، في وقت استمرّ شبّيحته في الإعتداء على أحياء المدينة قنصاً واستهدافاً لعناصر الجيش خلال تنفيذهم مهام تثبيت الأمن في طرابلس.
وكان الجيش وسّع ابتداء من مساء أمس عملية إنتشاره، وبخاصة في الاحياء الداخلية التي تشهد عادة اشتباكات ومواجهات بمختلف أنواع الاسلحة، بعد أن وضعت الاجهزة الامنية كافة تحت إمرته . وقد رد في اثناء إنتشاره على كل من لم يلتزم وقف اطلاق النار. كما نفّذ خلال الليل مداهمات عدة لتوقيف مطلوبين وقام بملاحقة مسلحين ملثمين أقاموا حواجز على طريق المحجر الصحي وتعرضوا للمارة.
وأعلنت مديرية التوجيه في بيان، توقيف 21 شخصاً في منطقتي باب التبانة وجبل محسن “لارتكابهم جرائم مختلفة منها المشاركة في إطلاق النار”. وأحالت مديرية المخابرات ثمانية منهم على النيابة العامة العسكرية.

شربل
من جهته، أشار وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل في حديث إلى محطة “أل بي سي” إلى أن “المشكلة في طرابلس أصبحت بحاجة إلى حلّ إقليميّ واتفاق سعودي إيراني سوري”، لافتاً إلى وجود فتنة طائفية تُحاك في طرابلس”، ورافضاً أن يكون “الجيش اللبناني والقوى الأمنية “كبش محرقة”.
وردّ على اتّهام نصرالله للرئيس الحريري والنائب صقر بإرسال السلاح إلى سوريا وقال “لا علم لي بهذا الموضوع وكلّ ما أعرفه هو أنّهم يرسلون مساعدات إنسانية”.

قهوجي
وأكّد قائد الجيش العماد جان قهوجي، أن “الجيش إتخذ قراراً حازماً بالتصدي للعابثين بالأمن في اي مكان كانوا والى اي جهة انتموا، بعيدا من الحسابات السياسية والفئوية”. وأوضح أن “أي عملية أمنية تنفذها القوى العسكرية لن تكون الا في اطار ملاحقة المسلحين ومطلقي النار والمطلوبين بموجب استنابات قضائية”.

ريفي
من ناحية متصلة، أكدت أوسط اللواء أشرف ريفي، أن “المقربين من رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي، وقعوا في فخ أنفسهم، حين اتهموا اللواء ريفي بدعم مسلحي طرابلس والوقوف وراء يوم الغضب، فيما كان الرئيس ميقاتي نفسه يتظاهر بأن سبب استقالته التمسك بالتجديد”.
وقالت أوساطه لـ “المستقبل” إن “سلوك ميقاتي السياسي على الأقل منذ قرر مشاركة “حزب الله” في انقلابه على حكومة الرئيس سعد الحريري، وعلى أبناء طرابلس الذين انتخبوه، بات خاضعاً لأجندة حلفائه”، مستغربة أن “يأتي رده على اللواء ريفي عبر صحف “حزب الله” التي يشارك في تمويلها، وأن يتبنى الناطقون باسمه حرفياً، الاتهامات التي سوقتها ماكينة “حزب الله”. وشددت على أن “من يشارك الحزب بالانقلاب على الثقة التي منحها اياه ناخبو طرابلس، ليس صعباً عليه أن يزور الوقائع والحقائق”، لافتة الى أن “تحوير ميقاتي لمطالبة اللواء ريفي له بالرحيل، يثبت عجزه عن حماية طرابلس”.

“عين الحلوة”
إلى ذلك، كشف القيادي الفتحاوي العميد محمود عبد الحميد عيسى “اللينو” أن العبوة التي انفجرت اثناء مرور الجنازة في مخيم عين الحلوة كانت تستهدفه شخصياً، وأنها فجرت لاسلكياً، متهماً في حديث إلى المستقبل” من وصفهم بـ “صهاينة الداخل بالوقوف وراء هذا العمل”، كاشفاً عن أن لديه “معلومات ومعطيات عمن يقف وراء الأحداث الأمنية التي يشهدها المخيم، وهما مجموعتان مشبوهتان، الأولى في مخيم عين الحلوة والثانية في منطقة الطوارئ المحاذية للمخيم” .
وكانت عبوة ناسفة انفجرت جنوب مخيم عين الحلوة على الطريق المحاذية لبلدة درب السيم، اثناء تشييع الفلسطيني محمد السعدي، أدت إلى سقوط 4 جرحى احدهم من آل الصالح ومقتل من كان يزرع العبوة، الذي ذكرت معلومات لاحقة أنه مصري الجنسية وملقب ب”البيومي”.

فرنسا
وفي تطور لافت، شدّدت فرنسا على ضرورة “تجنيب لبنان الانجرار إلى استيراد الصراع السوري إلى أراضيه”. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادل إن “الوزير لوران فابيوس يولي أهمية كبرى للعلاقات الفرنسية مع لبنان ويذكّر دائماً بموقفنا مما يجري في لبنان: يجب بذل جميع الجهود من أجل تجنيب لبنان تأثيرات الأزمة السورية وذلك من أجل الحفاظ على استقراره وسيادته”.
وعما إذا كانت هناك مبادرة فرنسية جديدة بخصوص لبنان، قال نادل “نحن دائماً متحركون ونبادر من أجل لبنان. إنه بلد تجمعنا به علاقات مميزة ولذلك نبذل الجهود في سبيله دوماً. هناك حراك ديبلوماسي على الدوام وفرنسا تدعم منذ البداية الجهود الانسانية الكبيرة جداً التي يقدّمها لبنان من خلال استضافته اللاجئين السوريين”.

السابق
الديار: ألقوا بالمهمة الصعبة على الجيش والوفاق السياسي أمام امتحان
التالي
اللواء: حملة نصر الله على السعودية تطيح ببوادر انفراج الإتفاق الإيراني الأميركي