السفير: خط التماس الإقليمي يعبث بطرابلس

كتبت “السفير ” تقول: استمرّ جرح طرابلس مفتوحاً تحت وطأة “حرب الاستنزاف” في المدينة المحتضرة، وبقي مقرّ مجلس النواب ساحة للعبة “عض الأصابع” مع إصرار “تيار المستقبل” وحلفائه على المضي في مقاطعة الجلسة التشريعية التي أرجأها الرئيس نبيه بري الى 20 تشرين الثاني المقبل.
في المقابل، سُجل أمس تفعيل للجهود التي تُبذل على أكثر من خط، لمعالجة ملف المطرانين المخطوفين في سوريا. وضمن هذا الإطار، زار المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم دمشق أمس، حيث استقبله الرئيس بشار الأسد قرابة ساعة من الوقت، وبحث معه في ملف المطرانين.
وعلمت “السفير” أن ابراهيم بصدد القيام بأكثر من زيارة خارجية لتحريك ملف المطرانين، وستكون الدوحة، على الأرجح، أول عاصمة تشملها جولته.
كما عُلم أن أكثر من اتصال جرى بين ابراهيم ومساعدي الموفد الدولي الأخضر الابراهيمي ربطاً بقضية المطرانين المخطوفين.
ويبدو ان الاتصالات المتعلقة بهذه القضية وصلت الى مرحلة متقدمة، استوجبت حسم بعض النقاط وبالتالي حصول اللقاء بين الاسد وابراهيم الذي تمنى على الرئيس السوري التعاون في أمور محددة، من شأنها أن تعطي قوة دفع للمفاوضات.
وفي المعلومات أن الأسد أظهر تجاوباً مع ما طرحه ابراهيم، وهو أعطى على الفور توجيهاته للجهات السورية المختصة من أجل تقديم كل الدعم الممكن للمساعدة في طي هذا الملف.
وقال اللواء ابراهيم لـ”السفير” إن اللقاء مع الرئيس الاسد تركز على ملف المطرانين المخطوفين، مؤكداً أن النقاش كان إيجابياً ومثمراً، وكاشفاً عن ان الرئيس السوري، كما في المرة السابقة، أبدى كل تجاوب وانفتاح للمساعدة في إنهاء هذه القضية، وأعرب عن استعداده للقيام بكل ما من شأنه ان يساهم في تحرير المطرانين.
وعن تعليقه على الانتقادات التي وجّهتها إليه قوى “14 آذار” بسبب ما تردد عن لقائه في دمشق اللواء علي المملوك، الصادرة بحقه مذكرة توقيف من قبل القضاء اللبناني، قال ابراهيم: لن أنزلق الى سجال مع أحد، ولكن يهمني أن أؤكد انني أعمل اساساً بتوجيهات السلطة السياسية التي أفيدها تباعاً بما أفعله، ثم أنه من المؤسف ان يكون البعض قد بنى مواقفه على معلومات صحافية، في حين أن أحداً لا يعرف من ألتقي على المستوى الأمني في سوريا، وأنا من بين المسؤولين الذين يعرفون حدودهم جيداً ويحرصون على العمل وفق القانون والأنظمة المرعية الإجراء، ولست مستعداً لفعل أي شيء يتعارض مع هذه المبادئ.
ورداً على سؤال حول مصير السجينات السوريات اللواتي قيل إنهن جزء من صفقة الافراج عن مخطوفي أعزاز، أجاب ابراهيم: ما أستطيع تأكيده ان هذا الملف قد أقفل على طريقتي، ولم يعد يوجد أي شيء عالق فيه.
واضاف: لقد وقع بعض الاعلام في التباس حين وضع مسألة إطلاق سجينات سوريات في سياق صفقة تبادل مع دمشق، وهذا ليس دقيقاً، والصحيح ان القيادة السورية قدمت كل التسهيلات لإنجاز عملية تحرير المخطوفين اللبنانيين، وبالتالي نفذت الخطوات المطلوبة منها على هذا الصعيد، وانتهى هذا الموضوع.
وفيما قالت مصادر ديبلوماسية عربية مقيمة في العاصمة التركية لـ”السفير” أن النظام السوري كان متساهلاً في الإفراج عن عشرات السجينات السوريات، الى حد تجاوز الأرقام التي كان قد تم التفاهم عليها مع اللواء ابراهيم، فإن مواقع المعارضة السورية أوردت معلومات “عن الاستعداد لعملية تبادل كبيرة يتم التحضير لها بين فصائل سورية مسلحة والجيش النظامي في مناطق سورية مختلفة”.
واشار بيان صادر عن “لواء أوس القرني” وهو عبارة عن مجموعة سورية مسلحة ناشطة في الرقة، الى أنه طلب من ناشطي المدينة إعلامه بأسماء المعتقلين، ولا سيما النساء لدى السلطة، لمبادلتهم بأسرى للجيش والشرطة لديه، من دون ذكر معلومات محددة عن عدد الأسرى. وأعطت قيادة اللواء المذكور “الأولوية للنساء المعتقلات لدى النظام من المحافظة ومن باقي محافظات سوريا، على أن تتضمن المعلومات المطلوبة اسم المعتقل واسم والده وأمه وكنيته ومدينته أو محافظته واسم الجهة التي اعتقلته ومكان اعتقاله الحالي ومدة الاعتقال”، بحسب بيان “لواء القرني”.
ووفقاً لمصدر سوري واسع الاطلاع، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها أمر مشابه، ولكن يمكن أن تكون هذه المرة على مستوى أوسع نظراً لتدويل قنوات الاتصال.
واشار المصدر الى أن السلطات الرسمية السورية “تسعى الى أن تعطي أولوية للجنود السوريين في أي صفقات مستقبلية من هذا النوع”.

