«بيروتشيما» تفتح أبواب المساعدات..والدولة الفاشلة تحت المجهر الدولي والشعبي!

مساعدات مالية المانية
إنفجار المرفأ "البيروتشيمي" أذهل اللبنانيين وادماهم وابكاهم لهول ضخامته وما سببه من موت ودمار وكوارث لن يتخلص منها لبنان اقله لعقد من الزمن، وبدوره حرك العالم بكل دوله الفقيرة والغنية والمتطورة والنامية لتتدفق مساعدات بالاطنان من مواد طبية وغذائية ومستشفيات ميدانية وصولاً الى طواقم طبية واغاثية وحتى جنود ومحققين وبوارج وصلت الى بوابة بيروت البحرية.

حبلت الازمة اللبنانية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وبدأت تباشير الإجهاد تظهر على حملِها منذ ايلول في العام 2019 لتبدأ اول الانقباضات في 17 تشرين الاول، ومن دون ان تثمر ولادة ميسرة بحكومة حيادية تدير الازمة وتخرج البلاد منها حتى انفجرت بولادة قيصرية نووية في 4 آب الجاري.

إنفجار مرفأ بيروت كان له تداعيات ضخمة ونتائج كارثية بشرياً ومادياً، وتؤكد مصادر متابعة في المجتمع المدني الناشط لمعالجة تداعيات الانفجار لـ”جنوبية” ان هناك الكثير من الملاحظات والمشاهدات التي عاينتها عن كثب ولمستها لمس اليد.

إقرأ أيضاً: «أجراس العودة» لن تقرع الى.. منازل بيروت!

وتشير المصادر الى انها شعرت حجم التعاطف الدولي والعربي ولا سيما الخليجي مع لبنان وازمته ومأساته الحقيقية وحفزها الحس الانساني لتقديم الحد الاقصى من المساعدات للازمة والضرورية .

وتلفت الى ان الملاحظة الثانية كانت حجم انعدام الثقة بين المواطنين اللبنانيين المنكوبين وذوي الضحايا والجرحى والمهجرين قسراً من منازلهم المدمرة والمتضررة والطبقة السياسية والمتعفنة واللاهثة وراء المنفعة والسمسرات وقبض الرشاوى والعمولات ولو على حساب دماء وجراح الناس.

تأكيدات دولية وعربية بعدم تسليم قرش واحد للحكومة وانهم لا يعترفون الا ببعض المنظمات الدولية والحقوقية والاجتماعية 

كما لاحظت المصادر حالة اللاثقة بالطبقة السياسية عند المجتمع الدولي الحكومي والخاص والعربي والخليجي ايضاً اذ سمعنا منهم ان هذه الطبقة السياسية التي تحكم لبنان منذ عقود وهي موجودة في السلطة اليوم لا يهمها الا جيوبها.  كما سمعت تأكيدات انهم لن يسلموا قرشاً واحداً للحكومة او اي مسؤول حكومي او رسمي وانهم لا يعترفون الا ببعض المنظمات الدولية والحقوقية والاجتماعية  ولا يثقون الا بها.

حصص غذائية تم توزيعها عبر جمعيات محلية موثوقة
حصص غذائية تم توزيعها عبر جمعيات محلية موثوقة

وتشير الى ان الملاحظ ايضاً باستثناء بعض المواد الغذائية والاغطية والفرش والشوادر وهي “العدة” اللازمة للحروب والنكبات والازمات ان غلب على المساعدات الطبية المسشتفيات الميدانية وطواقمها وحتى حرس امني لها. كما تفاجأت المصادر من احد الاطباء المعنيين والذين عاينوا المواد الطبية التي اتت انها كناية عن ضمادات للجروح والحروق و”الرشوش” ومراهم الحروق والجروح و”الدواء الاحمر” والشاش واللصقات الطبية وبعض المسكنات التقليدية. في حين غابت المواد المخدرة للجراحات والنقص في مواد وأدوية مكافحة “الكورونا”.

إقرأ أيضاً: خبيران إقتصاديان يحذران عبر «جنوبية» من أخطار التراجع الجديد للتصنيف: لبنان تحت الحصار

وعن الجهات التي تسلمت وتتسلم المساعدات، تؤكد المصادر ان الجيش والهيئة العليا للاغاثة هي من تتسلم كل المواد على انوعها فيما آثرت بعض الدول ولا سيما اميركا والامارات والسعودية تسليم هذه المواد للجيش ومن ثم اشرفت بنفسها عبر فرق متخصصة توزيعها على بعض الجمعيات التي تعرفها والصليب الاحمر اللبناني ومباشرة الى المستحقين والمنكوبين.

تسرب مساعدات طبية الى “حزب الله” و”التيار”!

وتكشف ان حتى الساعة لا معلومات مؤكدة عن تسرب قسم من المساعدات الى جمعيات محسوبة على “التيار الوطني الحر” و”حزب الله” كونهما يتغلغلان في المؤسسات وقام بعض محازبيهما ببيعها للسوبر ماركات والصيدليات.

