السفير: استمرار موجة التعدي على الأملاك العامة في صور وساحل الزهراني

فيما تشدد القوى الأمنية من إجراءاتها المتعلقة بنقل مواد البناء إلى ورش البناء على الأملاك العامة والمشاعات، تستمر موجة التعدي على تلك الأملاك في صور وقراها والطريق الساحلية لقضاء الزهراني. وادّعى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أمس، على مجموعتين، الأولى من سبعة أشخاص (بينهم خمسة موقوفون)، والثانية من خمسة أشخاص بينهم موقوف واحد، بجرم مقاومة عناصر قوى الأمن، والاعتداء عليها أثناء قمع مخالفات البناء في محلتي الأوزاعي وطريق المطار، سندا إلى المادة 381 – عقوبات. وأحالهم على قاضي التحقيق العسكري الأول. وقامت قوى الأمن الداخلي، وفق بيان صدر عنها أمس، «اعتبارا من 29 نيسان الماضي، حتى يوم أمس، بهدم 130 مبنى مخالفاً مبنياً في الأملاك العامة وغير العامة، في مناطق حرم المطار، وطريق المطار، والأوزاعي، والجناح، ومحيط مستشفى رفيق الحريري الحكومي. ومعظم تلك الأبنية مؤلف من طابقين، وعدد منها مؤلف من ثلاثة أو اربعة طوابق». ولفت البيان إلى أن «الحملة مستمرة لإزالة المخالفات المبنية على الأملاك العامة وأملاك الغير».

وتوزع نشاط مخالفات البناء في منطقة صور (حسين سعد) أمس بين استكمال بعض الأشغال على أسطح المنازل القائمة أصلاً في أطراف المدينة وبلداتها، بينما توقفت الأشغال في كثير من الورش التي أنجزت أسقفها براحة بال، فيما استمرت قوى الأمن الداخلي المكلفة بالعمل على إزالة المخالفات، وفق الاتفاق في الاجتماع السياسي الأمني في صور، «باحثة» عن جرافة وسائقها لاستكمال تلك المهمة بعد فشل محاولتين قامت بهما أمس الأول، نتيجة تعذر تأمين سائق جرافة مدني. وتزامن ذلك مع تشديد قوى الأمن لإجراءاتها المتعلقة بنقل مواد البناء إلى الورش التي تجري فيها الأشغال في كافة مناطق التعديات شرق وشمال وجنوب صور. وعلمت «السفير» من مصادر الاجتماع أن «عملية هدم المخالفات التي شيدت حديثاً على الأملاك العامة في الزراعة والمساكن وسواها من المناطق، ستنفذ ولا يمكن التراجع عن تلك القرارات التي جاءت بإجماع الحاضرين من أمنيين وسياسيين».

وعقد رئيس «اتحاد بلديات صور» عبد المحسن الحسيني، ندوة صحافية أمس، في مركز الاتحاد في صور، أعلن فيها أن «ما حصل من حوادث ومخالفات البناء في المشاع قرب صور سببه إهمال الدولة لمسؤولياتها، ما أوصل الناس إلى تلك النتيجة وسقط قتلى وجرحى»، داعيا إلى «الاسراع في تشكيل الحكومة كي تنهي ملف البناء المخالف والمشاعات». وقال: «اننا مع النظام العام، ونعتبر التعديات على المشاع، والبناء المخالف هو أمر يسمى مخالفات يعاقب عليها القانون. ولا يصح أبدا الاعتداء على أملاك الدولة والمشاع قرب مطار رفيق الحريري في بيروت والشواطئ وغيرها من المناطق اللبنانية». أضاف الحسيني: «لقد حاولنا مراراً مع قوى الأمن الداخلي أن نصل إلى حلول لمشكلة البناء، لكن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود والجنرالات هم من يتحملون المسؤولية في رفض اقراحاتنا لحلّ المشكلة. ان المسؤولين في واد والشعب في واد».

واعتبر الحسيني أن «المخالفة البسيطة حيث يبني الإنسان منزلا لابنه على سطح منزله العائلي أمر قد يسمى مخالفة تبلع، أما أن يصار إلى ابتلاع الأراضي المشاع، وإقامة البناء المخالف عليها، فذلك أمر مرفوض في القانون». وتوجه إلى المسؤولين بقوله: «إذا كانوا فعلا عندهم ضمير وطني وإحساس بالمسؤولية، يجب الإسراع في حلّ المشكلة المزمنة التي تقلق كل بيت في لبنان».