طرابلس
أما طرابلس ــ الرهينة، فقد بقيت مقيمة فوق صفيح ساخن، مع تواصل الاشتباكات المتقطعة على محاورها التي باتت متصلة على ما يبدو بخط تماس إقليمي، يخترق أزقتها الضيقة والفقيرة، ويجعل محاولات المعالجة المحلية قاصرة عن تحقيق الاستقرار المنشود.
وإزاء حالة انعدام الوزن الأمني التي تعاني منها المدينة، استمرّ سقوط الضحايا، وشُلّت أوجه الحياة، فتعطلت المدارس منذ الثلاثاء، وكذلك المؤسسات التجارية في الشوارع القريبة من النقاط الساخنة، فيما تشهد الشوارع حركة خجولة خلال فترات النهار، ما يضاعف الأزمات الاجتماعية والاقتصادية فيها.
وقالت مصادر عسكرية لـ”السفير” أن المسلحين سواء في التبانة أو القبة أو جبل محسن يتعاملون مع الجيش اللبناني بكرّ وفرّ، حيث ينتقلون من محور الى آخر ويطلقون النار ويرمون القنابل المحلية الصنع على بعضهم البعض قبل أن يتدخل الجيش ويعيد ضبط الأوضاع، ليفاجأ بانفلاتها على محور آخر.
وأكدت المصادر أنه إذا استمر الوضع على ما هو عليه من الكر والفر فإن الجيش سيتخذ خطوات ستفاجئ الجميع.
وبعد انتقاله الى طرابلس، قال الرئيس نجيب ميقاتي لـ”السفير”: بعد اطلاعي على أجواء المدينة، شعرت كم هي المعاناة كبيرة، وكم أن أهل طرابلس يتمسكون بالدولة وبمؤسساتها الشرعية. وأضاف: بعد الاتصالات والتشاور مع رئيس الجمهورية اتفقنا على عقد اجتماع في بعبدا مع القادة الأمنيين للبحث في الموضوع الأمني المتردي في طرابلس، واستكمال الخطة الأمنية التي ستنفذ على مراحل.

السابق
النهار: الأسد التقى عباس ابراهيم وروسيا معنية بمطالب الخاطفين
التالي
الديار: ابراهيم يقابل الأسد والتواصل اللبناني ــ السوري جيد