لماذا هدّد أوباما أبو مازن؟

بدأ باراك اوباما ولايته الاولى متعهداً تنفيذ "رؤية الدولتين"، لكنه الآن يبدأ ولايته اسرائيلياً خالصاً بعدما وجّه قبل يومين تهديداً مباشراً الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس وهو ما لم يقدم عليه الاسرائيليون !
كان ذلك في عمان عندما تلقى "ابو مازن" اتصالاً هاتفياً مفاجئاً منه، فبادر الى تهنئته وانتقل الحديث سريعاً الى موضوع طلب عضوية دولة فلسطين في الامم المتحدة، فدعا اوباما عباس تكراراً الى عدم الاقدام على هذا الامر وهو ما فتح نقاشاً ساخناً بينهما استمر وفق ما قالت لي مصادر في العاصمة الاردنية، 35 دقيقة، انتهت بتوجيه اوباما تهديداً فظاً الى عباس لم يقتصر على التلويح بالعقوبات الاقتصادية ووقف المساعدات، بل أشار الى استمرار حجب حقوق الفلسطينيين من ضريبة المعابر التي تجبيها اسرائيل، والى أمور اخرى تهويلية منها ان الخطوة "قد تتسبب بحرب نووية" هكذا بالحرف!
عباس كان قد وافق على طلب واشنطن عدم تقديم طلب العضوية قبل 6 تشرين الثاني الجاري موعد الانتخابات الاميركية، ويومها تسربت رسالة اوباما الى الدول الاوروبية التي تطلب المساعدة في رصد التحرك الفلسطيني في هذا الاتجاه وتطويقه [هنا ينشط البريطانيون اكثر من الاسرائيليين]. لكن المطالبة الآن بوقف التحرك ربما تعني ان على عباس مثلاً انتظار انتهاء الانتخابات الاسرائيلية. واميركا لا تريد لفلسطين عضوية الامم المتحدة لثلاثة اسباب :
اولاً: لعدم تثبيت الحق الفلسطيني في أراضي 4 حزيران 1967 والحيلولة دون ان يثبت في القانون الدولي ان اسرائيل دولة احتلال، بما يرسخ حق الفلسطينيين الدائم في الحصول على دولتهم .
ثانياً: ان الاعتراف بشرعية الدولة الفلسطينية يشكل طعناً عميقاً بشرعية اسرائيل وهذا يضرب أسس العمق السيكولوجي لاقتناع الاسرائيلي بأنه ينتمي الى دولة شرعية، فهو محتل وليس صاحب وطن!
ثالثاً: يحتاج اوباما الى تأييد الجمهوريين للتفاهم على مروحة الضرائب والاجراءات لمعالجة الازمة الاقتصادية، ولن يناله في ظل هياج المنظمات الصهيونية بعد قبول عضوية فلسطين، وهذا مضمون بأكثرية 135 دولة، فهل من الحكمة انتظار غودو الموافقة الاميركية على العضوية وهو ما لن يحصل بينما تمضي اسرائيل في تهويد القدس وفلسطين كلها ؟
عباس المدعوم عربياً مصرّ على التوجه في 29 من الجاري الى الامم المتحدة لتقديم طلب العضوية "لتثبيت أراضينا المحتلة بما فيها القدس"، ويقول انه لا يريد ان يصطدم مع اميركا او اسرائيل ومستعد للتفاوض في اليوم الثاني، على رغم معرفته بأن اسرائيل قد تختار له مصير عرفات فتغتاله، وقد سبق ان قال لي : "الذين بقوا ليسوا افضل ممن قتلوا لعيون فلسطين"!

السابق
طرد مشبوه في الغازية
التالي
بشرى إلى اللبنانيين: بطاقات “تلكارت” و”كلام” تعود إلى الأسواق خلال 15 يوماً