النساء يصرخن الأحد لاسقاط العنف ضدهن

منذ العام 2007 بدأت جمعية كفى مسيرتها لتشريع حماية النساء من العنف، وخاضت معركة شرسة حتى اقرار مشروع القانون في نيسان 2010 في مجلس الوزراء واحالته الى مجلس النواب حيث عملت اللجان النيابية منذ نيسان 2011 على دراسته لتحوله منذ فترة ليست ببعيدة للجنة نيابية فرعية للمزيد من الدراسة، كان القانون على جدول أعمال اللجان المشتركة وتحول الى لجنة نيابية فرعية التي حددت مهلة ثلاثة أسابيع تنتهي نهاية الشهر الحالي لمناقشة القانون لإدخال تعديلات عليه، ولكن حتى اللحظة ومع اقتراب نهاية الأسابيع الثلاثة لم تجتمع اللجنة ولا مرة.

ليلى عواضة

وتقول منسقة الخدمة القانونية في منظمة كفى عنف واستغلال المحامية ليلى عواضة التي تشير الى أن الجمعية أجرت لقاءات عدة مع أعضاء اللجنة النيابية لتطلع منهم على الاعتراضات على القانون والأسباب التي أدت الى تشكيل لجنة فرعية، وتبين لنا أن المسألة عندما تتعلق بالمرأة تجنح الأمور فورا حول قوانين الأحوال الشخصية ومحاكم شرعية روحية وامكان أن تتناقض الصلاحيات مع هذه القوانين، على الرغم من أن كل قوانين لبنان تتعارض مع الشرع لم نعرف حتى اليوم لماذا عندما يتعلق الأمر بالمرأة يصبح موضوع الشرع ملحا جدا.

واعتبرت أن هذه الأسباب تجعلنا نتأكد أن موضوع المرأة ليس في أولوية المشرعين. وأكدت عواضة أن قانون حماية النساء من العنف ليس قانون أحوال شخصية بل هو جزء أو فصل من قانون العقوبات ويتعلق بالجرائم التي ترتكب ضد النساء والفتيات داخل الأسرة ومن ضمنهم قتل النساء أي جرائم الشرف التي عمدت اللجنة النيابية الى الغائها والمعاقبة عليها، مبدية تخوفها من أن يكون هدف اقرار جزئيات من القانون محاولة لإلهائنا عن الرموز المتكاملة.

وقالت: نحن نحتاج الى قانون متكامل لا الى جزئيات وهناك الكثير من المواد في قانون العقوبات تحتاج الى تعديل إضافة الى جرائم الشرف، مؤكدة أن اقرار هذه المادة وحدها على أهميتها لا تلبي طموحاتنا، فهناك جرائم أخرى ترتكب داخل الأسرة يجب ملاحظتها وهي موجودة ضمن مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، كالعنف الجسدي والعنف الجنسي والعنف المعنوي. فكلها جرائم يجب المعاقبة عليها، معتبرة أنه عند اقرار هذا القانون يمكننا القول حينها أننا خطونا خطوة اضافية نحو تشريع متكامل للعنف الأسري.

ورأت أن هذا القانون لن يحل مشكلة العنف أو يقضي عليها بل نحن بحاجة الى خطة وطنية كاملة واستراتيجية متكاملة تتناول التربية والثقافة ومؤسسات الدولة والموازنة …الخ، معتبرة أن هذا القانون يرفع ضررا عن المرأة كونه يعالج آثار العنف وليس مشكلة العنف التي تكافح من خلال الدولة وباستراتيجية وطنية تبدأ من التربية في المدارس وبالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة وبمختلف القطاعات.

عواضة التي رافقت مراحل اقرار مشروع القانون من بداياته أوضحت أن المشكلة الأساسية التي تواجه اقرار القانون من قبل اللجنة النيابية المختصة لا تتعلق بالمواد المتصلة بالعنف الأسري ضد النساء في الأسرة وانما تتعلق بالعنف الزوجي ولا سيما ما يتعلق بإكراه المرأة على الجماع، مؤكدة أن القانون متوقف عند هذه الفقرة أي سلطة الرجل في العائلة حيث يعتبرون أن هذه السلطة تتأثر ونحن نقول ضمن هذا الاطار أننا لسنا ضد السلطة وانما ضد التسلط، فهناك فرق كبير بين السلطة والتسلط والسلطة ضرورية حتى لا تعم الفوضى ومن بيده السلطة عليه أن يلعب دور الحامي والراعي وليس دور المعنف لأنه عندها يجب أن يحاسب ويعاقب على تسلطه وليس على سلطته.

