الأمم المتحدة ..تريد لكنها عاجزة عن إقامة دولة فلسطينية !!

اعتبر البروفيسور إفراييم عنباري، المدير العام لمعهد بيغن السادات للدراسات الإستراتيجيّة في تل أبيب، إنّ القرار الفلسطينيّ بوقف المفاوضات مع «إسرائيل» والتوجُّه للأمم المتحدّة في أيلول القادم، بهدف الحصول على اعتراف دوليّ بالدولة الفلسطينيّة المستقلّة في حدود ما قبل الرابع من حزيران من العام 1967، لن يجلب للفلسطينيين دولة، أوْ أقّل من ذلك، وبرأيه فإنّ منظمة الأمم المتحدّة هي مؤسسة مُفلسة أخلاقيًا، وغير فعالة تمامًا في معالجة الخلل في الحركة الوطنية الفلسطينية، وبموازاة ذلك، أضاف، «فإنّ الدولة العبريّة موحدة وقوية بما فيه الكفاية لمواجهة التحدي المتمثل في الخطوة الفلسطينية أحاديّة الجانب».

وتحت عنوان (بعد سبتمبر سيحل أكتوبر) كتب البروفيسور «الإسرائيليّ» في ورقة عمل بحثيّة أنّه في وقت سابق من هذا العام، قرر الرئيس الفلسطيني محمود عباس قطع المفاوضات مع «إسرائيل»، وقام بالإعلان عن ذلك، وأشار في حينه إلى أنّه سيتوجه إلى الأمم المتحدة في أيلول لتقديم طلب للاعتراف بالدولة الفلسطينيّة المستقلة. ولكن في الأمم المتحدّة، أشار عنباري، إلى أنه من المتوقع أن تقوم الولايات المتحدّة الأميركيّة باستعمال حق النقض (الفيتو) ضدّ الطلب الفلسطينيّ، وبالمقابل فإنّ الأغلبيّة العظمى من دول مجموعة (GA) ستُصوت إلى جانب المشروع الفلسطينيّ في الأمم المتحدّة، ومن المرجح أن تؤيد اقتراح الاعتراف بدولة فلسطينية داخل حدود 1967.

«واقع غير مُلزم»
مع ذلك، شدد الباحث «الإسرائيليّ» على أنّ مثل هذا القرار ليس مُلزمًا وفقًا للقانون الدولي، كما أنّه سيؤدي إلى ردود أفعال سلبيّة من كلٍ من «إسرائيل» وأميركا، ودول أخرى في المجتمع الدوليّ، التي لا توافق على التوجه الفلسطينيّ الأحادي الجانب، لأنّه قد يثير المشاكل والخلافات داخل الحلبة الدوليّة من عواقب مصادقة الأمم المتحدة على الطلب الفلسطينيّ، كما أشار إلى التحذير الذي أطلقه وزير الأمن «الإسرائيلي»، إيهود باراك، الذي قال إنّ الاعتراف قد يؤدي إلى «تسونامي سياسي».

مخاوف مبالغة
ورأى البروفيسور أنّ هذه المخاوف مبالغ فيها إلى حدٍ كبيرٍ، أولاً، الأمم المتحدة تفتقر إلى الشرعية لأنها مؤسسة مفلسة أخلاقيا، لأنّها تؤيد أسوأ المعتدين ومنتهكي حقوق الإنسان في العالم، ومن غير الواضح كيف يمكن لقرار كهذا من قبل مؤسسة عاجزة أن يكون له تأثير في الصراع العرقي منذ قرن من الزمان في الأرض المقدسة، ماذا يمكن للأمم المتحدة القيام به في الواقع لتنفيذ توصيات الجمعية العامة؟ وسوف تكون النتيجة سلبية بالتأكيد، «ما يعزز التعنت الفلسطيني».
وقال أيضًا إنّه بالإضافة إلى زيادة «التعنت الفلسطينيّ» بعد الاعتراف، فإنّه من المستحيل رأب الخلافات بين الفصائل الفلسطينيّة المختلفة، ذلك أنّ الأمم المتحدّة عاجزة عن أداء هذا الدور الذي فشلت فيه قوى عربيّة كبيرة مثل مصر والعربيّة السعوديّة، وفي المقابل فإن الأمم المتحدّة قادرة على إقناع الفلسطينيين بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وأنْ تًقدّم المعونات الاقتصاديّة للضفة الغربيّة ولقطاع غزة، ولكنّها لا ولن تتمكن من القضاء على تخطيط حماس وشهوتها لقتل اليهود والقضاء على «إسرائيل»؟ و«لا يُمكن للمنظمة الأمميّة من تحرير الفلسطينيين من ثقافة الموت شهداء»، على حد تعبيره.