وعلى الرغم من قرار توقيف جبالات الاسمنت والشاحنات المحملة بمواد البناء، إلا أنه شوهد العديد منها ليل أمس الأول، وهي محلمة بآلاف أكياس الإسمنت والرمول، وهي تعبر اوتوستراد صيدا – صور («السفير»)، متجهة نحو صور من دون أن يعترضها أحد. وكان أحد المجابل، بمحاذاة الاتواسترد قبالة، «الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين» في الصرفند، يعمل ليل أمس الأول جهاراً. وبلغت التعديات على المشاعات في بلدة عدلون حداً لم يعد يحتمله عدد كبير من السكان، الذين باتوا يعانون من الضيق والاضطراب، والإرهاق الجسدي، بسبب الأبنية المخالفة التي تشاد بشكل ملاصق لمنازلهم. فهم باتوا لا يعرفون طعم النوم وكذلك أطفالهم الصغار، بسبب هدير الشاحنات التي تجوب البلدة، خصوصا في فترة منتصف الليل وتستمر حتى ساعات الصباح الأولى، فضلا عن صراخ العمال الذي يملأ المكان وأصوات المطارق. وخلق ذلك الأمر حالة من اليأس دفعت بعض السكان إلى التفكير ببيع منازلهم، معتبرين أن التعديات تحدث تحت أنظار القوى الأمنية، متسائلين «إذا كان قرار الهدم يجابه بانتفاضة الأهالي، فما الذي يمنع تلك القوى من مصادرة شاحنات الباطون، رغم الشكاوى المتعددة التي قدمت إليها؟». ويروي أحد فعاليات بلدة عدلون، نقلا عن أحد أصحاب مجابل الباطون، أن «قوى الدرك كانت تحدد له الساعة التي يبدأ بها العمل ليلاً، وتعده بالتغاضي عن شاحنات الباطون التابعة له، لقاء منافع متبادلة، رغم وجود قرار المنع». ويشير بعض السكان ممن بنوا منازلهم على المشاعات في البلدة، إلى أن سيارة قوى الأمن كانت تأتي إليهم وهم يبنون، ثم يخبرهم العناصر أن بإمكانهم معاودة العمل بعد ذهابهم.

وفي بيروت، ومع تفاقم أزمة مخالفات البناء، عقد نقيب المهندسين إيلي بصيبص مؤتمراً صحافياً في النقابة أمس، تناول فيه موجة التعدي على الأملاك العامة والخاصة والمشاعات، واصفاً إياها «بالكارثة الاجتماعية البيئية بعدما شملت كافة الأراضي اللبنانية». ودعا بصيبص «السلطات المعنية إلى ضرورة التشدد في تطبيق القوانين، وتحريك النيابات العامة لمعاقبة المجرمين»، مطالباً المهندسين بـ»عدم المشاركة في الأبنية المخالفة تحت طائلة إحالتهم إلى المجالس التأديبية»، لافتاً إلى «غياب السلطات الرقابية عن قمع المخالفات، لا بل الشك في تواطئها مع المخالفين». وأشار بصيبص إلى «تخبّط السلطتين التنفيذية والتشريعية في طريقة اعتماد الوسائل لمنع أو قمع ومعالجة تلك الظاهرة»، مشدداً على «ضرورة التنبه إلى الفاتورة الاجتماعية المترتبة من جراء انهيار تلك الأبنية في حال حدوث زلزال أو هزة أرضية».

وعرض بصيبص لعدد من المخاطر الناتجة عن المخالفات، متوقفاً عند «الأثر البيئي، والتشويه الحاصل من جراء عشوائية تلك المباني، وأثرها المستقبلي على التمدد العمراني، لأنها تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة»، مشيراً إلى «التلوث الذي تحدثه إن على صعيد النسيج المعماري للمدن والقرى أو على صعيد الموارد الطبيعية». وتطرق بصيبص إلى «ضرورة الالتفات لما تشكله تلك الأبنية من خطر على السلامة العامة وعلى ساكنيها، لأنها تفتقر إلى الحد الأدنى من الشروط لجهة متانتها ومقاومتها للكوارث الطبيعية، بفعل عدم دراستها من مهندس مختص».

وأوصى بـ «ضرورة إزالة المخالفات كلياً، منعاً لتسوية أوضاعها في المستقبل»، متمنياً على الوزارات المعنية «التحرك ضمن خطة طوارئ مدروسة لمعالجة تلك المشكلة الوطنية».
ورأى بصيبص أن «المخالفات ليست فجأة بل نتيجة للفساد المنتشر». وسأل: «ما هو تفسير المخالفات، خاصة بعد رفع الغطاء السياسي عن المخالفين من كافة الأطراف السياسية. وحمّل المسؤولية لغياب السلطات الرقابية على مدى عقود وأثرها المباشر في تفشي تلك الظاهرة»، معتبراً أن «المخالفات ما هي إلا رأس جبل الجليد، فالمخفي منه امتد أثره على الأملاك البحرية ومجاري الأنهار».

السابق
توقيف عدد من المعتدين على “صيدا مول”
التالي
لبنـان يشتـرك فـي خطـة دوليـة للحـد مـن حـوادث السيـر