تخطيط إسرائيلي.. وتمويل خليجيّ .. وتنفيذ تكفيريّ

نستنير بما قاله مؤسس النهضة القومية الاجتماعية في مسألة الصراع بين الطوائف والمذاهب، بعدما بلغ الأمر حد الاقتتال الدموي ومحاولة كل فريق إلغاء الآخر أو إجباره على اتّباع معتقده والتسليم بما يسلّم به هو في الدين والدنيا، وبعدما ذهبت بعض الفرق مذهب التكفير وتحليل ما حرّمته كل النصوص من قتل وإكراه على الولاء سواء كان شأناً غيبياً أو خضوعاً لسلطة زمنية تدَّعي حصراً تمثيل «العزّة الإلهية» على الأرض، إذ يوضح جازماً "أن الاقتتال على السماء يُفقد المتقاتلين الأرض"… في هذا الصدد تأتي كلمات الزعيم سعاده لتؤكد بعد مضي ما نحو ثمانين عاماً من إعلانها في سلسلة محاضرات رافقت تأسيس حركة الصراع القومي الاجتماعي صدقيّة ما تعنيه وما تحذر منه ومن الخطر المدمر لبنية المجتمع والأمّة إذا احتكمت مكّوناتها المتعددة الأعراق والأنساب والولاءات إلى فرض ما تراه كل منها بالقوة على الآخرين، الذين يخالفون أو يرفضون التسليم بما لا يرونه من وجهة نظرهم أنّه محقٌّ وصواب.

ما يعنينا تحديداً ما كان عليه في البدايات هذا الوطن الخصيب بغلاله في سائر الميادين العلمية والفلسفية، الفريد في إبداعاته الأدبية والثقافية، مصدّر الإشعاع والنور إلى أنحاء العالم كلّه وموئل حضارة أغنت البشرية بشرائعها المدنية ورسالاتها السماوية السامية، وما آلت إليه أوضاعه اليوم ليصبح ساحة صراع مرير تتقاذفه أمواج التفرقة والتشرذم وتتحكم العصبيات الطائفيّة والمذهبية في مجتمعاته المتعددة الآراء في القومية والوطنية! ولو أردنا البحث بتجرد عن الأسباب الكامنة وراء هذه التفسخات الاجتماعية في بنية فئاته ومكوناته لوجدنا أن العصبيات الطائفية والمذهبية فعلت فعلها في هذا الشأن، بعدما ضخّت الصهيونية العالمية و"إسرائيل" ما يكفي من خبث وسموم يكفيان لإيصال الأمور إلى ما وصلت إليه اليوم من تصدّع وزلازل طالت الأغلبية الساحقة في العالم العربي فباتت طوائفه أسيرة فتاوى مطعّمة بنكهات غربية استعمارية صهيونية خارج كل الأعراف والقناعات والمناقب والأخلاق (ما رأي جهابذة التكفير في الفتوى التي صدرت في مصر حديثاً وتجيز للرجل بعد موت زوجته ما كان أجيز له من ممارسة وهي بعد على قيد الحياة؟!)، ما علاقة هذا الأمر في جوهر الدين ورفعته وسموّه وأخلاقياته؟ أليس هذه الفتاوى الفتنوية كلها من رجس الشيطان "الإسرائيلي"؟ ولماذا يحاول "القرضاويون" تعميمها وتشريعها باسم الدين ورفعها شعاراً من شعارات ما يسمّى بالربيع العربي؟


ما يحصل على امتداد العالم العربي، خاصة على الساحة السورية، وتحديداً في شمال لبنان، خدمة مجانية للمشروع الإسرائيلي الهادف إلى تدمير مقوّمات الصمود والمقاومة على امتداد الوطن، ومخطط جهّنمي مثلّث الأضلاع يساند واحده الآخر في أسوأ محور شرٍ عرفه التاريخ الحديث… فالتخطيط "إسرائيلي" بامتياز وبدعم غربي إلى أبعد الحدود، والتمويل خليجي متهوّد، والتنفيذ تكفيريّ على يد جماعات امتهنت الارتزاق والعمالة تحت شعارات طائفية ومذهبية بغيضة لا علاقة لها بالدين وسموّه ورفعته.

أمر آخر لا بد من الإشارة إليه مجدداً يتمثل الهجوم المتصاعد على المؤسسة العسكرية ودورها الوطني، في محاولة يائسة لإسقاطها في مطبات طائفية وحزبيات ضيقة، محاولين إخراجها من المعادلة المشرّفة المتمثلة في الجيش والشعب والمقاومة التي أثبت جدارتها في حماية السلم الأهلي والحق الوطني من الضياع في متاهات الغباء والقوقعة، أمام المغريات والحوافز ورغم الشحّ والتضييق الذي يمارس على قيادتها كل يوم.

السابق
عليكم بالزواج…
التالي
جعجع: لا حلّ إلا برحيل الحكومة