طلاب الجنوب: مئات الدولارات والساعات على طريق الهمّ

(خاص جنوبية)
بدأت أيام الامتحانات النهائية للطلاّب الجامعيين الجنوبيين، لتعود معها معاناة التنقّل من والى الجامعة. هذا وتبدو المشكلة عامة على طلاب الجامعات اللبنانية جميعهم، لكنها أكثر صعوبة وشقاءً عند أبناء القرى النائية في الجنوب، الذين لا تتأمن لهم وسائل النقل العامة والخاصة على السواء، سيما اذا كان موعد الامتحانات في فترة ما بعد الظهر.
معظم هؤلاء هم من الذين وجدوا من كلية الآداب في الجامعة اللبنانية في صيدا ملاذهم الوحيد بسبب الأعباء المعيشية الصعبة، مع عدم امكانية الاقامة في المدن لأسباب مادية واجتماعية. إيمان مثلا، طالبة في السنة الثانية في اختصاص الجغرافيا، تأتي من بلدة برعشيت في قضاء بنت جبيل، فتضطرّ للمبيت في بلدة شقرا المجاورة، لأن سيارة الأجرة متوفرة هناك، وبحسب قولها: "لا بدّ لي أيضاً من النهوض في الساعة الخامسة صباحاً، موعد انطلاق السيارة التي تقلّني الى بلدة الشهابية في قضاء صور، فأنتظر سيارة الفان التي تقلّ عددا من الركاب الى الجامعة نحو الساعة العاشرة صباحاً، بينما موعد الامتحان في الواحدة ظهراً، أما في طريق العودة فأضطرّ الى توقيف السيارات العابرة للوصول الى المنزل في ساعة متأخرة".
أما الطالبة فاطمة عليان، وعمرها 20 عاما، من بلدة ياطر في قضاء بنت جبيل، فتأسف لهذا الواقع المرير: "أصبحت الجامعة عندي شرّ لا بدّ منه، بعدما كانت الحلم الذي أنتظره بعد الانتهاء من سنوات المدرسة الطويلة، فقد اضطررت أنا وعدد من زميلاتي، ولأسباب مادية، لاختيار كلية الآداب اللبنانية، وفي صيدا تحديداً، بسبب عدم القدرة على الالتزام بالدوام اليومي بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة، اضافة الى أنه لا مكان لنا للاقامة في بيروت أو أي منطقة توجد فيها الجامعات، فحرمنا من الاختصاص الذي نحبه، لأن كلفة الايجار باتت باهظة جداً"، وتضيف: "كنّا في أوقات الدراسة نستطيع تدبّر أمرنا رغم عدم وجود وسائل للنقل العام، وحتى النقل الخاص لا يلائم الدوام المقرّر لنا، فنتنقّل بين سيارة وأخرى، لنصل قرابة الساعة التاسعة أو العاشرة صباحاً، ونعود بالطريقة نفسها باكراً، لكن في وقت الامتحان، الذي لا يمكن التأخر فيه عن الموعد المحدّد، لا سبيل لنا الاّ النهوض في الساعة الخامسة صباحاً، واستئجار سيارة تاكسي بكلفة عالية تقلّنا معاً من أكثر من بلدة، والمشكلة الأكبر اذا كان موعد الامتحان بعد الظهر، فالعودة تكون أكثر صعوبة بسبب تأخر الوقت".
كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، وبسبب ضيق المبنى، قسّمت مواعيد البدء في الامتحانات بين الثامنة صباحاً والواحدة ظهراً، رغم أن معظم الطلاّب هم من المقيمين في القرى والبلدات الجنوبية البعيدة، من بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا وغيرها. فتبعد الجامعة عن بلدة ربى عمار، التي تأتي من بلدة ميس الجبل، نحو 80 كلم، وتزيد هذه المسافة بالنسبة لقرى بنت جبيل الأخرى. تقول عمّار: "قد يكلّفني التنقل أيام الامتحانات أكثر من مئتي دولار أميركي، وأحتاج أنا والعديد من زملائي الى أكثر من ساعة ونصف الساعة للوصول الى الجامعة، لأن السيارة التي نستأجرها عليها أن تتنقّل بين بلدة وأخرى لتقلّنا جميعاً قبل أن تذهب بنا الى الجامعة، والأمر نفسه في طريق العودة، ما يعني أننا سنصل الى الامتحان مرهقين جدا وهذا يؤثّر سلباً على نتائجنا في الامتحان، خصوصاً عندما تكون أيام الامتحان متتالية، فلا وقت لمراجعة ما قرأناه سابقاً".
ويطالب الطالب محمد جمعة، من بلدة بنت جبيل، "باستحداث مراكز خاصة بالامتحانات الجامعية في كلّ قضاء أسوة بالامتحانات المدرسية، والاّ على الدولة أن تؤمن النقل العام من القرى الى المدن وخصوصاً للطلاّب الجامعيين المضطرّين للاقامة في قراهم البعيدة والقليلة السكان، لأن عدد الطلاّب الجامعيين قليلون أيضاً ولا يسعهم تأمين وسائل نقل خاصة تقلّهم معاً الى جامعاتهم".

السابق
النهار : الأكثرية الجديدة تتساءل: هل هناك حكومة؟
التالي
عبدالله وضع الحجر الأساس لمجمع كفرا