الاستحقاق المؤجل: واقعية عون وثبات فرنجية

كتبت البلد: يؤكد العماد ميشال عون يوماً بعد يوم انه يصبح اكثر “براغماتية” واكثر واقعية كلما تأكد ان الاستحقاق الرئاسي غيمة صيف في عز العواصف المتلاطمة على ارض لبنان جنوباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً. امس الاول اطلق عون احد “مواقفه المتقدمة” كما عوّد حلفاءه واخصامه في آن معاً. موقفه ليس نوعياً او يقدم جديداً رئاسياً في الشكل، لكنه يحمل مضموناً سياسياً في العمق. فهو رد التحية بأحسن منها الى الوزير سليمان فرنجية وأكد (عون) انه لا يمانع في ترشيحه (فرنجية) من دون او زيادة او نقصان. وتكمن اهمية هذا الموقف وفق اوساط رفيعة محيطة بفرنجية انه يأتي بعد ايام من لقاء جمع فرنجية وعون في الرابية. وما يميز هذا اللقاء انه يأتي في زمن انسداد الحلول والافق الداخلية والتي هي انعكاس لسوداوية اقليمية ايضاً.

ويأتي ايضاًَ في زمن الانفتاح الداخلي على الحوار مهما كانت الاطراف المشاركة فيه، على الجبهة السنية- الشيعية من جهة وعلى الجبهة المارونية- المارونية من جهة ثانية. ويكرس لقاء عون – فرنجية التفاهم الثنائي السياسي والاستراتيجي لجهة التحالف مع المقاومة و8 آذار والاقتناع بأن ما يجري في سورية هدفه التقسيم وتهجير الاقليات وضرب محور المقاومة وخدمة المشروع الصهيوني والاميركي في المنطقة.

وعلى المستوى التكتيكي يكرس التفاهم بين الرجلين وحسم كل مرحلة التباين الماضية مع حفاظ تيار المردة على خصوصيته واستقلاليته كتيار مسيحي ووطني متحالف مع “التيار الوطني الحر” ومع المقاومة وكل مكونات 8 آذار لكنه يحتفظ بعلاقة مميزة جداً مع سورية الاسد.

في بداية طرح الدكتور سمير جعجع نفسه مرشحاً لقوى 14 آذار والذي هدف بداية الى قطع الطريق على ترشيح العماد عون ومحاولة استدراجه الى معركة “حرق الترشيحين”، لعبت “القوات اللبنانية” مع تيار “المستقبل” وباقي مكونات 14 آذار على وتر انها ترفض ترشيح عون وتقبل بترشيح فرنجية، وهذه اللعبة لم تكن كرمى لعيون فرنجية او حباً به بل “زكزكة” لعون ومحاولة استفزازه وتعميق الشرخ بينه وبين فرنجية على خلفية بعض التباينات المناطقية والخدماتية التي كانت تجرى في بعض المناطق المتداخلة في الشمال خصوصاً وفي باقي المناطق عموماً. وقتها جرى التداول بطرح اكثر فعالية داخل 8 آذار ومفاده هو ترشيح فرنجية مقابل جعجع ليتحول بعدها الى شخصية نيابية مارونية اخرى في 8 آذار قبل ان يستقر الرأي على عدم ترشيح 8 آذار العلني لاي مرشح وترك الورقة البيضاء تتكلم في الجلسة الاولى لانتخاب الرئيس والابقاء على العماد عون مرشحًا استراتيجيًا واساسيًا مضمرًا والوقوف وراءه في ما يقرره لمعرفة ماهية خيارات او خطوات الفريق الآخر.

منذ اللحظة الاولى فهم الثنائي عون وفرنجية جيداً تكتيك 14 آذار الرئاسي لاحراج فريق 8 آذار وإجباره على خوض معركة رئاسية في توقيت لا طائل منه في احسن الاحوال وفي اسوأ الاحوال رمي الزيت والنار بين الرابية وبنشعي حتى لا تكون “السلة فاضية”.
فرنجية الذي يصر على الاطمئنان مرتين او ثلاث يومياً الى مصير المعركة التي يخوضها الرئيس بشار الاسد ضد الارهاب في سورية كونه شخصياً، متيقنًا اليوم ان لا استحقاق رئاسياً قريباً في لبنان فالافق الدولي والاقليمي مغلق تماماً ولا نوافذ لحلول سريعة رغم كثافة الكلام الرئاسي الداخلي والحوارات الثنائية.

لذلك هو مصمم ومقتنع برسوخ تحالفه مع 8 آذار والمقاومة وسورية ومرتاح للعلاقة الجيدة التي تجمعه بالعماد عون ويقف وراءه في ترشحه طالما هو مرشح ويؤيد في حال انسحاب عون اي مرشح يقترحه او اي مخرج يجده مناسباً، من دون ان ينسى فرنجية طبعاً شكر العماد عون على موقفه من ترشيحه امس الاول رغم انه يعرف ان عون في مرحلة سابقة لم يكن يحبذ الخوض في هذا الكلام منعاً لاستغلاله من فريق 14 آذار المسيحي ضد الثنائي عون وفرنجية معاً.

العلاقة الجيدة التي تربط “المردة” و”التيار الحر” لا تتحسس من “الانفتاح” الذي يسعى اليه جعجع مع عون من بوابة الاستحقاق الرئاسي وقانون الانتخابات. فسليمان بك اعطى الضوء الاخضر منذ اكثر من عام لمسؤوليه الامنيين للتلاقي والتنسيق والحوار مع مسؤولي القوات الامنيين في مناطق الشمال والبترون وطرابلس لتهدئة الشارع ومعالجة اي احتكاك بين المناصرين. واللافت ان نجاح تهدئة الشارع بين الطرفين شجع التواصل على مستوى سياسي ومناطقي وخدماتي وتنموي وحتى نيابي واخيراً تنسيق ميداني مفتوح في القرى البقاعية والشمالية التي يخشى ان تصل اليها يد داعش والنصرة والتكفيريين، من دون ان يعني ذلك تطوير التجربة لتكون حواراً ثنائياً على مستوى القيادة الاولى بين القوات والمردة.

وتقول اوساط فرنجية ان العلاقة السياسية بين “القوات” و”المردة” هي شبه جامدة بسبب الخلاف والتباين السياسي مع وضع مجزرة اهدن جانباً، فاللقاءات الثنائية بين فرنجية وجعجع لم تحصل الا في بكركي وبرعاية البطريرك الراعي وفي حضور العماد عون والرئيس الجميل بينما هي على المستوى الشخصي مرتبطة ببعض المناسبات. فخلال إحياء ذكرى مجزرة إهدن الاخيرة ابرق جعجع معزياً الى فرنجية وقبلها كان فرنجية ابرق معزياً بوفاة والد جعجع. وفي تشرين الاول الماضي اتصل جعجع بفرنجية مطمئناً الى صحة نجله طوني بعد حادث سير تعرض له.

السابق
الحوار يستكمل الخطة الأمنية.. وبوصعب ينهي سجال أبوفاعور ـ حكيم
التالي
القبض على قصي خولي في مطار القاهرة.. وترحيله الى دبي