هـل يصبح بديـلاً عـن التبـغ؟

تغطي حقول الزيتون مساحة واسعة من الأراضي الزراعية في بنت جبيل وجوارها، وتنتقل مئات العائلات في الأيام الحالية لقطف وتجميع محصول الموسم، من تلك الثمرة التي قدستها الأديان، عائلات بكبارها وصغارها، شيبها وشبابها، نسائها ورجالها، تمضي أيامها في قطاف الزيتون من شروق الشمس وحتى غروبها. انطلق موسم قطاف الزيتون في السنة الحالية، مستفيداً من أمطار أيلول التي أمنت لحبيباته المزيد من الغذاء، فزادتها حجماً وأغنتها زيتاً.

ويشير المزارع علي ابراهيم إلى أن «الموسم الحالي أكثر من ممتاز، بل أفضل من السنة الماضية». وفي محلة الوادي، راحت أم علي شرارة تراقص أكوام الزيتون، بعدما قامت مع مجموعة من العائلة بقطافها، وتغربلها من بعض الأوراق التي تسقط أثناء القطاف، «الله يبارك»، تقول شرارة، مشيرة إلى أن «الموسم حرزان هالسنة». وتغرف بصينية بلاستيك «كمشة» زيتون، تهزّ الصينية، فتتطاير الحبات كمن يرقص على جنى المحصول ويعزف لخير تلك الحبة المباركة. ولا يزال قاطفو الزيتون يستخدون الطريق التقليدية في القطاف، والتي تستعمل منذ أن عرفت تلك الشجرة، عبر استعمال الأيادي فقط، فلا آلات ولا أدوات برغم وجود بعض أنواعها، التي لم تستطع الحصول على ثقة المزارع حتى اليوم، منها آلة لها أيد طويلة من البلاستيك، تنتهي بأسنان على شكل المشط، تقوم بتمشيط الأغصان والفروع المشكولة على غصون الزيتون، فتتساقط الحبات على مفرش من النايلون أو القماش يمدّ تحت أغصان الشجرة ليجمع فوقها الثمر. ويشير أحد مالكي كروم الزيتون ماجد بيضون إلى أن «الزيتون يستمر قطافه من تشرين الأول إلى تشرين الثاني». ويتحدث عن تاريخية شجرة الزيتون ومكانتها، حيث ذكرت في مختلف الأديان. ويقول: «إن الرومان هم من أدخلوا شجرة الزيتون إلى بلادنا، وهي شجرة معمرة فضلاّ عن نوع آخر من الزيتون، أي الشجرة الإيطالية الموجودة في لبنان، والتي أدخلت إلى بلادنا قبل نحو نصف قرن».

وتتفاوت نوعية الزيتون وإنتاج زيته وفقا للجودة والنوعية والحجم، فالحبة الكبيرة تحول للأكل وسعر الكيلوغرام الواحد يتراوح بين 2500 وستة آلاف ليرة، بينما صغيرها يحول لاستخراج الزيت، والمعدل أن كل سبعين كيلوغراما من الزيتون، ينتج 16 كيلوغراما من الزيت. وسعر صفيحة الزيت لا يقل عن مئة دولار، تباع حاليا بسعر يترواح بين 200 و225 ألف ليرة. وإذا كان الإنتاج المحلي في قرى بنت جبيل، بالكاد يكفي الحاجات المحلية للأهالي، وأحيانا يقل عن حاجتهم، فلا مشكلة لديهم في تصريف الإنتاج، أو تكديسه، إلا أن الأصوات ترتفع نحو تحويل تلك الزراعة إلى زراعة بديلة عن زراعة التبغ، خاصة أن نوعية التربة التي تحتاجها الزراعتان متشابهة، فيما مردود زراعة الزيتون أكبر بكثير من مردود التبغ، ويحتاج إلى عناية أقل. ويلفت المزارع فؤاد ترحيني إلى أن «كل دونم من الأراضي، يعطي مليون ليرة سنوياً اذا ما زرع تبغاً، ويحتاج من تسعة إلى عشرة أشهر من العمل، بينما يمكن زراعة ذلك الدونم بنحو 40 شجرة من الزيتون، تعطي ما لا يقل عن 20 صفيحة من الزيت، بسعر لا يقل عن ثلاثة ملاين ليرة، إذا احتسبناها على السعر الأدنى».

وبحسب ترحيني فإن «كل ما هو مطلوب من الدولة، تحويل الدعم نحو تلك الزراعات، بعيدا عن منطق الربح والخسارة، بالإضافة إلى العمل على تأمين أسواق تصريف، لا سيما العربية منها، والتي تحتاج إلى ذلك المنتج».  

السابق
نحاس: لا يجوز وقف مشروع الموازنة بسبب المحكمة
التالي
ثقافة طهر نيعك