اللواء: حملة نصر الله على السعودية تطيح ببوادر انفراج الإتفاق الإيراني الأميركي

كتبت “اللواء ” تقول: أطاحت الاتهامات التي وجهها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله إلى المملكة العربية السعودية، بأنها تحارب بالواسطة وتدفع أموالاً في سوريا والعراق ولبنان، بالبوادر الإيجابية التي لاحت في الأفق، بعد الاتفاق التمهيدي بين إيران ومجموعة 5+1، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، حيث توقعت مصادر دبلوماسية أن تنسحب تلك الانفراجات على لبنان، سواء في الملفات الأمنية أو السياسية أو الاستحقاقات الراهنة.
وتأتي اتهامات السيّد نصر الله للرياض بالوقوف وراء تفجير السفارة الإيرانية، عبر اتهامها بأنها ترعى كتائب عبد الله عزام التي تبنّت العملية، في وقت تعثرت فيه الاتصالات لترتيب موعد لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة السعودية، مضيفاً إلى اتهاماته أن المملكة تعيق التوصل الى تسوية سياسية في سوريا وتدعم جماعات المعارضة بالمال والسلاح للحسم العسكري، في الوقت الذي وصل فيه الأمير بندر بن سلطان إلى موسكو وعقد اجتماعاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في إطار متابعة البحث مع الرئيس الروسي حول الملفات المتعلقة بسوريا والخليج وسائر الأوضاع في المنطقة.
ومع أن مواقف الأمين العام لحزب الله تطرّقت إلى الوضع اللبناني، من زاوية إعادة التمسك بصيغة 9+9+6 لتأليف الحكومة، والدعوة لتفاهم فريق 8 آذار الذي ينتمي إليه على رئيس جديد للجمهورية يعمل لتسويقه، مع إضافة تبنّي حزبه لنهائية الكيان اللبناني، فإن الملفات الإقليمية كانت الغالبة على محاور المقابلة التلفزيونية التي أجرتها محطة O.T.V الناطقة بلسان حليفه السياسي “التيار الوطني الحر” من أجل ذر الرماد في العيون، والتشويش على حقيقة ما يعدّ من ترتيبات للمنطقة بعد التفاهم الإيراني – الأميركي.
وتوقعت مصادر متابعة أن تؤثر هذه المواقف سلباً على المساعي الرامية لتسريع إنهاء الوضع الشاذ في مدينة طرابلس، في ضوء تكليف الجيش اللبناني حفظ الأمن في المدينة ووضع القوى الأمنية كافة تحت أمرته، لا سيما بعد اتهام نصر الله للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بأنها كانت تموّل قادة المحاور والعناصر المسلحة المنضوية إليها من مالية الدولة أو من مساعدات تأتيها من دول خارجية، حيث يتوقع أن ترد المديرية اليوم على هذه الاتهامات التي يخشى معها من انعكاسات سلبية على مجرى تنفيذ الخطة الأمنية، مع الإشارة إلى أن وزير الداخلية مروان شربل المعني بهذه الخطة أيضاً اعتبر أن الحل في طرابلس ليس محلياً بل إقليمي، مضيفاً أنه “يمكننا تخفيف الوضع الأمني في المدينة، والخطة الأمنية لم تفشل، ولكن نحن بحاجة لقرار سياسي لإنهاء الاقتتال، وإذا حصل التوافق يسلّم قادة المحاور أسلحتهم وينهون القتال”.

ردّ الحريري
وليلاً، ردّ الرئيس سعد الحريري بعنف على نصر الله، واتهمه بتحريف الحقائق وذر الرماد في عيون اللبنانيين، مذكّراً إياه بأنه نسي بأن حزب الله هو المتهم الرئيسي بأخطر تفجير شهده لبنان وذهب ضحيته الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

وفي ما يأتي نص ردّ الرئيس الحريري:
“من تبرير الجرائم التي يشارك فيها في سوريا، الى تبرير الدفاع عن المتهمين بارتكاب جريمة تفجير المسجدين في طرابلس، الى تبرير كل أشكال التعمية على وظيفة السلاح في تدمير الحياة السياسية، خطا السيد حسن نصر الله مرة اخرى خطوات متقدمة على طريق تحريف الحقائق وذر الرماد في عيون اللبنانيين، الذين استمعوا اليه مساء أمس في واحدة من اعلى تجليات الاستقواء واوهام الانتصار المزيف.?

