النهار: حوار 11 حزيران أمام المخارج الشائكة ولغز المخطوفين تُرك في أيدي الأتراك

مع انحسار المعطيات والمعلومات الجدية الدقيقة عن مصير المخطوفين اللبنانيين الـ11 في سوريا وانكفاء هذه القضية الى دائرة الانتظار، فتحت الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية ميشال سليمان أمس الى اعضاء هيئة الحوار الوطني للانعقاد في 11 حزيران المقبل في قصر بعبدا المشهد السياسي على استحقاق جديد ينتظر ان يشغل الاوساط والقوى السياسية وسط ردود فعل متناقضة على الدعوة.
وقد اكتسبت الدعوة الرئاسية دلالتين بارزتين: الاولى في الشكل، اذ لوحظ ان الرئيس سليمان بادر هذه المرة الى توجيه الدعوة من دون استشارات مسبقة في شأنها مع أقطاب طاولة الحوار، كما من دون مشاورات موازية لتوجيهها.
وعلمت "النهار" في هذا الاطار ان زيارات أقطاب من هيئة الحوار لقصر بعبدا ولا سيما منهم النائب وليد جنبلاط السبت الماضي والرئيس فؤاد السنيورة امس لم تكن في اطار التشاور في موضوع الحوار، بل جاءت بناء على مواعيد سابقة لتوجيه الدعوة وإن تكن هذه الزيارات شكلت مناسبة للبحث في موضوع الحوار. وقد عكس ذلك اصرار رئيس الجمهورية على اضفاء بعد جدي على مبادرته وتحميل سائر الاطراف ضمنا مسؤولية مواقفهم منها.
أما الدلالة الاخرى، فتمثلت في مضمون الدعوة التي اتخذت طابعا شاملا في طرح مسألة السلاح مع تمييز وتفنيد واضحين لمعالجتها من ثلاثة جوانب: الاول "سلاح المقاومة وكيفية الافادة منه ايجابا للدفاع عن لبنان والاجابة عن الاسئلة الآتية: لماذا يستعمل؟ ومتى وكيف وأين؟" والثاني "السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وكيفية انهائه وداخل المخيمات وكيفية معالجته"، والثالث "نزع السلاح المنتشر داخل المدن وخارجها".
وفيما أوضحت مصادر معنية بملف الحوار لـ"النهار" ان الفترة الفاصلة عن 11 حزيران، وهو الموعد الذي حدده رئيس الجمهورية لمعاودة جولات الحوار التي انقطعت قبيل تأليف الحكومة الحالية على أيدي قوى 8 آذار، ستشهد حركة سياسية كثيفة بحثا عن مخارج، لم تنف حراجة الموقف الناجم عن مبادرة الرئيس سليمان الى تحديد هذا الموعد قبل معالجة الشرط الذي وضعته قوى 14 آذار للمشاركة في الحوار وهو تأليف "حكومة انقاذ حيادية" تسبقه. وأفادت المصادر ان الرئيس السنيورة لم يكن سلبيا في حديثه مع رئيس الجمهورية امس في هذا الموضوع ولم يقفل الباب على البحث، لكنه أكد أن الموضوع لا يزال يخضع للدرس، فيما علم ان وفدا من قوى 14 آذار سيلتقي الرئيس سليمان قريباً للبحث معه في وجهة نظر هذه القوى من انعقاد هيئة الحوار.
كما ان الرئيس أمين الجميل سيقوم بزيارة ظهر اليوم للرئيس سليمان ليبحث معه في هذا الموضوع في ضوء الموقف المرن الذي عبر عنه حزب الكتائب من الدعوة. وقال مصدر كتائبي بارز لـ"النهار" في هذا السياق إنه لا يمكن الكتائب ان ترفض دعوة رئيس الجمهورية الى الحوار وسيناقش الرئيس الجميل مع الرئيس سليمان كل التفاصيل المتعلقة بهذا الامر. لكن المصدر شدد ايضا على ان الكتائب متضامنة مع حلفائها في قوى 14 آذار في موضوع تأليف حكومة حيادية ولن يكون ثمة حوار يكتسب طابعا وطنيا ما لم تشارك فيه قوى 14 آذار مجتمعة. وفهم في هذا المجال ان ثمة اجتماعا قريباً لقيادات هذه القوى لاتخاذ الموقف الجامع الذي يمليه توجيه الدعوة الرئاسية.
وإذ تريث بعض الزعماء السياسيين في هذه القوى في تحديد مواقف فورية من دعوة سليمان في انتظار المشاورات بين أطراف 14 آذار، عكست مصادر قيادية في "تيار المستقبل" موقفاً متشدداً من الموضوع الحكومي إذ قالت لـ"النهار" مساء أمس إن الموقف الذي أعلنته قوى 14 آذار من بيت الوسط في 24 أيار الجاري "واضح وهو أن لا حوار بوجود الحكومة الحالية وأن المشاركة في الحوار بوجودها في أفضل حال يجعلنا شهود زور على إحراق لبنان وفي أسوأ الأحوال مشاركين في إحراقه، لذا فان مطلب الحد الأدنى هو الاتيان بحكومة حيادية لا تضم أياً من مكونات 14 آذار أو 8 آذار، خصوصاً اننا في فترة تحضيرية للانتخابات النيابية التي تستدعي قيام حكومة لا تضم في صفوفها مرشحين للانتخابات".
وذكرت المصادر "بان السوريين عندما شعروا بموقع قوة بعد خوضهم مفاوضات س. س. بسوء نية طلبوا من "حزب الله" الانسحاب من الحوار وتبعه العماد ميشال عون، واليوم اختلفت الصورة، فالنظام السوري الذي يتهاوى اصبح في موقع ضعف فيما حدد الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله اطار الحوار من منطلق انه هو من يمسك بالحدود الجنوبية فيما تنحصر مهمة الجيش اللبناني في القيام بمهمات الأمن الداخلي، والحوار تالياً هو على سلاح غير سلاح الحزب واعداً بان سلاحه لن يستخدم في الداخل فيما تقول التجارب من خلال حماية الحزب للمتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري و7 أيار 2008 والقمصان السود عكس ذلك".
وأكدت أن "قوى 14 آذار لن تجلس مع (الرئيس السوري) بشار الأسد الى طاولة الحوار وهو ممثل بحكومة يديرها وترسل اليه التقارير ليستخدمها في الأمم المتحدة ضد لبنان ولا تجتمع لترد عليه ولا عندما حاول الأسد احراق طرابلس كما لم تبادر الى الاجتماع لتأخذ قراراً عقب قتل شيخين على حاجز للجيش في عكار او عندما احترقت بيروت برصاص شاكر البرجاوي".