حق غير واقعي؟
وبرأيه فإنّ الأمم المتحدة في وضع يمكنها ضخ البراغماتية في الثقافة السياسية الفلسطينية، الفلسطينيون ما زالوا يصرون على اختراع (حق العودة) للاجئين الفلسطينيين، هذا الحق الذي تعتبره معظم دول العالم بأنّه ليس واقعيّا ويُشكّل عقبة كبيرة في طريق السلام. الفلسطينيون يحاولون إعادة كتابة التاريخ من خلال إنكار التاريخ اليهودي في القدس، فالسلطة ما زالت ترفض التنازل عن الفكرة بأنّها فقدت الصراع على القدس، وهي المدينة العاصمة الموحدة، والتي سيدافع عنها اليهود بشدة. وأوضح أنّه مما لا شك فيه «إسرائيل» أقوى وأنّ الوقت يعمل لصالحها، أمّا الفلسطينيون فإنّهم ما أسماهم بالخاسر السيئ، برفضهم الموافقة على صفقة واقعيّة من أجل تحقيق الدولة الفلسطينية.
عجز الأمم المتحدة
لا يمكن للأمم المتحدة تقديم الدولة، ولا يمكن أن تغير الحقائق على أرض الواقع، ويمكن السلطة الفلسطينية التحرر من التسول للحصول على الدعم الدولي كل بضعة أشهر، بواسطة تقليل البيروقراطية والفساد كشرط أساسي لبناء اقتصاد سليم. وشدد على أنّ قيادة السلطة الفلسطينية تدرك أن خياراتها لمواجهة «إسرائيل» ستكون مدمرة للغاية بالنسبة للفلسطينيين، «ذلك أنّ الدولة العبريّة هي ديمقراطية ومزدهرة وقوية عسكريًا، في حين أنّ الفساد والاستبداد والبيروقراطية تميز السلطة، مشيرًا إلى أنّ "إسرائيل" ربحت المعركة في الانتفاضة الأولى والثانية، وبإمكانها الفوز في الجولة الثالثة»، على حد قوله.
في الواقع، أضاف، فإنّ توجها للامم المتحدة يعتبر فرصة لاتخاذ تدابير من جانب واحد مثل ضم الكتل الاستيطانية ومنطقة غور الأردن، علاوة على ذلك، يمكن ل«إسرائيل» تنفيذ العقوبات الاقتصادية ضدّ السلطة لخرقها اتفاق أوسلو، الذي نص على تأجيل القضايا الجوهرية إلى ختام المفاوضات. وزاد أنّ التحدي الرئيسي ل«إسرائيل» هو ليس على الجبهة الدبلوماسية حيث أنها تفعل أفضل مما يعتقد منتقدوها، ذلك أنّ العالم العربي في خضم أزمة اجتماعية وسياسية وهو غير قادر على عمل أي شيء، كما أشار إلى أنّ الدعم الأمريكيّ لجميع مواقف «إسرائيل» في معظم القضايا، هو الكفيل بأنْ تبقى «إسرائيل» قويّة جدًا ولا تتأثر بأيّ قرارات تتخذ في الأمم المتحدّة.
الواقع العربي
ورأى أنّ استقرار حكومة بنيامين نتنياهو هو الامتحان المهم «للإسرائيليين»، لافتًا إلى أنّ قرار الأمم المتحدة لن يُغيّر الرأي العام في «إسرائيل»، الذي يعتبر الأمم عدوانيّة، كما أنّ الاضطرابات في العالم العربي تُحتّم على قادة الدولة العبريّة توخي الحذر والإصرار على حدود يمكن الدفاع عنها. وخلص إلى القول إنّه ما لم تبرز قيادة فلسطينية أكثر براغماتية، فإنّ الصراع سيستمر على نار هادئة، وسنصل إلى تشرين الأول وإلى الأشهر الأخرى، دون أنْ يحصل الفلسطينيون على دولة، على حد تعبير

السابق
ليّون: خطة الكهرباء تتعرض لحملة تضليل وافتراء
التالي
تهديد زوجة بطرس غالي بإسقاط جنسيتها بسبب جنسيته الإسرائيلية