جنوب لبنان: مولدات تدرّ الطاقة والأموال.. حزب الله وأمل وثالثهما «الفساد»

مولدات جنوب لبنان وسيطرة الثنائي الشيعي (جنوبية)
يكشف هذا التحقيق الإستقصائي الخاص بموقع "جنوبية" بالأسماء المافيات التابعة للثنائي الشيعي والذين يديرون مولدات جنوب لبنان ويحققون من ورائها أرباحًا طائلة. يتخفّى كل من حزب الله وحركة "أمل" تحت عباءة القطاع الخاص في الكثير من البلدات الجنوبية لكن بالسطوة المسلحة التي يتمتعان بها يفرضون الخوات على التابعين لهم وغير التابعين.

تقدّر دراسات اقتصادية أن اللبنانيين يدفعون حوالي 1.5 مليار دولار لأصحاب المولدات  الكهربائية الخاصة الذين يسدون عجز مؤسسة كهرباء لبنان، فيوزعون مولداتهم على الأحياء في كافة المدن والقرى اللبنانية(1)، نافثةً سموم كربوناتها من العوادم ومسبّبةً الموت البطيء للمواطنين وكذلك الخطر الوشيك، بفعل شبكة الكابلات العشوائية التي تتدلى من أعمدة الكهرباء وأسطح البنايات.

ولكن السؤال هو: كيف تدرّج قطاع الكهرباء في لبنان المنظّم من شركة عامة رسمية نجحت بعد فترة وجيزة من الاستقلال بتأمين التيار لكافة المناطق اللبنانية بأسعار زهيدة للمواطنين محققة أرباحًا وفيرة لخزينة الدولة، لأَن يصبح هذا القطاع عبئا على الخزينة في التسعينيات بعد الحرب متسببا في خسائر بعشرات المليارات من الدولارات  إثر سيطرة أصحاب المولدات الخاصة على هذا القطاع الحيوي؟

مع بداية ستينيات القرن الماضي حظي لبنان بشبكة كهربائية غطت المناطق اللبنانية بشكل شبه كامل، وأتى ذلك في سياق محاولة العهد الشهابي بمد خدمات السلطة الى كل المناطق.

لكن مع نهاية حرب السنتين، وهي المرحلة الأولى من الحرب الاهلية اللبنانية عام ١٩٧٦ بدأ الانقطاع غير الدوري في عدد من المناطق اللبنانية، ما دفع المواطنين للاعتماد على المولدات الكهربائية الصغيرة والخاصة.

بعد العام ١٩٩٢، بدأ الحديث عن اعادة رفع إنتاج الكهرباء تدريجيا وتوزيعها، من دون أي خطة لإعادة تأهيل شبكات التوزيع.

وباتت الوعود العرقوبية لوزراء الطاقة سيدة الموقف. الا ان اي منها لم ينفذ حتى اللحظة، في حين افسح المجال امام المولدات الكهربائية  لتكون حلا دائما بدل أن تكون حلا مؤقتا، وضمن سياسة تقودها السلطات المحلية المرتبطة بأقوياء الطوائف.


إمدادات كهربائية في صيدا جنوب لبنان (ذا ديلي ستار/محمد زعتري)

وتفاوتت أدوار البلديات، بعض البلديات لعبت دورها المسؤول في تأمين التيار الكهربائي للمواطنين وفق أسعار مدروسة، وبعض البلديات شكّلت حماية لأصحاب المولدات، وفي بعض المناطق كان أعضاء من المجلس البلدي نفسه يملكون المولدات ويديرونها.

في أمكنة اخرى تتصرف بعض البلديات وكأنها غير معنية بالموضوع وبالتالي يترك المواطن في مواجهة اصحاب المولدات المدعومين من سلطات مختلفة، وحيدا.  

واليوم يواجه المواطنون ارتفاع كلفة الاشتراك الكهربائي وسط خطاب رسمي يحاول ان يهيئ الناس لانقطاع تام للتيار الكهربائي الرسمي وكأن ذلك خارطة طريق للخصخصة الكاملة للتيار الكهربائي، وتسليم رقاب الناس الى أصحاب المولدات المحميين من أطراف السلطة.

مافيات “حزب الله وحركة أمل” تتحكم بمولدات جنوب لبنان

في الجنوب، حيث يسيطر الثنائي الشيعي على معظم البلديات، نجد أنواعًا مختلفة من الاشتراكات، إذ نجد بلديات تملك وتسيّر المولدات، وبلديات لا تتدخل بشؤون الكهرباء وتترك الأمر للقطاع الخاص، وهناك حالات مشتركة ما بين الحالات التي جرى الاشارة إليها. إلا أن أحد أصحاب المولدات قال في لقاء معه عقد ١٠ آذار (2)، أن أي صاحب مولد لا يستطيع الاستمرار بعمله الا إذا كان يحظى بحماية سياسية أو أمنية وذلك لقاء بدل مالي يدفعه ويحسبه من الكلفة أو شراكة ما تتم تحت الطاولة.  

وفي التقسيم الجغرافي، يمكن ملاحظة سيطرة أفراد على علاقة بحركة أمل في منطقة الساحل وجزء من النبطية، في حين يسيطر حزب الله على معظم الجانب الشرقي من الجنوب.

قضاء مرجعيون: أرباح المولدات بتصرف حزب الله

قضاء مرجعيون (جنوبية)

في قضاء مرجعيون الذي يضم بلدات وقرى مختلطة الطوائف الى جانب أرجحية شيعية، تقع بلدة الخيام وهي من أكبر بلدات القضاء – إذ يبلغ عدد سكانها المسجلين نحو ٢٧٧٥٠ شخصا –  لكن عدد المقيمين لا يتجاوز ٢٥٠٠ شخص. يتمثل الثنائي الشيعي في المجلس البلدي، لكن أحد أعضاء المجلس رفض الكشف عن اسمه يحسم بأن حزب الله هو الطرف الرئيس  والمقرر في المجلس البلدي.

في لقاء تم مع عضو بلدي لبلدة الخيام في الاسبوع الاول من شباط ٢٠٢١(3)، ورفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال “في البلدة سبعة مولدات كهربائية موزعة على الأحياء السكنية والتجارية، وقد اشترتها البلدية من صندوقها البلدي”.

ويضيف “هناك عضو في المجلس البلدي اسمه حسن حيدر يشرف عليها، وهو عضو في حزب الله أيضا، ويعمل على متابعة المولدات مع 15 عاملا معظمهم من حزب الله”.

