أميركا وإيران: من عداء الى منافسه لا غنى عنها

إن المتتبع للعلاقات الأميركيه الإيرانيه يلحظ بوضوح التحوّل الذي بدأ يطرأ في السنوات الأخيره بين البلدين والذي حوّل ايران بنظر الأميركيين من عدوّ صريح  لمصالحهم الى منافس عنيد على اقتسام تلك المصالح لا سيما في منطقة الخليج والشرق الأوسط بشكل عام.

ولقد حازت ايران بجداره على اعتراف الولايات المتحده بها كخصم له نصيب في المنطقه، فتحقق تعاونا أميركيا إيرانيا في كثير من الأوقات وخصوصا حين تتقاطع المصالح ، وما تقاطعت المصالح بين البلدين في قضية من القضايا  إلا وكان التنسيق بينهما على أعلى المستويات.

وفي العقد الأخير تقاطعت المصالح الإيرانية الأمريكية في عدة قضايا لاسيما في أفغانستان والعراق.

وبحسب “مأمون فندي” الباحث في العلاقات الدولية فإن “فالي نصر” العضو في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك يقول في كتابه “الصحوة الشيعية”: “إن الصحوة الشيعية هي السد المنيع في مواجهة التطرف السني في المنطقة، فهي صحوة مضادة لها وللتطرف بشكل عام، تهدف إلى تغيير المنطقة بشكل ديمقراطي”.

ولقد عقد الجانبان الأميركي والإيراني عدة لقاءات في جنيف بسويسرا قبل الفترة التي سبقت الحرب الأمريكية في أفغانستان نوفمبر 2001، تمخض عنها موافقة إيران على دعم العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان بشكل غير معلن، وإن كانت الحكومة الإيرانية قد صرحت علنا بموافقتها على السماح للطائرات الأمريكية باستخدام أجوائها في العمليات الإنسانية فقط.

اما بالنسبة للعراق فلقد كان توجه زعيم المجلس الأعلى الاسلامي العراقي الراحل السيد عبد العزيز الحكيم  من ايران الى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي جورج بوش هو وخمس شخصيات معارضه قبل اجتياح العراق بأشهر معدوده، ومن ثم دخول 5000 مقاتل من فيلق بدر العراقي عبر الحدود الايرانيه وتمركزه في مناطق الشمال بعد بدء العمليات العسكريه بأسابيع، ثم انتقاله الى المناطق الشيعيه في الجنوب وتعهده بعدم محاربة القوات الأميركيه – البريطانيه على أرض العراق، هذه التفاهمات شكّلت ذروة التعاون العسكري والأمني الأميركي – الأيراني على الساحه العراقيه.

 التعاون الإيراني نفسه هو الذي نال إعجاب وزير الدفاع الأمريكي (رامسفيلد) حتى صرح قائلا: “إن إيران لم تفعل أي شيء يجعل من حياتنا صعبة في العراق”.

واليوم يلوح في الأفق شكل من أشكال هذا التعاون تستعد فيه ايران للتنازل هذه المره عن “حصة الأسد” في سوريا بعد أن عوّضتها سلفا في العراق وكانت تعهدت للأميركي بتأمين الاتفاقات التي عقدت بين واشنطن وبغداد حول النفط وعقود السلاح, طامعة اليوم ان تبادلها أميركا الفعل نفسه في بلاد الشام ، فتحتفظ  طهران بنفوذها على قسم من سوريا كي يكون مقرا لمصالحها وممرا تضمن به عدم قطع شريان الحياة عن ربيبها حزب الله اللبناني .

سوف يخيب أمل كل لبناني وسوري يطمح ان يرى تلاشيا لنفوذ ايران في المنطقه وان انحسرمؤقتا ، أو ان يشهد نهاية لقوة حزب الله  في لبنان في المدى المنظور وان توارى سلاحه قليلا خلف التلال العامليه مفسحا المجال لصفقة إقليميه جديده، والسبب أن ايران الاسلاميه الشيعيه باتت حاجه أميركيه لا غنى عنها لتحقيق التوازن مع العالم العربي السني من ناحيه، ومن ناحيه ثانيه لتأمين مصالحها الحيويه في البلدان التي قاتلت فيها وبذلت في سبيل احتلالها  الكثير من الدماء والمال، لا سيما في أفغانستان العراق، فصورالإمام الخميني اليوم تملأ ساحات بغداد معلنة عن سيادة نفوذ ايران الذي تعاظم بعد زوال حكم البعث العراقي وقائده صدام حسين على أيدي الخصوم الأميركيين.

السابق
الحص: إحباط محاولة للابتزاز المالي بإسمي
التالي
الاردن مستعد لتدفق عدد كبير من السورين في حال توجيه ضربة الى سوريا