وحددت العنف الذي يعاقب عليه القانون بالعنف النمطي والعنف السلوكي الذي يصبح أسلوب حياة ووسيلة الحوار الوحيدة، مشددة على أن قانون العنف ضد النساء لا يستهدف الرجل في المجتمع بل هو قانون لحماية المرأة من عنف بعض الرجال، مشيرة إلى أن القانون يعاقب على الفعل وهو ضد من ارتكب العنف ضد النساء سواء ارتكبه رجل أو امرأة.

وأشارت إلى أنه في ما خص آراء اللجنة النيابية بعضهم كان متفهما جدا والبعض الآخر متحفظ لأنه ينقل وجهة نظر المرجعية الدينية التي يمثلها والتي تبدي تخوفها من مسألة حقوق الزوج وسلطته ولا سيما أننا مجتمع ذكوري وهم من هذا المنطلق يعتبرون أن سلطة الزوج مهددة بالقانون الجديد، ولكن بنظرنا فإن السلطة الصحيحة محمية لكن التسلط هو المهدد.

وأكدت أن الديانات جميعها تعاقب على كل فعل من الأفعال العنفية الواردة في القانون وهو ما سمعناه من رجال الدين من أن العقوبة ضرورية، مشددة على ضرورة وضع قانون يعاقب على هذه الأفعال التي تطال النساء من مختلف الطوائف، وهذا واجب الدولة التي يجب أن تحمي مواطنيها من خلال تشريع القوانين التي تؤمن لهم هذه الحماية، ومن رغب من المواطنين بالتوجه الى الشرع والمحاكم الدينية لحل مشاكله فلديه الحرية الكاملة في ذلك ولكن من حق أي مرأة ترى أنها بحاجة لمن يحميها من العنف أن تلجأ الى الدولة لتأمين ذلك لأن من واجب الدولة وضع التشريعات التي تؤمن الحماية لمواطنيها.
وعن التقدم في الحملة وأثرها على النساء أشارت عواضة الى النساء بدأت بتقديم الشكاوى، لكن المشكلة أن الشكاوى لا توصل الى نتيجة لعدم وجود الآليات القانونية اللازمة ولذلك هناك ضرورة لوجود قانون يؤمن الحماية للنساء من خلال وجود نساء في المخافر وإخصائيات اجتماعيات ومن خلال القانون المطروح اليوم على النقاش نحاول تنظيم هذه الآليات التي تؤمن الحماية للمرأة عند تقديم شكواها، لافتة الى أن النساء تطالب بتضمين القانون أمورا أكثر من الموجودة فيه حاليا كالعنف النفسي والعنف المعنوي والهجر الجنسي للمرأة وهي أمور لا يمكن إثباتها.

واعتبرت أن القانون الحالي يؤمن الحد الدنى من الحماية للنساء اللواتي يطالبن بأكثر من ذلك لكن، ووفقا للقانون لا جريمة من دون نص ولا عقوبة من دون نص، لذلك لا بد من إثبات لأي جرم يحصل ولذلك اكتفينا راهنا بما ورد في القانون.