لقد تسلق حسن نصر الله الاتفاق الإيراني الأميركي ليطلق حملة غير مسبوقة تجاه كل من يخالفه الرأي في لبنان والمنطقة، ويعترض على سياسة زج لبنان في الصراع السوري وضمه الى محاور الممانعة. واستطاع السيد حسن ان يخرج من صدره كل عوامل الكراهية التي يكنها الى السعودية وقيادتها، وان يسقط في وحول لغة لا أفق لها سوى تخريب علاقات لبنان العربية وصولا الى اتهام السعودية بخوض وتنظيم كل الحروب الإقليمية والعربية من الباكستان الى العراق وسوريا والبحرين ولبنان، وانتهاء باتهامها بتفجير السفارة الإيرانية.
لعل السيد حسن قد نسي ان حزب الله هو المتهم الرئيسي بأخطر تفجير شهده لبنان وذهب ضحيته الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونسي ان حزبه هو المسؤول عن تفجير الحياة المشتركة بين اللبنانيين عموما وبين السنة والشيعة خصوصا. ونسي انه هو من أرسل جماعات ارهابية الى الخبر في السعودية والى الأرجنتين وبلغاريا ونيجيريا والبحرين واليمن ومصر، وتناسى الى ذلك كله ان تاريخ السعودية مع لبنان هو تاريخ مشهود بالبناء والخير والسلام، خلافا لتاريخ حليفه النظام السوري الملطخ بدماء اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق.
هناك عناوين كثيرة في حديث السيد حسن ستكون محل تعليق الكثيرين في الأيام المقبلة. لكن الانطباع الاول الذي يتكون لكل عاقل ومسؤول، هو ان السيد حسن يغرق في بحر متلاطم من الغرور، لن يؤدي لغير المزيد من الضياع والاحتقان وإضرام الفتنة في النفوس”.

طرابلس بأمرة الجيش
عملياً، قرار تكليف الجيش حفظ الأمن، لم ينهِ الاقتتال في المدينة، حيث ظلت محاورها التقليدية تحت رحمة القذائف المتفرقة ورصاص القنص المتقطع، وإن كانت شوارعها الخارجية شهدت حضوراً مكثفاً للقوى العسكرية التي انتشرت في كافة أحيائها ونفّذت ملاحقات لأشخاص مطلوبين.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان أن القوى العسكرية أوقفت 21 شخصاً متورطين في عمليات إطلاق نار في منطقتي التبانة وجبل محسن، وأحالت مديرية المخابرات ثمانية منهم إلى النيابة العامة العسكرية، مشيرة إلى أن وحداتها تتابع تنفيذ اجراءاتها الأمنية لفرض الأمن وإعادة الوضع إلى طبيعته”، في حين كشف قائد الجيش العماد جان قهوجي، في خلال لقائه وفداً من هيئة العلماء المسلمين برئاسة الشيخ زكريا المصري، أن الإجراءات يتخذها الجيش تباعاً لفرض الاستقرار في المدينة، مؤكداً أن قرار الجيش الحازم هو التصدّي للعابثين بالأمن في أي مكان كانوا، ولأي جهة انتموا، بعيداً عن الحسابات السياسية والفئوية، وان أي عملية أمنية تنفذها القوى العسكرية، لن تكون الا في إطار ملاحقة المسلحين ومطلقي النار والمطلوبين بموجب استنابات قضائية.
وسبق لقاء قهوجي برجال الدين المسلمين الذين أكدوا دعمهم لجهود الجيش لإعادة الحياة الطبيعية إلى المدينة، اجتماع في مكتب قهوجي ضمه وقادة الأجهزة الأمنية، في إطار التنسيق المشترك بين الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية، حيث جرى التوافق على سلسلة من التدابير والخطوات العملانية والإدارية لإعادة الاستقرار إلى المدينة.