من جهة أخرى يؤكد العضو نفسه أن “الأموال التي تجبى من المشتركين توضع في صندوق خاص ولا تدخل في الحسابات العامة للبلدية ويتصرف فيها حيدر بدون رقابة أو متابعة من المجلس البلدي”.

ويضيف “إن إدارة المولدات تلتزم بالتسعيرة الرسمية التي تعلنها وزارة الطاقة، لكن احيانا تحدد البلدية سعرًا أقل من السعر الرسمي”.

وعن إمكانية وجود أرباح في صندوق المولدات، يكشف عضو البلدية إنه “خلال الاعوام السابقة حققت المولدات ارباحا طائلة، وهناك حديث إن نحو ٨ مليارات ل.ل. جرى تشغيلها في مؤسسة القرض الحسن”، لكن ناشطًا مدنيًا من الخيام أكد تشغيل الاموال في القرض الحسن لكنه لم يؤكد قيمة الأموال المشغلة. ويجري الحديث الآن أن لا أرباح حاليا بسبب ارتفاع كلفة الصيانة وبسبب قدم المولدات.

وفي بلدة حولا، يبلغ عدد السكان المسجلين نحو ١٢ ألف شخص، لكن المقيمين منهم لا يتجاوز عددهم ٢٠٠٠ شخص. 

يتشكّل مجلس حولا البلدي من عناصر تنتمي للثنائي الشيعي، لكن حزب الله هو الطرف الأساس على الرغم ان رئيس البلدية ينتمي الى حركة أمل. وقد تقاسم الطرفان موقع الرئاسة على اساس ثلاث سنوات لكل منهما.

ويقول ناشط سياسي من بلدة حولا تم اللقاء به يوم ١٠ آذار (4) “هناك ٣ مولدات في البلدة و٧٠٠ مشترك ما بين منازل ومحلات، والمولدات ملك البلدية، وكانت قوات اليونيفيل وبرنامج الامم المتحدة الانمائي قد أمنّوا المولدات والتمديدات اللازمة”.

مولدات تابعة لإحدى الشركات في النبطية

ويضيف الناشط: “والآن يشرف على المولدات أحد أعضاء المجلس البلدي المهندس حبيب شبيب قطيش وهو عضو في حزب الله، ويقوم بالجباية شرطيان بلديّان أحدهما ينتمي إلى حزب الله والاخر الى حركة أمل. توضع الأموال في صندوق خاص يصرف منه لشراء المازوت والزيوت والفلاتر وكلفة أعمال الصيانة، لكن كل عمليات الصرف يتم نقاشها وإقرارها في المجلس البلدي حيث يعرض قطيش الوضع قبل اخذ القرار المتعلق بموضوع ما . ويشرف على المولدات عامل واحد منذ ثلاث مجالس بلدية وهو عامل مياوم، لكنه يستفيد من تلزيمات صيانة من البلدية”.

ويشير الناشط إلى أن البلدية تلتزم بتسعيرة وزارة الطاقة. وينقل عن العضو المكلف بملف المولدات انه يقول ان المبالغ المجباة حاليا لم تعد تكفي المصاريف المطلوبة، ويعيد ذلك إلى أن نسبة التسديد لم تعد تتعدى ٦٠ بالمائة من المشتركين، وإنه طرح في المجلس البلدي اقتراح بقطع التيار الكهربائي عن غير المسددين، لكن الاقتراح تم رفضه. ويعلق الناشط السياسي على ذلك بالقول “سقط الاقتراح لحسابات انتخابية، علما ان الطرفين السياسيين قدموا اشتراكات مجانية قبيل انتخابات عام ٢٠١٦ تحت حجة مساعدة فقراء البلدة”.

ويختم الناشط متسائلًا “مؤخرا جرى رفع رسم الاشتراك الشهري من ٥ آلاف ل.ل. الى ٢٣ الف ل.ل. بحجة غلاء قطع الغيار وتلبية لحاجات الصيانة”.

دهم لمخابرات الجيش في بلدة ميس الجبل (موقع ميس الجبل)

وفي بلدة ميس الجبل، الذي يبلغ عدد أهاليها المسجلين نحو ٣٠ إلف شخص، الا أن عدد المقيمين لا يتجاوز ٧ آلاف شخص. يرأس مجلسها البلدي أحد أعضاء حركة أمل، وهو مجلس لم يتدخل يوما في أزمة التيار الكهربائي، وترك الوضع للقطاع الخاص، تدخله اقتصر على الطلب من اصحاب المولدات الالتزام بتسعيرة وزارة الطاقة الشهرية. وصاحبا المولدات هما: علي هزيمة المحسوب على حركة امل، وحسان شقير المحسوب على حزب الله.

يقول أحد الناشطين في لقاء عقد معه يوم ١٦ آذار ٢٠٢١ (5) “على الرغم من أن المجلس البلدي محسوب على حركة امل لكن الطرف الأساس في البلدة هو لحزب الله، وقد تم تقاسم البلدة بين صاحبي المولدات، كل طرف مسؤول عن جهة من جهات البلدة، وعدد الاشتراكات يقترب من ١٥٠٠ اشتراك”.  ويتم اختيار العاملين في المولدات على أساس سياسي وعائلي. 

وعند السؤال عن المستفيدين من أرباح الاشتراكات، تذهب الاجوبة الى مكان اخر، والإشارة إلى الغطاء السياسي لكل واحد منهما وإلى الاستناد الى الدعم العائلي.

قضاء بنت جبيل: حزب الله  يستعين بإيران والمغتربين 

مدينة بنت جبيل هي مركز القضاء ويقترب عدد السكان المسجلين من ٤٠ ألف شخص، لكن عدد المقيمين لا يتجاوز ٥ آلاف شخص. والمجلس البلدي في بنت جبيل يتصرف وكأنه هيئة حزبية تابعة لحزب الله الذي يلعب دور المقرر في كل الأمور في البلدة.

بعد أن تحول التقنين الكهربائي إلى سياسة مستدامة في لبنان حصل تعاون ما بين بلدية بنت جبيل والوقف الإسلامي الذي يلعب صلة الوصل بين البلدية وسكان بنت جبيل في الخارج وخصوصا في أميركا، وتمّ جمع مبالغ من المال بإشراف البلدية لتنفيذ مد شبكة الاشتراك في كل أنحاء المدينة وشراء المولدات لتأمين التيار الكهربائي طيلة فترة انقطاع التيار الكهربائي.