قضية المخطوفين
في غضون ذلك، علمت "النهار" أن وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور الذي يتابع الاتصالات في شأن قضية المخطوفين في سوريا، أبلغ رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ووزيري الداخلية مروان شربل والمال محمد الصفدي في اجتماع عقد أمس في السرايا ان لا معطيات جديدة في هذه القضية سوى أن المخطوفين لا يزالون ضمن الأراضي السورية ولكن في منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة ولاشراف الاتراك، ولذا فان الاتراك هم القادرون على المساعدة انطلاقاً من مونتهم على هذه الجماعات المعارضة. وأكد وزير الخارجية وفق هذه المعلومات أن الاتراك يتابعون وساطتهم لانجاز عملية الافراج عن المخطوفين بسلام ومن دون ردود فعل أو تداعيات. ولم تستبعد مصادر وزارية مطلعة ان تكون عملية الافراج عن المخطوفين قد توقفت بعدما كادت تصل الى خواتيمها الايجابية لكون الجماعة الخاطفة تسعى الى الافادة من الصفقة مالياً أو سياسياً من طرف أو دولة معنية.
أما مصادر الرئيس سعد الحريري، فقالت لـ"النهار" إن الجانب التركي يعالج ملف المخطوفين "فيما هناك موقف للرئيس الحريري ينطلق من أن كل الهمّ هو عودة أهلنا المخطوفين سالمين الى أرض لبنان ولا دور ولا معلومات ولا طموحات على هذا الصعيد".

أزمة المياومين
وبعيداً من هذه التطورات، عادت أمس الى واجهة الأزمات الاجتماعية قضية الاعتصامات التي ينفذها العمال المياومون وجباة الاكراء المطالبين بتثبيتهم في مؤسسة كهرباء لبنان. وصعد هؤلاء تحركهم داخل حرم المؤسسة ثم في مبادرتهم الى قطع الطريق المؤدية اليها مما تسبب بقطع كورنيش النهر أكثر من ساعة وسط زحمة سير خانقة.  

السابق
رسالة تركية
التالي
السفير: أنان يقرّ بتعثر خطته: المطلوب خطوات جريئة نحو الحل السلمي