الراي: الحكومة اللبنانية مسرحاً لحرب الكواكب بين ميقاتي وعون

يدخل لبنان مع نوفمبر شهر الاستحقاقات الصعبة، التي من شأنها اظهار حجم التحديات التي تواجه الحكومة والمعارضة في آن، لاسيما في ضوء تعاظم الصراع حول الموقف من المحكمة الدولية التي تتهم أربعة من «حزب الله» في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، والموقف من الاحداث في سورية كـ «زلزال استراتيجي» يصيب لبنان.
فحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، التي تحوّلت «مستودع خلافات» بين مكوّناتها، هي على موعد مع «الصاعق» الذي قد يؤدي عدم تعطيله الى تفجيرها، والمتمثل باستحقاق دفع لبنان حصته من تمويل المحكمة الدولية آخر نوفمبر، وسط كلام عن «كوة» ما لإمرار التمويل رغم رفض «حزب الله» المبدئي والعملي لمحكمة تريد «رأسه».
غير ان المحكمة ليست التحدي الوحيد الذي يواجه حكومة ميقاتي في الاسابيع المقبلة، ولعل الأهم في «حقل الألغام» الذي ينتظرها يتمثل في الآتي:  

> «الود الملغوم» بين رئيس الحكومة وشريكه القوي، زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون الذي يواظب على «فتح النار» على ميقاتي، وهو قال اخيراً انه يشعر وكأنهما من «كوكبين مختلفين».
> سلسلة المعارك التي يخوضها عون، الطامح للامساك بأكبر قدر من كعكة السلطة، والتي دفعته الى الاعلان عن ان مصير الحكومة بيده. وهو الامر الذي ينعكس توتراً في علاقته مع المكونات الاخرى في الحكومة.
> استمرار تجنب الاقتراب من «لغم» التعيينات الادارية في مواقع قيادية في الادارة والقضاء والسلك الديبلوماسي تجنباً لانفجارٍ تطول شظاياه «الود المفقود» بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والعماد عون.
واللافت ان «التباين» في الاولويات بين طرفيْ التحالف الصلب، اي عون الذي تحكمه حسابات تتصل بموقعه في السلطة و«حزب الله» صاحب العين الاستراتيجية، خرج اخيراً الى «التداول» وسط محاولة من الحزب لاحتوائه.
وتتزامن تحديات الحكومة من داخلها مع ضغوط خارجية متصلة بـ «الخطوط الحمر» الدولية التي رسمتها العواصم الغربية لبيروت في تعاطيها مع الملف السوري، لاسيما في الجوانب المتعلقة بالقطاع المصرفي وبالحريات وحماية المعارضين.
واذا كان لبنان الرسمي يتعاطى بـ «دراية» مع التحذيرات الدولية بعدم تحويل بيروت «رئة» مالية للنظام في سورية، فان المسألة المرتبطة بأوضاع المواطنين السوريين والمعارضين من بينهم في لبنان تبدو «خارج السيطرة».
وتولي المعارضة اللبنانية اهمية استثنائية لهذا الملف بعدما ازدادت عمليات الخطف التي بدأت مبكراً مع اختفاء الاخوة الجاسم و«تبخُّر» الشخصية المخضرمة شبلي العيسمي وملابسات خطف ثلاثة عمال ومن ثم اعادتهم اخيراً.


 
وقالت اوساط بارزة في المعارضة لـ «الراي» ان ظاهرة الخطف «أمنية» في الدرجة الاولى والأخطر فيها انها مرشحة للانفلاش بسبب ادارة الدولة الظهر لها ومحاولة التعمية عليها الى حد التواطؤ الضمني.
ورأت هذه الاوساط ان عمليتيْ خطف الاخوة جاسم والعيسمي نُفذتا في مناطق بالغة الحساسية (الاولى في الحازمية والثانية في عاليه)، وهو الامر الذي يشكل مصدر خطر لا يمكن التساهل حياله.
ولفتت الاوساط عينها الى ان المعارضة لن تتهاون في هذه القضية التي يخشى تحولها الى «فلتان» من شأنه تعريض الحريات العامة في البلاد الى اختبارات قاسية.

وبدت المعارضة وكأنها اخذت جرعة من «الاكسجين السياسي» بعد اللقاء الذي عقده وفد من شخصياتها مع زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري في الرياض، على هامش التعزية برحيل ولي العهد الامير سلطان بن عبد العزيز.
واستمرت التكهنات في بيروت حول موعد عودة الحريري من «منفاه الاختياري» لأسباب كان وصفها بـ «الامنية واشياء اخرى». وقال مستشاره الوزير السابق محمد شطح ان عودة الحريري قد تكون في موعد أقرب مما يتوقّعه خصومه.
في موازاة ذلك، لم يساهم قرار رئيس الجمهورية بـ «تجزئة» ترقيات الضباط الى جزءين عبر حصر الاول الذي وقّعه بالعقداء وما دون، في سحب فتيل «الأزمة» التي يمكن ان تنشأ في حال لم تنجح الاتصالات الجارية في تأمين مخرج لعقدة ترقية رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن (الى عميد) والتي أرجئت بسببها الترقيات من رتبة عقيد وما فوق.

وقد اراد سليمان من خطوته تفادي تجميد كل الترقيات من جهة، كما تلافي صدام مع «تيار المستقبل» الذي كان اعلن عبر زعيمه الرئيس سعد الحريري «لن نسكت على أي ظلم يمكن أن يقع» على الحسن، الذي يصرّ فريق «المستقبل» على استثنائه من «اتفاق الجنتلمان» الذي كان عُقد بطلب من رئيس الجمهورية على قاعدة عدم ترقية العقداء الى عمداء الا بعد امضاء ست سنوات خدمة في رتبة عقيد (عوض خمسة كما ينص القانون)، وذلك نظراً الى الانجازات (لا سيما في محاربة وكشف شبكات التجسس لاسرائيل) التي حققها «المعلومات» الذي يتعرض منذ أعوام لحملة شرسة من قوى 8 آذار.
ووسط استمهال «المستقبل» على قاعدة التمسك بترقية الحسن وعدم كسر المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي (من صلاحيته اقتراح ترقية الضباط من عقيد الى عميد) الذي طلب ترقية رئيس «المعلومات»، يجري الحديث عن مخارج على قاعدة توقيع ترقية الحسن (وكذلك العقيد الياس البيسري) على ان تسري من مطلع السنة الجديدة وبلا مفعول رجعي.

ووسط الانشغالات المحلية بالملفات الداخلية، تستقبل بيروت بعد غد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الذي يزورها للمرة الاولى منذ تعيين ولمدة 48 ساعة تتخللها محادثات مع رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة ووزير الخارجية عدنان منصور والرئيس الاسبق أمين الجميل وبعض القيادات السياسية.
وستتمحور محادثات العربي حول ملفات عدة بينها الاوضاع في الدول العربية، ومصير الطلب الفلسطيني المطروح على مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية وانضمامها بالكامل الى عضوية منظمة الامم المتحدة، الذي احدث انقساماً على المستويين الدولي والعربي اضافة الى علاقة لبنان بالجامعة وموقفها الدائم لجهة مطالبة اسرائيل بتنفيذ القرار 1701 بكل مندرجاته، وموقف لبنان من الملفات المطروحة لتحسين أداء الجامعة ومؤسساتها. 

السابق
حزب الله مع عـون حتى يوم القيامـة
التالي
النهار: تشرين الثاني المهلة الأخيرة لخيارات التمويل وجنبلاط يطلق مسار إنهاء الوراثة في حزبه