ويقول ناشط سياسي رفض ذكر اسمه، من بنت جبيل (6) في لقاء بتاريخ ٧ آذار ٢٠٢١ “هناك لجنة بلدية من أربعة أشخاص يرأسها رئيس البلدية عفيف بزي وهو في حزب الله تتابع كل أعمال الصيانة والجباية لصالح البلدية، ويعمل في هذا القطاع أربعة أشخاص غير دائمين ومقربين من حزب الله باستثناء الجابي وهو موظف ثابت. وتدخل كل موارد المولدات في صندوق البلدية، التي تصرف كل تكاليف المولدات، والتسعيرة التي تجبيها البلدية تكون بالعادة أقل من تسعيرة الوزارة.

أما بالنسبة لما تحققه البلدية من ارباح، فيقول الناشط “بالنسبة للأرباح لا معرفة دقيقة لما حققته البلدية سابقا، انما في ظل الازمة الحالية ونتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار وزيادة كلفة الاعطال والخدمات جراء انهيار الليرة مقابل الدولار وارتفاع سعر المازوت باتت البلدية أمام تحديات جدية لناحية التكلفة المادية، خصوصا بعد تدني الجباية المالية من المواطنين”.

قضاء بنت جبيل (جنوبية)

من جهة أخرى، يمكن القول أن بلدة “عيترون” هي الأكثر حضورا بين البلديات التي يقيم فيها عددا كبيرا من السكان، إذ يبلغ عدد السكان المسجلين نحو ١٥ ألف شخص، في حين يبلغ عدد المقيمين نحو ٩ آلاف شخص. ومعظم مغتربيها في كندا وأستراليا. أما مجلسها البلدي فيضم أعضاء من حزب الله، حركة أمل والحزب الشيوعي. الا ان الطرف الأساسي والمقرر هو حزب الله. 

وعلق أحد الناشطين (7) الذي التقينا به في العشرين من شباط 2021 “يبدو وكأن هناك اتفاقًا داخليًا واقليميًا ودوليًا بتسليم السلطات المحلية لحزب الله، وهو الجهة الممسكة أمنيا وإداريا بالمنطقة”. 

ويضيف الناشط “في البلدة أربع مولدات كهربائية تبرعت بهم إيران للبلدية، وتكفلت بدفع ثمن شبكة التوزيع، وقد وضعت المولدات في أحياء البلدة وقرب كل منها محول لتوزيع التيار الكهربائي”.

ويشير الناشط إلى “ان البلدية جمعت مبلغ 100$ من كل منزل مشترك عند بدء المشروع وأعادت المبلغ للمشتركين بعد مرور وقت على تشغيل المولدات”.

وحسب الناشط “تشرف على المولدات لجنة بلدية برئاسة نائب رئيس المجلس البلدي علي حجازي وهو في حزب الله”.

ويزيد إن “كل واردات المولدات تدخل صندوق البلدية، وتصرف تكاليف المولدات من الصندوق أيضا. وكانت التسعيرة التي تجبيها البلدية اقل من السعر الرسمي. وقبل انهيار الليرة اللبنانية، كانت البلدية تحقق أرباحا، ولكن الآن لم يعد هناك ارباح، بسبب ارتفاع كلفة الصيانة وان قطع الغيار باتت بالدولار”.

ويؤكد الناشط “إن أحد المولدات معطل  وبحاجة الى صيانة تصل كلفتها الى الاف الدولارات وهي غير مؤمنة حاليا”. ويختم الناشط بالقول “عمال المولدات من ابناء البلدة وتم اختيارهم مهنيا، ولكن ذلك لا يلغي قربهم من الثنائي الشيعي”.

بلدة “بيت ليف” وهي بلدة النائب ايوب حميد الذي كان وزيرا للطاقة ما بين عامي ٢٠٠٣ و٢٠٠٥ وفي عهده جرى توقيف عددٍ من المستشارين والمتعهدين بتهم قبض الرشى والسمسرة، وعلى الرغم من اعترافاتهم أنهم قبضوا مبالغ من المال لقاء خدمات غير قانونية الا ان الحكم القضائي برّأهم لعدم كفاية الأدلة ولأنهم غير موظفين، ولم يستطع القضاء يومها من التحقيق مع حميد.

ويقيم في بيت ليف حاليا نحو ٣٥٠٠ شخص في حين أن عدد السكان المسجلين يصل إلى ٨٠٠٠ شخص.

ويقول أحد أبناء البلدة (8) “هناك عضو واحد مستقل في المجلس البلدي، في حين بقية الأعضاء ينتمون إلى حزب الله وحركة أمل. وتشكل حركة امل الطرف الأساس في المجلس البلدي”.

وفي البلدة أكثر من ٨٠٠ مشترك في أربع مولدات يملكها عيسى بداح وهو عضو في حزب الله ويعمل في خدمة المولدات ثلاثة عمال من أقرباء المالك.

ويضيف “لا يلتزم بداح بتسعيرة وزارة الطاقة، بل أن تسعيرته أعلى، وأعطي مثلا ان الوزارة سعّرت الكيلووات/ساعة ٧٥٠ ل.ل. هذا الشهر، لكن تسعيرته بلغت ٨٠٠ ل.ل. بالإضافة الى ٢٥ ألف ل.ل. بدل صيانة من كل مشترك”.

وعن السؤال عن موقف البلدية؟ يجيب “وهل تجرؤ البلدية على الاعتراض؟ وخصوصا ان تغطية حزب الله لبداح كاملة، فدخول بداح سوق المولدات بدأ بدعم من حزب الله”.

قضاء الزهراني: فوضى مولدات حركة أمل

يضم قضاء الزهراني 73 بلدة وقرية تقع جغرافيا في الداخل وسط مدن جنوب لبنان الكبرى صيدا وصور والنبطية.

وفي البيسارية، وهي بلدة من بلدات قضاء الزهراني، يقيم فيها اكثر من ١٢ الف شخص، نصفهم من أهالي البلدة والنصف الآخر نازحون من يارين، ولاجئين سوريين وفلسطينيين، فإن مجلسها البلدي يضم أعضاء من حركة أمل وحزب الله ومستقلين، لكن حركة أمل هي الطرف الأساسي والمقرر في وضع البلدة، على الرغم من الخلافات بين أعضاء الحركة أنفسهم.

في البلدة تسعة مولدات يملكها ثلاثة أشخاص، يتقاسمون البلدة جغرافيا. وأصحاب المولدات هم:

  1. رشيد وجمال عامر وهما على علاقة مع الحزب القومي السوري.
  2. قاسم شور وهو في حركة امل.
  3. حسن طعمة وهو ايضا في حركة امل.

