تكفيربون ينهشون بعضهم في سوريا

بعد سيطرتها على مدينة أعزاز وانتزاعه من لواء “عاصفة الشمال” التابع للجيش الحر الأسبوع الماضي، أفاد “المرصد السوري لحقوق الانسان” أمس أن مقاتلي دولة العراق الإسلاميه “داعش” اقتحموا مقراً لـ”النصرة” في منطقة الشدادي في ريف الحسكة شمال شرقي البلاد، وسيطروا عليه وصادروا الأسلحة والمعدات النفطية. مع ورود أنباء عن مصرع مقاتلين من “جبهة النصرة” في الاشتباك بين الطرفين.

كذلك حاول مقاتلو “الدولة الإسلامية” اقتحام مواقع لـ “الجيش الحر” في محيط قرية حزانو في ريف إدلب شمال غربي البلاد، ما ادى الى اندلاع مواجهات بين الطرفين انهزم خلالها المهاجمون. وقد أكدت مصادر في المعارضة السورية أن أبو عبد الله الليبي الذي يوصف بأمير “الدولة” قتل في إدلب.

السبب الذي تحجّج به مقاتلو “داعش” للهجوم على الجيش الحر، كما نقلت وكالات الأنباء، هو أن هذا الجيش يؤمن بالديموقراطيه لا “بحكم الله” وبالتالي فإنه يجوز قتال عناصره وقتلهم لأنهم ضلوا السبيل.

هذه النكته التي تذرّع بها هذا الفصيل التكفيري لم تستمر طويلا، فهجومه اللاحق على جبهة النصره كان بلا ذريعه ودون سبب مع أن “الدولة” و”النصرة” كانتا ترميان الى اقامة دولة اسلامية منذ أشهر عدة ودخلا في مباحثات في هذا الشأن ، لكن “النصرة” التي تضم مقاتلين سوريين ويتزعمها ابو محمد الجولاني، تعتبر محاربة النظام السوري اولوية لديها، في مقابل تركيز “الدولة” بزعامة “ابو بكر البغدادي” على البعد الاقليمي للصراع مع وجود مقاتلين عراقيين واجانب في صفوفها.

الحقيقه هي أن “داعش” جبهة تكفيرية تحلل قتل كل من لم ينتم إليها أو يبايعها على السمع والطاعة وينفذ مشروع الخلافة. وهي بهذه النظره الأحاديه المتشدّده لا تؤمن بشريك يقاسمها القرار والسلطه حتى لو كان الشريك جبهة النصره التي لا تختلف عنها في التوجّه والعقيده والمتهمه بالتكفير أيضا بعد إعلان ولائها للقاعده. اذ ان “الإماره” أي رئاسة السلطه هي الهدف النهائي لتلك الجماعات التكفيريه، وهي، ضمن عقيدتهم، تعتبر مقدّسه. و”أمير” الجماعه مقدّس مؤيّده سلطته من عند الله. والواجب الشرعي هو “القتال تحت لوائه ومقاتلة من يخالفه ولو حتى بالرأي”. اذ يحرم منازعة الأمير في إمارته ولو كانوا اخوانه في الدين والعقيده.

اليوم التنظيمات التكفيريه في سوريا أصبحت طاعون الثوره السوريه الذي يهدد وجودها ومستقبل البلاد، بل يهدد وجود جميع مكوّنات الشعب السوري. وقد أساءت هذه التنظيمات الى سمعة تلك الثوره وأدّت خدمة جليله للنظام، فأصبح يصّور نفسه حملا وديعا أمام ذئاب تكفيريه متوحشه. لهذا تريّثت الدول الكبرى في دعم الثوره السوريه خوفا من أن تسيطر على سوريا هذه المجموعات المتشدّده التي تتخّذ من معاداة الغرب عقيدة لها، فتهدّد مصالحهم وتقتل رعاياهم وتفجّر سفاراتهم إسوة بما فعلوا ويفعلون الآن في العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها من البلدان التي عشعش فيها التطرّف والتكفير.

السابق
سفير أميركا في اسرائيل: إستعمال القوة العسكرية مع إيران ممكن
التالي
بيروت ستغرق في الشتاء اﻷقوى منذ 100 عام