 في المقابل  تلفت الى ان الجيش ومخابرات الجيش وبعد معلومات تناهت الى لجنة الطوارىء التي شكلها الجيش في بيروت، بدأت تحقيقات مكثفة لمعرفة كيفية اختفاء بعض المساعدات والتدقيق في معلومات عن بيع لكمية معينة من المواد الطبية والاسعافية.

فرنسا وماكرون “اول من سبق وشم الحبق”

في السياسة لا يمكن فصل التفجير وتداعياته وتدفق المساعدات الانسانية من مختلف الدول بعد ساعات على الفاجعة عن الجانب الانساني والاقتصادي، فلكل دولة مصالح وغايات ولها طرقها في تطبيقها وتنفيذها. وصحيح ان المأساة اللبنانية الكبيرة لكن لا شيء بمنع اياً كان من استغلال اي مناسبة او حادثة لمصلحته.

المساعدات مستمرة عبر جسور جوية
المساعدات مستمرة عبر جسور جوية

فرنسا ايمانويل ماكرون كانت سباقة في الوصول الى بيروت وحط رئيسها في مرفأ بيروت عارضاً مبادرات حكومية وسياسية لم تتبلور حتى الآن لمنه ترجم مساعدات انسانية وطبية وحضور عسكري بالبارجة الفرنسية الموجودة حالياً في المياه اللبنانية بالاضافة الى خبراء ومحققين.

العراق  

عربياً، كان الموقف العراقي هو الأسرع من بين المواقف الدولية تجاوبًا مع الكارثة، فبعد ساعات قليلة من الحادث أصدر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي قرارته بتقديم المساعدات للبنانيين، وتنوعت حزم الدعم المقدم بين براميل نفط مجانًا وبصورة يومية، وأطنان من المواد الطبية والمساعدات العينية.

في الجهة الأخرى كانت القاهرة من بين الدول التي سارعت للتجاوب مع الأزمة، حيث أرسلت طائرتين عسكريتين محملتين بالمستلزمات الطبية المختلفة، هذا بجانب تعزيز إمكانات المستشفى الميداني الطبي المصري في بيروت، والموجود هناك منذ عدة سنوات بالاضافة الى حضور دبلوماسي مثله وزير الخارجية سامح شكري.

ردود الفعل الخليجية ترجمة للصراع والنزاعات بين دول مجلس التعاون لا سيما أن الدولة اللبنانية تعد ساحة كبيرة لها

اما ردود الفعل الخليجية جاءت هي الأخرى انعكاسًا للصراع والنزاعات بين دول مجلس التعاون، لا سيما أن الدولة اللبنانية تعد ساحة كبيرة للحرب البادرة بين العديد من العواصم الخليجية، وعلى رأسها السعودية التي جاء تحركها باهتًا رغم إعلان تضامنها مع لبنان في أزمته.

السعودية

المتابع للمشهد اللبناني السعودي يجد أن الأخير يتعامل مع حكومة حسان دياب كونها تابعة لحزب الله ومن ثم إيران، الخصم الأبرز للسعوديين، فالبيان الصادر عن الرياض جاء بروتوكوليًا أكثر منه ممارسات على أرض الواقع، وبينما كانت المملكة تبني جسور دعم ومساعدات لبعض الدول الأوروبية وفي أمريكا اللاتينية التي تعرضت لكوارث طبيعية نجدها تكتفي ببيانات دعم وتضامن أجوف من أي مضمون.

اما الكويت فأفادت وكالة الأنباء الكويتية “كونا”، أن مجموع الطائرات المشكلة للجسر الجوي الكويتي لدعم لبنان، بلغ حتى اليوم 18 طائرة نقلت على مدى 11 يوما على التوالي ما يقدر بـ820 طنا من الاحتياجات “بشكل مكثف” بدءا من وقوع انفجار بيروت في الرابع من الشهر الجاري.

الجيش تسلم 192 طائرة من 42 دولة في مطار بيروت إضافة إلى 5 بواخر تحمل مساعدات بموجب مستندات موقعة

ومن هذه الطائرات طائرتان من القوة الجوية الكويتية تحملان نحو 66 طنا من الشحنات التموينية.

الدوحة كانت على رأس دول الخليج التي سارعت ببناء جسر جوي من المساعدات للبنان، فمنذ الوهلة الأولى للانفجار أرسلت قطر مستشفيات ميدانية للتخفيف من الضغط على المنظومة الصحية اللبنانية، بجانب 4 طائرات محملة بالمعدات والمستلزمات الطبية بجانب المساعدات الاقتصادية الأخرى.

إقرأ أيضاً: التمديد لبرلمان 2018 يبدأ..العهد و«حزب الله» يجهدان للسطو على 8 مقاعد!

الدعم القطري للبنان لم يتوقف عند حاجز الموقف الرسمي للدولة فقط، فعلى المستوى الشعبي، قدمت “جمعية قطر الخيرية” (خاصة) العديد من المساعدات المادية والعينية، منها مشاركة فرقها الإغاثية في توزيع المواد الغذائية والضرورية على المتضررين من الانفجار.