العلاقة بين هؤلاء الأشخاص جيدة جدا ينسقون فيما بينهم. أما البلدية فلا علاقة لها بالمولدات لكنها تعلن انها تراقب التسعيرة وتطلب من مالكي المولدات الالتزام بها. ولكن من الملاحظ ان اصحاب المولدات لا يلتزمون بتسعيرة الوزارة، ويمكن أن نجد في الشهر نفسه ثلاث تسعيرات وكلها تفوق التسعيرة الرسمية، وقد اضاف مالكو المولدات مؤخرا مبلغ ٣٠ ألف ل.ل. على الاشتراك بدل صيانة والبلدية لم تحرك ساكنا، بسبب الانتماء السياسي للمالكين.

أما في بلدة انصارية التي يعيش فيها نحو ٦ آلاف شخص، فإن مجلسها البلدي يضم أعضاء من حركة امل وحزب الله ومستقلين ويرأس المجلس عضو مستقل، لكن الطرف المقرر في المجلس البلدي هو حركة أمل.

في البلدة ٧ مولدات، ثلاثة منهم ملك البلدية وأربعة مولدات ملك خاص. وكان القطاع الخاص يمتلك كل المولدات لكن مشكلات نشأت بين المواطنين ومالكي المولدات دفعت البلدية لشراء مولدات وتشغيلها على حسابها. وقد شكلت لجنة للاشراف على مولدات البلدية، يرأس اللجنة محمد الصغير وهو أمين الصندوق في البلدية وعضو في حركة امل وتدور حوله شبهات مالية حتى قبل أن يتولى مسؤولية المولدات. 

يعمل في متابعة المولدات أربعة عمال، إثنان من أقرباء الرئيس، واثنين من حركة أمل، ويقول مصدر في البلدية ان استخدامهم جرى اثر مباراة.

ويقول ناشط في البلدة (9)، في لقاء يوم ١٦ شباط ٢٠٢١ أن نسبة التسديد عالية جدا، لكن البلدية صارت تخسر بسبب الفساد، إذ يلجأ بعض الأشخاص على سحب كمية من التيار الكهربائي تفوق الاشتراك الرسمي ويتم التسديد على أساس الاشتراك الرسمي، والذين يقومون بذلك على علاقة بحركة أمل وبتغطية من لجنة البلدية.

مولد كهربائي في بيروت (AP)

أما القطاع الخاص فإن علي رضوان المحسوب على حركة أمل يملك مولدين، وحسان عيسى المحسوب على حزب الله يملك مولدين آخرين، ومعظم عمالهم من الجنسية السورية، والاثنان لا يلتزمان بتسعيرة الوزارة ويدور حديث حول انسحاب عيسى من سوق المولدات بسبب ارتفاع الكلفة.

ويلاحظ أن العلاقة بين أصحاب المولدات الخاصة والبلدية سيئة في حين أن العلاقة بين المالكين أنفسهم جيدة كما يقول الناشط.

أما بلدة الصرفند وهي من أكبر البلدات في قضاء الزهراني، يسكنها نحو ٣٣ ألف إنسان بينهم أكثر من ٣ الاف لاجئ سوري. السيطرة فيها لحركة أمل، ومجلسها البلدي لا يتدخل في قطاع المولدات الكهربائية لأن مالكي المولدات ينتمون الى حركة امل، وهم أحمد الحاج، محمد كاعين ومحمد كوثراني.

لكن أحمد الحاج هو الأقوى بينهم ويحظى بمكانة خاصة لدى المصيلح، وخصوصا بعد بروز اسمه مؤخرا كلاعب أساسي في تجارة السوق السوداء للمازوت إلى جانب امتلاك عدد من المولدات، وقد تداولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية افلام فيديو تظهر صهاريج تحمل مازوتًا وتقف بالقرب من منزله، ويجري الحديث عن خزانات للمازوت يملكها بطرق غير قانونية.

لا يلتزم أصحاب المولدات الكهربائية بالتسعيرة الرسمية، لمعرفتهم أن أحدا لا يجرؤ على منافستهم. والعلاقة بينهم جيدة جدا، يبحثون بكل التفاصيل، ويتفقون على كل شيء، والبلدية لا تتدخل.

وعلى الرغم من المشكلات التي تقع كثيرا بين عمال المولدات والأهالي، الا انهم وبالاتفاق مع البلدية يقدمون خدمات الإنارة المجانية للجامع والحسينية، وإلى أصحاب المنازل الملاصقة للمولدات، كذلك انارة اماكن التعازي في حال الوفاة.

ويروي أحد المواطنين من بلدة اخرى ويعمل مندوب مبيعات، أنه كان في الصرفند عندما تهجم أحد العاملين في المولدات على صاحبة محل لتأخرها عن دفع الاشتراك، ما دفعه للتدخل دفاعا عن المرأة، فكانت النتيجة أن تعرض للضرب، وعندما اتصل بقوى الأمن الداخلي لم يهتموا بالأمر، وعندما توجه الى المخفر للتقدم بشكوى كانت النتيجة أن تم توقيفه في النظارة ولم يتخذ أي قرار بمن ضربه بسبب علاقته بحركة أمل.

قضاء النبطية: حزب الله وأمل يتنافسان ويتقاسمان أرباح المولدات

لم تدخل البلديات في منطقة النبطية على خط “التشغيل”، بقيت في كل القرى بموقع “المتفرج” على قاعدة “الاشتراك قطاع خاص ولا علاقة للبلدية به”، رغم أن أصحاب الاشتراكات يعتدون على شبكة كهرباء الدولة ويستخدمون الأعمدة لتمديد شبكاتهم، من دون دفع ليرة واحدة، ما يسمح لهم بالتحكم أكثر في مفاصل القطاع والإمساك به، بقوة. في كل بلدة يوجد اشتراك او أكثر، وسمح تعدد الاشتراكات في المضاربة، التي أراحت المواطن في بعض الأحيان، غير أن هذه القاعدة تتغير بحسب كل بلدة.

ففي بلدة كفررمان التي يسكنها نحو ١٥ ألف مواطن، لم تستطع البلدية، التي تسيطر على مجلسها البلدي حركة أمل وفق اتفاق تقسيم البلدات بين الثنائي الشيعي، من وضع يدها على هذا القطاع، أو فرض سلطة رقابة عليها وعلى أسعارها، على العكس، بقيت في موقع المتفرج، رغم علمها المسبق أن هناك تلاعبا في الأسعار وفي العدادات. 