ميقاتي
وفي إطار مواكبة تنفيذ خطة طرابلس، انتقل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى طرابلس بعد الظهر، وعقد سلسلة من الاجتماعات السياسية والأمنية، من بينها اجتماع ضمه ونواب المدينة، وآخر مع مشايخ وعلماء وفاعليات وشخصيات طرابلسية، مؤكداً انه “لن يدخر جهداً للحفاظ على أمن طرابلس وتحقيق السلام في ربوعها من دون التوقف عند انتقاد أو تحامل”، ولفت إلى ان “جميع أبناء طرابلس هم صوت واحد في المطالبة بالأمن والأمان، وأن تأخذ الدولة دورها وتصدر الاستنابات القضائية اللازمة في حق كل مخل بالأمن”، وشدّد، رداً على سؤال، على ان طرابلس لن تتحوّل إلى وكر لأحد، فهي لأهلها وقد عاشت الكثير من المعاناة منذ أيام مجازر باب التبانة في الثمانينات من القرن الماضي وحتى اليوم، ومن حقها أن تنعم بالأمن والاستقرار”. ولفت في كلام ميقاتي، تأكيده مجدداً بأن القرار لا ينص على جعل طرابلس منطقة عسكرية، بل أن تكون كل القوى الأمنية تحت إمرة الجيش بهدف واحد هو ضبط الأمن، وهذا لا يكون بالوقوف مع فريق ضد آخر، بل التعاطي بالتساوي مع كل المناطق، لكنه لفت الانتباه إلى أن هناك 14 حالة وفاة في منطقة معينة (يقصد التبانة) من جرّاء القنص من منطقة أخرى (يقصد جبل محسن) مشيراً إلى ان هذا الأمر يحتاج إلى معالجة، خصوصاً عندما يكون القنص “من فوق إلى تحت”.
وشدد على انه لا يمكن أن يقبل بأي تساهل أو مساومة على أرواح ضحايا تفجيري مسجدي “السلام” و”التقوى” وخاصة ان خيوط الجريمة وتفاصيلها باتت معروفة، على حد تعبير ميقاتي الذي تعهد بمعاقبة كل من قام بتفجير المسجدين، مشيراً إلى ان تنفيذ المهمة التي كلف بها الجيش، لا تتعلق فقط بمعالجة أوضاع طرابلس، بل بصون هيبة الدولة، مؤكداً ان الجيش يملك كل الغطاء السياسي من كل الفئات اللبنانية من دون استثناء.
غير ان بياناً بتوقيع “أولياء الدم” في جبل محسن، وزع ليلاً، أعلن ان وقف المعركة اليوم ليس عملاً عاقلاً من قبلنا، معتبراً ان الجيش لا يملك التغطية السياسية اللازمة للدخول إلى عمق باب التبانة والمحاور الأخرى، وانه موجود فقط في جبل محسن، وطلب اعطاءهم ضمانات حقيقية بأن التعديات عليهم ستتوقف، وانه في حال لم يتم تنفيذ هذه الطلبات فاننا لن نوقف العمليات العسكرية حتى اشعار آخر.

كتلة “المستقبل”
من جهتها، دعت كتلة “المستقبل” بعد اجتماعها الاسبوعي برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة، الجيش، بعد ايلانه أمرة كل القوى العسكرية والأمنية في طرابلس بأن يمارس هذه المسؤولية بشكل صارم وعادل ودون تردد لوقف القتال ومنع المظاهر المسلحة في كل أرجاء المدينة، وتحديداً وفي ذات الوقت في كل من باب التبانة وبعل محسن بدقة وشفافية وحزم، مكررة المطالبة بتطبيق القانون والاقتصاص من المجرمين الذين حرضوا وخططوا ونفذوا وسهلوا جريمتي التفجير في مسجدي “السلام” و”التقوى”، كما طالبت بمنع السلاح في طرابلس بحيث تكون مدينة منزوعة السلاح كخطوة أولى على طريق جعل لبنان خالياً من السلاح غير الشرعي.
وكان الرئيس الحريري قد دعا أيضاً في بيان لإعلان طرابلس منزوعة السلاح، معتبراً أن خرق حرمة الكنائس في سوريا أمر مرفوض.

السابق
المستقبل: الحريري لنصرالله: متّهمٌ يوزّع الاتهامات
التالي
الشرق: عين على الامن وخشية من تفجير الوضع في عين الحلوة