لبنـان يشتـرك فـي خطـة دوليـة للحـد مـن حـوادث السيـر

في كلّ عام، تودي حوادث المرور بحياة مليون وثلاثمئة ألف نسمة في كل أنحاء العالم، أيّ بمعدّل ثلاثة آلاف وفاة يوميا. ويتعايش بين عشرين مليونا وخمسين مليون شخص مع إصابات ناجمة عن تلك الحوادث التي تعتبر من الأسباب الثلاثة الرئيسيّة للوفيات عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والأربعة والأربعين.

تقع نسبة تسعين في المئة من الوفيات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق في الدول ذات الدخل المتوسط والمنخفض. وفي حال عدم اتخاذ تدابير فورية فعالة للحد من الظاهرة، يتوقع أن تشكل الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق السبب الرئيسي الخامس للوفيات في العالم بحلول العام 2030، وهي تهدّد حياة مليونين وأربعمئة ألف شخص في كلّ عام.

ولمواجهة ذلك الواقع، يطلق كل من «فريق الأمم المتحدة المعني بالتعاون في مجال السلامة على الطرق» و»منظمة الصحة العالميّة»، في الحادي عشر من أيار الحالي، مشروع «عقد للعمل من أجل السلامة على الطرق 2011/2020» بهدف وضع حدّ للزيادة المسجلة في عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور في جميع أنحاء العالم، وهي خطة من المفترض أن تنفذ على امتداد السنوات العشر المقبلة ويتوقع أن تساهم في إنقاذ حياة نحو خمسة ملايين نسمة.

ويشرح ممثل الصحة العالميّة في جنيف الدكتور ديفيد مدينغذ أن الخطة العشرية تقضي أن تقوم دول العالم بتنفيذ أنشطة على الصعيد الوطني وفقا لخمس قواعد، منها إدارة شؤون السلامة على الطرق، وتطوير شبكات الطرق وتحسين التخطيط والتصميم لحماية المشاة وراكبي الدراجات والدراجات الناريّة، وتشجيع استخدام المركبات الأكثر سلامة والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، وإعداد برامج لتحسين سلوك مستخدمي الطرق، وزيادة القدرة على الاستجابة لحالات الطوارئ بعد حصول حوادث السير.
ويوضح مدينغذ ان الهدف العام للعقد يتمثّل في التزام الدول الأعضاء باتخاذ الإجراءات وسن القوانين للحدّ من عوامل الخطر الرئيسيّة كتحديد سرعة القيادة، والحدّ من القيادة تحت تأثير الكحول وزيادة استخدام أحزمة المقاعد والكراسي المخصّصة للأطفال والخوذات الواقيّة لدى ركوب الدراجات الناريّة.

ويوم الأربعاء المقبل، يطلق «عقد العمل من أجل السلامة على الطرقات» من قصر الأونيسكو في بيروت، بحضور وزراء الداخلية والأشغال العامة، والبيئة، والصحة إلى جانب ممثلين عن الصليب الأحمر والقطاع الخاص ووسائل الإعلام، وبتنسيق من جمعية «كن هادي». ويتخلل حفل الإطلاق مؤتمر صحافي حول مبادئ العقد والخطوات المنوي اتخاذها.
ويوم أمس، أطلق المركز الجامعي للصحة العائليّة والمجتمعيّة في جامعة القديس يوسف مشروع «عقد العمل من أجل السلامة على الطرق» للحدّ من المخاطر التي تسببها حوادث المرور والتي تودي بحياة العديد من الأشخاص في البلاد، وذلك خلال افتتاح الندوة الفرنكوفونيّة الدوليّة التاسعة بعنوان «شغف المخاطرة عند الشباب: أيّ ثمن؟».

ويشرح منسّق البرامج في مكتب «منظمة الصحة العالمية» في لبنان الدكتور زياد منصور أنه، بحسب إحصاءات وزارة الداخلية، فإنّ عدد حوادث السير في لبنان بلغ 4583 حادثا في العام 2010، تسبّبت بوفاة 549 شخصا وبإصابة 6517 شخصا آخر. ولا تختلف تلك الأرقام عن معدّلات السنوات الماضية، مما يدلّ، بحسب منصور، إلى نقص في آليات مواجهة مشكلة حوادث السير في لبنان.
وتعدّ السرعة وعدم الانتباه أثناء القيادة السببين الرئيسيين في تلك الحوادث التي يقع معظمها في محافظة جبل لبنان، ولدى الفئة العمرية الممتدة بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين. ويبدو أن تلك الإحصاءات لم تلحظ مسؤولية الجهات الرسمية في التسبب بالحوادث، عن طريق انعدام الرقابة وعجز الشرطة المرورية كما بسبب رداءة الطرق.

ويؤكّد ممثل منظمة الصحة العالميّة في لبنان ثمين صديقي أنّ منظمة الصحّة العالميّة ستقوم مع وزارتي الصحة والداخلية وجميع الأفرقاء، وبالتزامن مع الخطة العالميّة الخاصة بعقد للعمل من أجل سلامة الطرق، بتطوير برامج الوقاية من حوادث السير، وتثقيف الشباب للتنبّه إلى سلوكياتهم أثناء القيادة، وتعديل قوانين السير والإجراءات التشريعيّة، وتطوير البنى التحتيّة للطرقات وترصّد جميع المعلومات المتعلّقة بعدد حوادث السير، وكيفية حدوثها، وكيفية نقل المصابين إلى المستشفيات.
ويلفت المدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار إلى أنّ الوزارة تعمل اليوم على تحسين ظروف نقل المصابين في حوادث السير، وتطوير الإسعافات الأوليّة التي يتلقّونها، كما تعالج الوزارة مشكلة تهرّب شركات التأمين الخاصة من تغطية المصاريف الصحيّة للأفراد الذين تعرّضوا لحوادث سير.

إلى ذلك، تذكر مديرة المركز الجامعي للصحة العائلية والمجتمعية هيام قاعي أنّ الندوة الفرنكوفونية التاسعة «شغف المخاطرة عند الشباب، أيّ ثمن؟» تعالج اليوم ثلاثة محاور رئيسيّة تتعلّق أولا بسلامة الشباب على الطرق، وثانيا أثناء ممارستهم للأنشطة الرياضية والترفيهيّة واستخدامهم وسائل التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى موضوعي العنف والانتحار.
ويمكن لجميع المعنييّن من فئات شبابيّة وأهل وتربويين أن يتابعوا فعاليات المؤتمر من محاضرات علميّة لباحثين لبنانيين وأجانب ولنشاطات تثقيفيّة تنفذّها الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني في حرم كلية العلوم الطبيّة في جامعة القديس يوسف على امتداد اليوم الجمعة.

السابق
السفير: استمرار موجة التعدي على الأملاك العامة في صور وساحل الزهراني
التالي
تدابير سير في بيروت وجبل لبنان لمناسبة رالي بيبر الاحد