وفق خريطة الاشتراك الكهربائي يوجد في البلدة ثلاث اشتراكات، جرى عقد صفقة فيما بينهم عند كاتب العدل، قضت بتقسيم البلدة مقاطعات لكل صاحب اشتراك حصته، ولا يحق لأي طرف آخر التعدي عليها. بموجب الاتفاق الذي عقد قبل خمس سنوات والذي ما زال ساري المفعول حتى الساعة، سمح لكل اشتراك التحكم بالمواطن، الذي لا يجد خيارا آخرًا أمامه سوى اشتراك وحيد، بدلا من حقه في اختيار ما يناسبه، وهذا ترك انزعاجا لدى الغالبية العظمى من السكان نتيجة الأمر الواقع.

قضاء النبطية (جنوبية)

مما لا شك فيه أن كل اشتراك بمثابة جمهورية على الأرض، تتبع لأنظمة وقوانين فرضتها، وبالطبع يحظى بسند حزبي، إذ كل اشتراك يتبع لجهة ولو بشكل غير مباشر، فمثلا اشتراك جمال  غبريس يتبع بشكل غير مباشر لحركة أمل على اعتبار أن صاحبه منضوي تحت لواء الحركة، واشتراك فخر الدين يحظى بتأييد حزب الله، أما اشتراك عدنان علي احمد فيجمع الطرفين معا، وبالتالي فإن الاشتراكات، ولو من تحت الطاولة، فهي تتبع للثنائي الشيعي، غير أن القاعدة الأعلى هي لحزب المال .

عادة ما يشكو أصحاب الإشتراكات من الخسائر، خاصة مع لعبة الدولار، ما يدفع بهم لرفع تسعيرة الاشتراك الشهري، سيما المقطوعة، إذ سجلت الـ٥ أمبير بـ٢٥٠ ألف ليرة وأكثر (في أشهر سابقة)، اما العداد فيجري التلاعب به لرفع التعرفة، هذا عدا التلاعب بسعر الكيلوواط المحدد من قبل الدولة.

وإذا كانت في كفررمان ثلاثة اشتراكات للمولدات، لكل واحد منها جمهوريته وعماله ونظمه الخاصة، فإن في حاروف التي يعيش فيها نحو ٥ آلاف إنسان، صاحب مولدات وحيد  يملكها حسن فحص المحسوب على حزب الله لكنه يقدم خدماته التنفيذية والمالية للحزب والحركة، يحتكر توزيع التيار الكهربائي في البلدة ويتحكم بالسعر كما يحلو له.

وحدها بلدية النبطية التي يسكن في نطاقها الجغرافي أكثر من أربعين ألف مواطن، تملك مولدات كهربائية تصل نسبتها الى ٦٥ بالمائة من عدد المولدات المستخدمة، الى جانب مولدات خاصة،  تدير بلدية النبطية بشكل كامل الملف وتوكل مهمة متابعته الى عضو البلدية محمد جابر، المحسوب على حزب الله ووظفت للغاية عددا من العمال يفوق الاحتياج الفعلي بحجة تامين فرص عمل لكن الاختيار يقع على التابعين حزبيا للطرف المسيطر على بلدية النبطية وهو حزب الله.

وضعت البلدية للاشتراكات الكهربائية نظاما خاصا ويجري من خلاله تحديد سقف الفاتورة وفق الأتي، استهلاك المازوت، ساعات القطع، الأعطال، الصيانة، وعادة ما يتم مراعاة ظروف الأهالي، ويخضع لموازنة خاصة تمر داخل المجلس البلدي، شهد الاشتراك جولات انتقادات لاذعة من قبل الأهالي، غير أنه يبقى ارخص من القطاع الخاص بقليل،  وفق آراء الأهالي أنفسهم، في حين الاشتراك الخاص لا يخضع فاتورته للحسم، بل يجهد لتحميل المواطن كلفة ارتفاع الأسعار.

ومن مالكي مولدات كهربائية خاصة في النبطية حسن فحص نفسه، بالاضافة الى حسني كوكب الذي دخل هذا الميدان من خلال مهنته ككهربائي وهو محسوب على حركة أمل ايضا.

ويلاحظ المواطنون أن فاتورة القطاع الخاص أعلى من فاتورة البلدية، لكن الموقع الجغرافي للمواطنين يجبرهم على الاشتراك بمولد خاص.

جولة للأمن العام على المولدات في النبطية

ويبلغ عدد سكان بلدة الشرقية نحو ٣ آلاف مواطن، في حين أن عدد المقيمين لا يتجاوز الألفين فقط. ويصف أحد ناشطي البلدة علي شعيب (10) الذي التقيناه في ٢٢ شباط ٢٠٢١،المجلس البلدي بأنه تابع بنسبة ٩٠ بالمائة لحزب الله وتكتفي حركة أمل بالنسبة المتبقية.

ويضيف شعيب “في بلدتنا أربعة مولدات موزعة حسب الأحياء في البلدة، وهي مولدات ملك البلدية، أولها مولد تبرع به ابن بلدة النعيرية عماد زبيب، وحسب معرفتي ان وزارة الشؤون الاجتماعية قد تبرعت بمولد اخر، واشترت البلدية المولدات الأخرى”.

ويزيد: “يبلغ عدد العمال الذين يتابعون  المولدات ستة عمال، وهم أجراء في البلدية بصفة شراء خدمات، اختيارهم تم على أساس سياسي وارتباطهم بحزب الله، ويشرف على المولدات عضو المجلس البلدي فادي نجيب شعيب المحسوب على حزب الله”.

ناشط آخر مقرب من البلدية (11) التقينا به يوم ٢٣ شباط ٢٠٢١، قال: “هناك التزام بالتسعيرة الرسمية مع اضافة ١٠ بالمائة بسبب ان البلدة في مكان مرتفع عن سطح البحر، وبالتالي نقل مازوت المولدات كلفته أعلى”، غير أن الناشط يقول ان القانون ينص على اضافة النسبة أعلاه  لو ان المولد أو المحطة موجودة عند الساحل وبالتالي يخسر التيار المسحوب بالنسبة المشار إليها، “لكن هنا في الشرقية المولدات موجودة  في مكان التوزيع، وبالتالي لا يجوز إضافة ١٠ بالمائة”.

ويشير الناشط المذكور إلى أن الإيصالات تصدر باسم “اشتراكات الشرقية” من دون أي إشارة للبلدية. ويضيف أن أموال المولدات “يتسلّمها مكتب العمل البلدي في حزب الله والذي يرأسه حاتم حرب، واعتقد ان ارباح المولدات كبيرة الا ان احدا لا يعرف قيمتها الفعلية”.