الامارات

إماراتيًا، تبنت أبو ظبي خطابًا دبلوماسيًا في التعبير عن تضامنها مع الشعب اللبناني في مأزقه، حافظت فيه قدر الإمكان على تجنب غضب حليفتها الرياض، فيما أرسل حاكم دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، جسرًا جويًا كمساعدات طارئة لبيروت، علمًا بأن العلاقات بين البلدين تشهد تنسيقًا وتعاونًا كبيرًا خلال الآونة الأخيرة، ولطهران دور كبير في تعميق تلك العلاقات.

اما طهران فأرسلت بعد سلة من المساعدات الطبية والغذائية، وزير خارجيتها محمد جواد ظريف لتثبيت الحضور مع وصول وزيرة الجيوش الفرنسية بعد ماكرون ومع البارجة العسكرية الفرنسية والبريطانية ووصول الموفد الاميركي ديفيد هيل وكلّ فصّل الازمة اللبنانية والحكومية على حجم طموحاته ونفوذه وتدخلاته.

جانب من المساعدات الاماراتية للبنان
جانب من المساعدات الاماراتية للبنان

ورد الفعل المغربي ربما يكون الأكثر اتساقًا مع البعد الإنساني، خاصة في ظل العلاقات الجيدة – غير المؤدجلة في معظمها – التي تربط بين بيروت وعواصم دول المغرب العربي، حيث أرسلت تونس طائرتين عسكريتين محملتين بالمساعدات الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية لدعم الشعب اللبناني، بجانب إيفاد كوادر طبية لمساعدة نظرائهم اللبنانيين في عبور الأزمة.

كما حضرت الجزائر بصورة إيجابية، إذ أرسلت عن طريق الهلال الأحمر الجزائري قرابة 200 طن من المساعدات الإنسانية والطبية للشعب اللبناني، هذا بجانب الحملة الشعبية التي دشنها الجزائريون لتقديم يد العون والدعم لأشقائهم اللبنانيين.

وهو الموقف ذاته الذي تبنته الرباط، إذ أرسلت بناءً على توجهات من العاهل المغربي مساعدات عاجلة لتخفيف الأزمة الإنسانية في بيروت، حيث أقلعت أربع طائرات من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء وطائرتان أخرتان من القاعدة العسكرية بالقنيطرة، بناء على توجيهات الملك محمد السادس الذي أمر كذلك بإرسال وإقامة مستشفى عسكري ميداني ببيروت بهدف تقديم العلاج الطبي العاجل للمصابين في الانفجار الدامي.

ألمانيا هي الأخرى لم تكن بعيدة عن المشهد، حيث سارعت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، لتقديم المساعدات الاقتصادية لإغاثة المتضررين، تلك المساعدات التي باتت ضرورية وبصورة ملحة أكثر من أي وقت مضى بحسب صحيفة “زوددويتشه” الألمانية.

المساعدات مستمرة

ويقوم الجيش بتوزيع المساعدات على العائلات المتضررة في منطقة الانفجار ومحيط المرفأ، فيما تواصل دول عربية وغربية إرسال المعونات العينية والغذائية والطبية واللوجستية للشعب اللبناني.

وبحسب الجيش، فقد وصل أكثر من 192 طائرة من 42 دولة إلى مطار بيروت، إضافة إلى 5 بواخر تحمل مساعدات، وتسلم الجيش حمولتها وسلم السفارات والجمعيات الكميات المخصصة لها بموجب مستندات موقعة.

وقامت وحدات الجيش بتوزيع ما لديها من حصص غذائية في المناطق المنكوبة، وبلغت أكثر من 40 ألف حصة، على أن تستأنف توزيع مساعدات أخرى فور تسلمها لشحنات جديدة.

ووزعت الأفران الخبز مجانا على سكان المناطق المتضررة بعد حصولها على الطحين من الجيش اللبناني.

لكن سكان مناطق مار مخايل والجميزة والمدور والكرنتينا القريبة من المرفأ، يشكون غياب الدولة والأجهزة المختصة عن مناطقهم، خصوصا فيما يتعلق بمسح الأضرار وتقييمها، ويقول كثيرون إنهم وُعدوا بتلقي مساعدات فورية لإصلاح منازلهم لكن ذلك لم يتحقق.

ويعمل المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية والأفراد على مساعدة عشرات الآلاف من المتضررين لإصلاح منازلهم، أو لتوفير مساكن مؤقتة بديلة إلى حين ترميم ما دمر، وسط مخاوف من أزمة أكبر مع اقتراب فصل الخريف وموسم الأمطار.

محققو "الاف بي اي" في مطار بيروت
محققو “الاف بي اي” في مطار بيروت
السابق
ارقام مُفاجئة للكورونا في لبنان.. وعداد الوفيات الى ارتفاع!
التالي
التدقيق الجنائي بحسابات مصرف لبنان الى الواجهة من جديد.. هل تفعلها الحكومة؟