اللبناني سامي كنعان الرئيس المُرتقب لبلدية جنيف

يوماً بعد يوم، يثبت اللبنانيون تفوّقهم في كل المجالات والميادين، فقد انتخب، في 17 نيسان 2011، امي كنعان، اللبناني- السويسري الأصل، لشغل منصب المستشار الإداري (وزير) المكلف ملفي الثقافة والرياضة في المجلس التنفيذي لمدينة جنيف بتفوّق كبير في الأصوات على منافسيه، وبالتالي من المرجح أن يرأس المجلس البلدي للمدينة، وبذلك يكون السويسري الأول من أصل عربي الذي يحتل هذا المنصب.
تكلمت وسائل اعلام عدة، عالمية ومحلية سويسرية، عن نشاط سامي كنعان، الشاب الذي ولد في لبنان من أب لبناني وأم سويسرية، والذي هاجر الى سويسرا مع اندلاع الحرب اللبنانية، فأبرزت التزامه وانخراطه في عدد من منظمات المجتمع المدني، و"كفاءته من خلال مختلف المهمات النيابية والإدارية التي تولاها على مستوى برلمان وإدارة مدينة جنيف…"، وفق swissinfo.ch، وخصوصاً انه عرف كيف يكسب احترام الناخبين وثقتهم، متفوقاً على شخصيات تولت مناصب حكومية عدة ولمدة طويلة في جنيف. وهو اليوم يشغل منصب وزير الثقافة والرياضة في المجلس التنفيذي لمدينة جنيف، ويحمل في جعبته مشاريع كثيرة لثاني أهم مدينة سويسرية.
ويقول للوسيلة الاعلامية عينها ان هذا الفوز "قد يكون بمثابة اعتراف الناخبين له بما قدّمه طوال فترة التزامه العمل الإجتماعي والمناصب البرلمانية والإدارية على مدى الأعوام الماضية". كما يعتبر نجاحه بمثابة "رسالة مفيدة وأفضل مثال عن الإندماج الذي تنفرد به جنيف"، وخصوصاً ان ثمة مرشحين كثراً من أصول غير سويسرية استطاعوا الوصول الى البرلمان. "كما تعتبر مسؤولية ملقاة على عاتقي لتعزيز مظاهر التسامح والإنفتاح من أجل كسر الأفكار المُسبقة والكليشيهات التي تروّجها مع الأسف الأوساط الشعبوية، ليس فقط في ما يتعلق بالعالم العربي بل حتى في ما يتعلق بسكان المناطق الحدودية من الجيران الفرنسيين. والإندماج "لا يعني الإنسلاخ كلياً عن الهوية والثقافة الأصلية، بل يجب الإحتفاظ بها والتمسك بجانب منها، مع بذل جُهد للإقتراب من واقع البلد المضيف".

مهارات مهنية

غادر سامي كنعان لبنان أثناء الحرب وهو لم يتجاوز بعد السادسة عشرة من عمره. أكمل دراسته الثانوية في مدينة بيل/بيان Biel/Bienne. تخصص في الهندسة الفيزيائية في معهد زوريخ العالي، ثم تابع في جنيف دراسات عليا في العلوم السياسية، مما سمح له بالانخراط في العمل السياسي. ووفق swissinfo.ch، يعتبر كنعان ان جنيف "أتاحت له، إلى جانب التزاماته السياسية والبرلمانية عبر انتخابه نائباً في برلمان مدينة جنيف ثم في البرلمان المحلي لكانتون جنيف، إمكان إبراز مهارته المهنية كخبير مستقل في مجال تحليل السياسات المنتهجة في القطاع العام". كما تولى في تلك الفترة قطاع العمل والإشراف على نشاطات تمتد من دور الحضانة إلى دور العجزة، مروراً بالمشاركة في مجلسي إدارة مؤسسة النقل العام للمدينة ومصرف كانتون جنيف.
من ناحية ثانية، فإن التجربة التي اكتسبها كنعان عبر العمل ضمن الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني وفرت له خبرة غنية يفيد منها اليوم في القيام بمهمته كوزير مكلف قطاع الثقافة والرياضة. وكنعان، الذي يصرّ على التنقل في معظم الأحيان بواسطة دراجته الهوائية محافظة على البيئة، يعتبر انه بقدر اعتبار الأحزاب ضرورة للحياة السياسية، فإن للمنظمات الأهلية دوراً مهماً مساعداً في تطوير الأفكار والتعبير عنها.

لبنان في البال

لبنان لا يغيب عن بال كنعان، وثمة زيارات سنوية وفق ما تسمح له ظروف عمله. وهو يحتفظ بصورة مزدوجة عن لبنان: الاولى ايجابية تركز على جمال طبيعة لبنان وتعلق أهله بالحياة، والثانية اقل ايجابية بسبب أعوام الحرب والانقسامات التي سببتها في المجتمع اللبناني. فيتذكر "الضغوط والتحديات التي مارستها الميليشيات التي كانت تتحكم بحياة الناس من دون قدرتهم على التأثير فيها". مما رسخ عنده حب الديموقراطية وممارستها من دون التعرض للخطر والتعبير عن الاراء بكل حرية ومن دون ضغوط. ويضيف أنه بعد "العودة إلى سويسرا واكتشاف معنى العيش في بلد ينعم بالإستقرار تعلقت أكثر بالدفاع عن خدمات القطاع العام لتفادي ظواهر الفوضى واللامنطق والتفكك التي عايشتها في لبنان، والتي كان من نتائجها انقسام المجتمع فئتين: فئة الأثرياء التي في إمكانها أن تشتري كل ما تريد، وفئة الفقراء التي عليها أن تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة".
ختاماً، يؤكد كنعان للـswissinfo.ch أن "الجالية العربية تشكل ركيزة قوية في جنيف، وأنه يجب استثمار الروابط القوية التي تربط جنيف بالعالم العربي وبالثقافة العربية وتعزيزها والإفتخار بها". وهو يتابع بإعجاب وقلق الثورات العربية الحاصلة حالياً، وخصوصاً الشباب الذين يجازفون بحياتهم من دون اي دعم خارجي في عالم عربي لم يكن متوقعاً ان يتحرك فيه الشباب بعد تحرك بلدان أوروبا الشرقية وبلدان أميركا اللاتينية، قلقاً من خذل توقعات هؤلاء الشباب من الثورات ومن كيفية تقديم الدعم لهم.

السابق
تركيا وخطر التفكك السوري
التالي
الشاب ع. ح. غادر المخيم ليمضي أيامه شريداً بين الشارع والسجن