ومما يلفت النظر أن وزارة الشؤون الاجتماعية قد تبرعت بمولد كهربائي للبلدة، لكن الناشط المذكور يشير الى اختفاء المولد تماما، ويوضح الأمر بالقول:

“بتاريخ ٣٠ أيار ٢٠١٤ تقدمت بلدية الشرقية بطلب إلى وزارة الشؤون الاجتماعية وذلك استنادا للقرار رقم 1/51 تاريخ١٣ شباط ٢٠٠٩ المتعلق بتحديد تمويل مشاريع التنمية الاجتماعية لا سيما المادة الرابعة منه. ومما ورد في كتاب رئيس البلدية للوزارة “ونظرا للإقلاع الدائم للتيار الكهربائي، كما بقية القرى المجاورة، فإن  الحاجة تستدعي شراء مولد كهربائي بقوة 250،.v.a. لتأمين الكهرباء للأهالي”، متمنيا على الوزارة الموافقة على المشروع.

وقد استخدم رئيس  البلدية النص الآتي في كتابه “شراء مولد كهربائي لصالح البلدية لتأمين توزيع الكهرباء على منازل بلدة الشرقية، وذلك حسب القوانين المرعية الإجراء التي تنظم عمل المولدات الكهربائية”.

بتاريخ ٧ حزيران ٢٠١٤ فوض المجلس البلدي عبد النبي قبيسي وعلي شعيب بمتابعة مشروع التنمية المذكور مع الوزارة. بعد الموافقة من قبل وزارة الشؤون على المشروع، شكلت الوزارة لجنة مشتركة بينها وبين البلدية.

قررت الوزارة المساهمة بمبلغ ١٢ مليون ل.ل.  وتساهم البلدية بنسبة ٣٠ بالمائة من قيمة المشروع، وقد أصدرت البلدية شيكًا بقيمة ٥،١٤٣،٠٠٠ ل.ل. من حسابها في مصرف لبنان وأودعها في الوزارة بواسطة أمين صندوق البلدية.

بتاريخ ٢٧ نيسان ٢٠١٥ عُقدت أول جلسة للجنة المشتركة وقررت تنفيذ المشروع بواسطة تقديم عروض أسعار عدد اثنان.

بتاريخ ١٤ آذار ٢٠١٦ وافق رئيس لجنة الاستلام المركزية في وزارة الشؤون المهندس بشير العمري على العرض المقدم من شركة حسن حسين للمعدات، حول مولد كهرباء بقوة ٢٧٥ k.v.a بسعر ١٦ مليون ل.ل.

مولدات تابعة لشركة حسن حسين للمعدات (Hassan H. Trading Est)

بتاريخ ١٣ نيسان ٢٠١٨ صدر قرار عن وزير الشؤون الاجتماعية يقضي بالموافقة على صرف الفاتورة المرفقة لصالح شركة حسن حسين للمعدات بقيمة ١٦ مليون ل.ل. وذلك بعد تأكد اللجنة من تسلّم المولد وقيامها بزيارة ميدانية من أجل ذلك. وخلال شهر حزيران ٢٠١٨ قبضت الشركة بدل ثمن المولد.

ويعود الناشط ليسأل: أين صار هذا المولد؟ إن المولدات الموجودة هي ملك احدى الجمعيات ولا علاقة للبلدية بها على الإطلاق والدليل الإيصالات التي تصدر.

ويضيف إن “بعض المواطنين راجعوا البلدية حول المولد المذكور، وقد نفى أعضاء من البلدية أن يكون لديهم علم بذلك وأنه لا يوجد مولد كهربائي ملك البلدية”. ويختم قائلا: “لأن الشرقية بلدة جبلية قريبة من أشعة الشمس، يمكن ان يكون المولد قد تبخر!”.

وبالنسبة لبلدة الدوير التي هي من البلدات الأساسية في قضاء النبطية، إذ يبلغ عدد سكانها المسجلين نحو ١٢ ألف شخص، يتشكل مجلسها البلدي من الأطراف السياسية الآتية: حزب الله، حركة امل والحزب القومي السوري. أما رئاسة المجلس فتكون بالمداورة بين الحزب والحركة.

في البلدة ٣ مولدات كهربائية مملوكة من القطاع الخاص، مولد مملوك من المختار سعد الله قانصوه وهو محسوب على حزب الله، ومولّدان يملكهما أحد الأشخاص من آل طهماز وهو محسوب على حركة امل.

الطرفان ملتزمان بتسعيرة وزارة الطاقة ويستخدمان العدادات، في حين أن البلدية لا تتدخل او تراقب عمل المولدات. تدخلها عندما يحصل نزاع بين الطرفين، والأرباح تعود إلى أصحاب المولدات وهناك حديث من ناشطين عن حصة للأطراف الحزبية. أما عمال المولدات فإنهم ينتمون الى الطرف الذي ينتمي إليه صاحب المولد.

بالانتقال إلى النميرية يتشكل المجلس البلدي من طرفين أساسيين، حزب الله وحركة امل، الا ان الطرف الأساسي المؤثر هو حزب الله. وفي البلدة ٣ مولدات ملك البلدية تشرف عليهم لجنة من البلدية برئاسة رئيس المجلس البلدي. أما ميزانية المولدات توضع في صندوق خاص. ويعمل في هذا القطاع خمسة عمال محسوبين على الأطراف السياسية.

قضاء صور: المولدات الخاصة لنافذين مقربين من أمل وحزب الله

يبدو أن القطاع الخاص المحمي من السلطات المحلية ومن الاطراف السياسية الحزبية هو المسيطر على قطاع المولدات الكهربائية في قضاء صور.

١- مدينة صور

هي مركز القضاء يعيش فيها نحو ١٥١ ألف مواطن. فيها مجلس بلدي مؤلف من ٢١ عضوا، الأطراف السياسية الأساسية هي حركة أمل وحزب الله وهناك عضو من الحزب السوري القومي الاجتماعي.  الطرف الأساس هو حركة أمل التي تتولى موقعي الرئيس ونائب الرئيس بالإضافة إلى عدد من الأعضاء. ويتمثل حزب الله بأربعة أعضاء، وهناك ٤ أعضاء من المواطنين المسيحيين، و٣ أعضاء من السنة.