تظاهرة 29 أيار

وفي ما يتعلق بتظاهرة 29 أيار أوضحت عواضة انه لغاية 28 أيار يكون مضى على وجود القانون في مجلس النواب عاما كاملا وفي 29 أيار تنتهي مهلة اللجنة الفرعية المختصة بدراسة القانون، علما أن هذا القانون كان مر على مجلس الوزراء والعديد من اللجان التي درسته ومحصت فيه، كما تم الحصول على آراء المحاكم الشرعية على اختلافها وعليه فلا نرى داعيا لتأخير إصدار القانون الذي نعرف أن التحفظات في شأنه تقتصر على العنف الزوجي واكراه الزوجة على الجماع بالعنف، ولذلك بات من الضروري اصدار القانون ولذلك بدأنا خطوتنا التصعيدية يوم 29، وكان القرار بالتظاهر تحت شعار من أجل تحقيق العدالة للنساء وما نطالب به هو تحقيق العدالة الاجتماعية في هذه العلاقة الأسرية المنتهكة من بعض السلطة في هذه الأسرة، ولأن أبسط حقوق الإنسان هو حق العيش والعيش بكرامة ولأن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان ولأن العنف الأسري هو أسوأ أنواع العنف الذي يطال النساء ويصل في بعض الحالات الى حد القتل ولأن الضرر الناتج عن العنف الأسري الممارس ضد النساء يطال المجتمع بأسره وليس النساء فقط ولأن العنف يطال النساء والفتيات في لبنان في مختلف الفئات الثقافية والطائفية والإجتماعية ولأن الدولة مسؤولة عن حماية جميع مواطنيها من أي إعتداء أحصل ذلك في الأماكن العامة أم الأماكن الخاصة، ولأن النساء والفتيات ضحايا العنف الأسري لا يلقين الحماية في القانون اللبناني، ولأن الوقت قد حان لإقرار قانون خاص يحمي النساء من العنف الأسري ولأن المطالبة بتجريم العنف الأسري لا تستهدف الرجل وإنما تستهدف العنف الممارس على المرأة بغض النظر عن جنس المرتكب، دعت كفى الرجال والنساء، شبابا وشابات للمطالبة بإقرار مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، عبر المشاركة في التظاهرة التضامنية التي ستنطلق بعد يوم غد الاحد في 29 الحالي من أمام وزارة الداخلية باتجاه رياض الصلح النقطة الأخيرة التي يمكن الوصول اليها امام مجلس النواب، واعدة بتحرك تصعيدي اذا لم نصل الى نتيجة،مشيرة الى ان بعض النواب سيشاركون في التظاهرة.

الموقف الرسمي

وعلى الرغم من أن التشريع الخاص لحماية النساء والفتيات تم تناوله في موقعين تنفيذي وتشريعي، وأدرج في بيانين وزاريين للحكومتين السابقتين، وشدد عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في خطابه امام المجلس بعيد اعادة انتخابه اذ ذكر مسألة اقرار التشريعات اللازمة الآمنة لمشاركة المرأة الكاملة في حياة الدولة والمجتمع وحمايتها من العنف وتعديل القوانين التمييزية الموجودة في القانون اللبناني في هذا المجال، الا أنه حتى اليوم لم يتمكن هذا القانون من تخطي العوائق والحواجز الدينية المصطنعة.

تجريم العنف الاسري

وفي انتظار ما يمكن أن تسفر عنه الأيام القليلة المقبلة من تطورات في شأن مناقشة القانون في اللجنة النيابية، لاسيما بعد تجريم جرائم الشرف نشير الى ابرز ما ينص عليه هذا القانون،الذي يعطي في حال اقراره المرأة حقها في الدفاع عن نفسها في حال تعرضها للعنف عبر الحصول على قرارات الحماية وتكون فيه مراكز التأهيل من العنف بديلة عن السجن. وهو يهدف الى تجريم العنف الأسري، وانشاء قطعة متخصصة بالعنف الأسري لدى قوى الامن الداخلي، وامكان تحريك شكوى العنف الأسري عن طريق الإخبار، وامكان اصدار أمر حماية معفى من الرسوم، وابعاد المدعى عليه من المنزل اذا كان وجوده من شأنه ان يشكل خطرا على حياة الضحية وأطفالها، واستحداث صندوق مالي حكومي او مشترك لمساعدة ضحايا العنف الأسري.

الجدير ذكره انه ولمدة طويلة، كان يستعمل مصطلح العنف المنزلي للدلالة الى العنف الذي تتعرض له المرأة،الا ان مصطلحا آخر احتل مكانه وهو العنف الاسري، ذلك لأن دراسات عدة دلت الى ان العنف يمكن ان يمارس على المرأة، ليس فقط ضمن نطاق المنزل انما يتعداه الى نطاق الاسرة، مثل البنات وابنائهن وغيرهن من الاقارب وان كانوا لا يعيشون في المنزل عينه، كما أن العنف ضد المرأة داخل الاسرة هو من أكثر اشكال العنف انتشارا.

ويرى مشروع القانون أنه آن الاوان للانتقال بقضية العنف الاسري ضد المرأة من مرحلة رفع الوعي حوله ورفع الصوت عاليا الى مرحلة المناصرة والمدافعة عن مشروع القانون.

السابق
أسود: فرع المعلومات إنقلب على الدولة
التالي
واكيم :حادثة الاتصالات تمرد مسلح