ماذا يفعل السفير الاميركي في حماة?

"اتهمت سورية الولايات المتحدة بالتدخل في شؤونها إثر قيام السفير الاميركي بزيارة مدينة حماة التي تشهد احتجاجات واسعة ضد الرئيس السوري بشار الأسد". عن هذا الخبر صدر تصريحالن متناقضان: الأول للخارجية الأميركية بأن السفير الاميركي ذهب إلى حماة بإذن مسبق من السلطات السورية, وظهر تصريح آخر من ناطق باسم النظام في دمشق, أن السفير الاميركي تجاوز كل الأعراف الديبلوماسية وذهب إلى حماة دون إذن مسبق من الخارجية السورية ودون إعلامها بذلك, وبهذا تؤكد هذه الزيارة على أن هناك وقوفا اميركيا خلف الاحتجاجات السورية. أي التصريحين نصدق?

ومع ذلك ليس هذا هو المهم, المهم ما تخلل التصريح الاميركي حيث أكد خبير أميركي رفض الكشف عن هويته "أن الولايات المتحدة الاميركية وعبر سفيرها وعمله الميداني بعد أن التقى معارضين في دمشق, يريد أن يلتقي بمعارضين في مدينة حماة, حيث أنهم لا يعرفون من يقود الثورة, وما رؤية هذه المعارضة الجديدة لمستقبل سورية.

اعتراف من الإدارة الاميركية أنها تحاول عبر سفيرها أن تساهم مع النظام في إخماد الانتفاضة, من خلال التسويق لفكرة الحوار مع النظام, وسبق للخارجية الاميركية وعلى لسان وزيرتها أن رحبت باللقاء التشاوري ب¯"السمير اميس", والذي رفضت فيما بعد أكثرية النشطاء المشاركين به فكرة الحوار مع السلطة, ما لم يتوقف القتل والحل الأمني.

أن ينزل سفير الولايات المتحدة إلى حماة معنى ذلك أنه يستشعر أن النظام وصل الى طريق مسدود, وكونهم يريدونه مستمرا فإنهم ينزلون بثقلهم هذه المرة, فبدلا من سحب السفير ورفض الاعتراف بنظام بشار الأسد, نراهم يلهثون من أجل انقاذه. هذه المرة الإدارة الاميركية أقل نفاقا من حيث أنها أكثر عارا على البشرية, في أنها تحاول أن يستمر المجرم في جريمته ومن دون عقاب, وهي لا تخفي هذه الرغبة مطلقا, وفي هذا السياق تندرج زيارة السفير الاميركي لحماة, وأما خدعة حماية المتظاهرين في حماة, فهي سباق مخاتل, وإن كانت بنية السفير حماية المتظاهرين فإنه يريد أن يحمي النظام من مزيد من القتل, والذي يمكن أن يدخله في طريق اللاعودة, ويحرج حليفته الأساس إسرائيل, حليفته التي تدافع عنه بشتى السبل والوسائل, فإذا كان يريد حماية المتظاهرين فشكرا له, لكن الموضوع ليس كذلك, وأكبر دليل غير الذي سقناه أعلاه, وهو دعواتهم الى الحوار بين المعارضة والنظام, هناك دليل لا يقبل الجدل, وهو صمت النظام العربي الرسمي, وصمت الكثرة من منظمات المجتمع المدني العربية عن الجريمة في سورية, أليس غريبا هذا الصمت?

إنه صمت أميركي إسرائيلي بامتياز, لهذا يقول الآن جوبيه وزير الخارجية الفرنسي" أن من غير المقبول عدم صدور قرار إدانة من مجلس الأمن الدولي لمايقوم به نظام بشار" وهو بهذا ليس عليه سؤال روسيا والصين والبرازيل بل عليه سؤال إسرائيل والولايات المتحدة الاميركية عبر إدارة أوباما, التي يقودها طاقم بيل كلينتون وجون كيري, الدعاة الحقيقيون لاستمرار نظام بشار الأسد, الذي أغرقهم بالهدايا والدعوات لزيارات مكوكية لدمشق. نعم طاقم الخارجية الاميركية الآن, وطاقم اوباما فيه أسماء كانت ولاتزال تريد بقاء نظام آل الأسد حاكما لسورية لأن هذه هي رغبة إسرائيل, ولهذا الصمت العربي مفهوم, ومفهومة أيضا زيارة السفير الاميركي لمدينة حماه البطلة. ألم يحن الوقت لكي تخرج البشرية والمجتمع الدولي من عاره هذا في دعم نظام قاتل, ومن دون أن نراهن على خروج العرب عن صمتهم المشين.

السابق
لن يكون هناك تفريط بدماء الشهداء
التالي
كان يتمنى أن يكون ضابطاً !!!