منذ بدء أزمة الكهرباء ترفض البلدية التدخل المباشر في هذا القطاع، لكنها تلقت مساعدة من الكتيبة الإيطالية في اليونيفيل وهي عبارة عن مولدين كهربائيين وقد تعرضت  للخسارة بسبب سوء الادارة، من قبل من تولى الاشراف عليها. وبعد ذلك تنازلت البلدية عنهما لصالح عضوي المجلس البلدي سمير بواب وحسن حايك، اللذين، قدما للبلدية سيارة بالمقابل كما تقول ناشطة سياسية من المدينة التقينا بها في ٩ آذار ٢٠٢١. 

في المدينة ١٥ مولدًا، يملكها: أحمد قدادو، أحمد منصور، خليل حمتو وقاسم احمد. كما يوجد عدد من المولدات الصغيرة في مناطق المساكن الشعبية، الزراعية، والمعشوق. وهناك نوعان اشتراك مقطوع، واشتراك عداد. كل صاحب مولدات يستخدم ٥ عمال يجري استخدامهم وفق الخبرة.

بحسب ما علمنا، إن أصحاب المولدات هم تجار كهرباء لا صلة حزبية لهم مع الأطراف السياسية. لكن احد المصادر الناشطة يقول ان اصحاب المولدات يدفعون ١٠ بالماية من ارباحهم للبلدية، في حين أن ناشطة السياسية وهي من معارضي البلدية لم تؤكد ذلك، ونفت علمها بهذا الموضوع.

هناك لجنة بلدية يرأسها باسم حلاوي (قومي سوري) تتابع موضوع المولدات ومدى التزام أصحابها بالتسعيرة وهي تجتمع كل ٢٩ من آخر الشهر، والملاحظ أن حمتو وأحمد يتلاعبون بالعدادات والأسعار وعلى الرغم من متابعة اللجنة إلا أنهما يقولان ان السبب شراء المازوت من السوق السوداء. ويبرز هنا اسم الحاج جهاد شغري (حزب الله) الذي يعمل بتوزيع المازوت، ويبيع معظم الكميات بالسوق السوداء.

أضف إلى ذلك، بعض أصحاب المولدات وخصوصا قاسم احمد يستخدمون أراضٍ للبلدية لوضع المولدات.موقف البلدية وخصوصا رئيسها عدم التدخل بموضوع المولدات الكهربائية وينفي اي استفادة من المولدات.

2- البازورية

يقيم في البازورية (البلدة التي يتحدر منها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله) نحو ٦ آلاف من أبنائها، ويضم مجلسها البلدي طرفين هما حركة امل وحزب الله، لكن الطرف الرئيسي هو حركة امل.

في البلدة ٣ مولدات، يملكها الآتية أسماؤهم:

  1. حيدر نسر (حركة امل)
  2. حسن حدرج(مستقل)
  3. حسن حدرج+ محمداسعد(حركة امل)

لا تملك البلدية أي مولد، ولا تتدخل بشؤون المولدات.

أصحاب المولدات دخلوا السوق بدافع الربح ويحظون بحماية من الحركة، والملاحظ ان اصحاب المولدات يلتزمون بالتسعيرة.

أما عمّال المولدات فهم من أقرباء المالك. وتشهد البلدة تنافسًا بين أصحاب المولدات، ويقول أحد الناشطين الذي تحدث يوم ١٠ اذار ٢٠٢١ ان الاحزاب تطلب اموالا شهرية من اصحاب المولدات بحجة مساعدة بعض الأهالي، وهذا ما اشار اليه صاحب احد المولدات (حسن حدرج) في احد جلساته متذمرا من طلبات مسؤولي الأحزاب.

3- طيردبا

يعيش في طيردبا نحو ٥ آلاف إنسان. والمجلس البلدي يتقاسمه حزب الله وحركة أمل. ويشهد نزاعات بين الحين والآخر. 

المولدات الكهربائية تتبع للقطاع الخاص:

غسان خليل زيدان (حركة امل)

علي مغنية+ عبد الامير وطفى +عصام سعد( يقدمون أنفسهم كمستقلين)

البلدية لا تتدخل وعمّال المولدات على أساس المحسوبيات. لا يلتزمون دائما  بالتسعيرة الرسمية، كما إن جميع الأهالي مشتركون بالمولدات.

أمام محطة ضخّ مياه في طيردبا (بلدية طيردبا/فيسبوك)

4- عيتيت

أما في عيتيت فالوضع يختلف، الطرف الأساسي في مجلسها البلدي هو حزب الله مع ان مجلسها البلدي يضم الطرفين حزب الله وحركة أمل. وفي البلدة ٣ مولدات تملكها البلدية وهناك لجنة تشرف عليها برئاسة الرئيس ناصر بزون.

هناك صندوق خاص بالمولدات ويعمل ٤ عمال من المقربين للطرف الأساس(حزب الله) في متابعة وضع المولدات في حين يقوم عناصر من شرطة البلدية بالجباية. 

تلتزم البلدية بتسعيرة الوزارة حرفيا، نسبة التسديد متفاوتة ويلجأ الرئيس احيانا الى تأجيل سداد بعض المستحقات واحيانا يعفي بعض العائلات من السداد بسبب أوضاعها المالية.

مافيا المازوت تتحكم بأصحاب المولدات

يشكل ثمن وقود المولدات المدعوم من قبل الدولة بشكل كبير (80%)، المدخل الرئيسي للفساد في قطاع المولدات في لبنان كما في جنوبه تحديدا، فكيف يصل المازوت وكيف يوزع على الأسواق ليصل الى أصحاب المولدات؟ 

يقول أحد العاملين في قطاع البترول رفض ذكر اسمه (11)، في مقابلة خاصة يوم ٢٠ آذار ٢٠٢١ “يدخل السوق اللبناني نحو ١٠ مليون ليتر من المازوت يوميا، ستون بالمائة من الكمية عبر شركات خاصة تستورد المازوت، مثل كورال، توتال، هيبكو وغيرها. وأربعون بالمائة تدخل عبر منشآت  النفط، نصف الكمية في الزهراني، والنصف الآخر في طرابلس”.

ويضيف “للاسف فان الكميات التي تستورد من قبل الشركات الخاصة لا تخضع لرقابة جدية لمعرفة اين تباع وإلى أين تصل فعليا، في حين أن الكميات التي تسلم عبر منشآت النفط، تخضع لرقابة وزارة الطاقة، التي تحدد اسماء شركات التوزيع والكمية المحددة لكل منها. والتي كما يقول أحد مسؤولي منشآت  النفط، يجب أن تستوفي الشروط الموضوعة من قبل مديرية المنشآت  المركزية التابعة لوزارة الطاقة”. 

وحول الوضعية القانونية لمنشآت النفط، يوضح العامل في القطاع إنها تخضع للمرسوم الاشتراعي ٧٩/٧٧ الذي حدد الأطر التنظيمية لمنشآت النفط في لبنان، فإنها، وخلافا لقانون المحاسبة العمومية، تخضع المنشآت للأنظمة الخاصة والتجارية، وتخضع لمراقبة ديوان المحاسبة اللاحقة.

ويعني ذلك أن كل العمليات المالية والإدارية وغيرها، يقررها وزير الطاقة او من يكلفه الوزير، بدون العودة الى مجلس الوزراء أو أي هيئة رقابية مثل مجلس خدمة، أو تفتيش مركزي وهذا يعني أن مالية المنشآت منفصلة عن الخزينة المالية العامة، وهذا ما سمح لاسطفان الدويهي عندما كان مديرا للمنشآت زمن ايوب حميد الذي كان وزيرا للطاقة، باستخدام أموال المنشآت لإعداد دراسة لمد أنابيب الغاز من حمص الى طرابلس بدون سند قانوني.

ويزيد إن “هذا الوضع سمح لاقوياء الطوائف بتوظيف من يريدون في مواقع القرار، والمثال على ذلك تعيين زياد الزين مديرا لمنشآت النفط في الزهراني، وهو ابن شحور بلدة زوجة رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويتلقى التعليمات بما يتعلق بالمنطقة من مصيلح حيث استعاد النائب النافذ في حركة أمل هاني قبيسي مكتبه هناك في قصر رئيس المجلس مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية.

زياد الزين

وعن آلية تسليم المازوت، يقول: “تحدد وزارة الطاقة كمية المازوت التي يجب أن تسلم دوريا لكل شركة من شركات التوزيع التي تحظى بموافقة وزارة الطاقة، ويجب أن تكون الكمية تحت سقف الحصة الخاصة بكل شركة توزيع. وكل شركة توزيع تلتزم بتسليم كميتها الى محطات محددة، لكن ذلك يبقى بدون رقابة جدية، في حين تحول كميات من المازوت المستورد عبر شركات خاصة الى منطقة البقاع لتهريبها الى سورية”.

وفي سياق متصل، يروي أحد اصحاب المحطات (12) في منطقة الجنوب دون ذكر اسمه أيضا، في مقابلة أُجريت معه في ٢٨ آذار ٢٠٢١ “بعد أن نفذت كمية المازوت من المحطة، ولم أتسلّم أي كمية جديدة لأيام عدة، اتصلت بالنائب هاني قبيسي وطلبت منه إمكانية تزويدي بحصّة من المازوت، أجابني بعد ساعة بالموافقة وأشار لي كيف استلم الصهريج من الجهة المعنية للمنشآت”.

ويضي “صار توزيع كميات المازوت في الجنوب يخضع للموافقة المسبقة من المكتب في المصيلح، وعلى زياد الزين الالتزام بذلك”.

ومن شركات التوزيع العاملة في الجنوب، محمد بخور، بخاري، عنتر، وكياني وهي شركات توزع في منطقة صيدا، في حين تعطي شركة فادي ابو شقرا المازوت لاحد اصحاب المولدات في صيدا والذي يملك عددا كبيرا من المولدات.

أما في المناطق الاخرى من الجنوب، فتنشط شركات مثل: الجنوب، الجنوب للبترول وهما لآل سرعيني،  أطلس لآل وزني (ابن عم وزير المالية غازي وزني)، سامكو لسامي ياسين، أيمن الحاج، جمال غبريس، وترست وزني، وكلها شركات محسوبة على حركة امل. في حين أن شركة الامانة التي يملكها احد الاشخاص من آل مكي محسوبة على حزب الله، وشركة الأيتام المحسوبة على مؤسسات المبرات الخيرية.

إلا أن أحد الناشطين يقول إن معظم أصحاب الشركات تجار وهم مستعدون للتعاون مع أي طرف سياسي يؤمن لهم مصالحهم. وبالتالي، لا يلتزمون بتسليم كامل الكميات لأصحابها، بل لمن يريد أصحاب السلطة مع الحصول  على إيصالات غير حقيقية. ويكشف في النهاية صاحب المحطة أحد أشكال الفساد الذي يصحب عمله فيقول “أحيانا أوقّع على استلام كمية أكبر من الكمية التي احصل عليها فعليا، وادفع ثمن الكمية المستلمة، فيما يتم تسليم الباقي إلى  أشخاص من ذوي الحظوة السياسية!”.

المصادر

  1. رويترز: تقرير خاص-صراع الكهرباء في لبنان.. كواليس فشل الدولة في إضاءة الأنوار– تاريخ 12/1/2020
  2. لقاء مع أحد أصحاب المولدات بالجنوب اللبناني في 10 آذار 2021 رفض ذكر اسمه خوفا من انتقام العناصر الحزبية.
  3. لقاء تم مع هذا العضو البلدي لبلدة الخيام يوم الأحد في 7 شباط 2021.
  4. لقاء مع ناشط سياسي من بلدة حولا تم يوم 10 آذار 2021، رفض ذكر اسمه كي لا يتهمه حزب الله انه يسرب معلومات لجهات غريبة، فيتسبب ذلك بالتهجم عليه من قبلهم.
  5. لقاء مع أحد الناشطين في بلدة ميس الجبل عقد يوم 16 آذار 2021.
  6. لقاء مع ناشط سياسي يساري في بنت جبيل رفض ذكر اسمه، بتاريخ 7 آذار 2021
  7. لقاء مع ناشط سياسي مدني في بلدة عيترون  جرى في 20 شباط 2021.
  8. معلومات صرح لنا بها أحد سكان بلدة بيت ليف من آل بداح في اتصال هاتفي
  9. انصارية بلدة تقع على الساحل بين مدينتي صيدا وصور، وجرى لقاء مع ناشط مدني في 16 شباط 2021
  10. الناشط المدني اسمه علي شعيب وهو معروف وعضو في ثورة 17 تشرين
  11. لقاء مع أحد العاملين في قطاع البترول رفض ذكر اسمه، في مقابلة خاصة يوم 20 آذار 2021
  12. لقاء مع أحد اصحاب المحطات في منطقة الجنوب دون ذكر اسمه أيضا، في مقابلة اجريت معه في 28 آذار 2021
السابق
«انا ضحية المؤامرات المُحاكة ضد بلدي».. اليكم النص الناري لكتاب استقالة قرداحي!
التالي
عداد وفيات «كورونا» على حاله.. ماذا عن الاصابات في لبنان؟