إنفكاك تحالف «8 آذار» وعون نهائي داخلياً

 يحقّ لفريق 14 آذار وغيره أن يفسّر إعلان برّي بأنّه "مناورة"، حسب ما ردّد بعض قياداته، ولكنّ الممارسة على الأرض ستكشف في قابل الأيّام أنّ أطراف فريق 8 آذار والذي يؤكّد "التيار الوطني الحر" أنه لم يكن يوماً جزءاً منه، ستتعاطى مع القضايا الداخلية وفق إعلان رئيس مجلس النوّاب، لكنّ فريق 14 آذار سيظلّ غير مقتنع ومتّهِماً الفريق الآخر بـ"مناورة" تهدف إلى نيل "الثلث المعطل" في الحكومة العتيدة، بحيث يحصل "الثنائي الشيعي" على حصّته المكوّنة من 5 وزراء في حكومة تضمّ 24 وزيراً، ويطلق في الوقت نفسه العنان لتكتّل "التغيير والإصلاح" ليفاوض الرئيس المكلف تمّام سلام على حصّة تضمّ 5 وزراء، حتى إذا نجح تكون حصّة 8 آذار 10 وزراء بعدما كان التفاوض على "الثلث الضامن" الذي يتكوّن من 9 وزراء.


لكنّ برّي يؤكّد "نهائية" انفكاك التحالف مع عون إزاء القضايا الداخلية وفي مقدّمها تأليف الحكومة، ويؤكّد جازماً أنّ حركة "أمل" و"حزب الله" سيتفاوضان مع سلام على الحصّة الشيعية فقط والتي تضمّ 5 وزراء، ولن يطلبا تسمية أيّ وزير من أيّة طائفة أخرى. أمّا عون الذي يتزعّم كتلة تضمّ 27 نائباً مسيحيّاً فإنّه سيفاوض على حصّة وزارية تبلغ 5 وزراء نسبة إلى حجمه النيابي، فهو يعتبر نفسه الأكثر تمثيلا بين القوى المسيحية، ما يعني أنّه يريد الثلث زائداً واحداً من حصّة المسيحيين البالغة 12 وزيراً إذا ضمّت الحكومة 24 وزيراً، بحيث يبقى لبقية القوى المسيحية 7 وزراء يتوزّعون على حزبَي الكتائب و"القوات اللبنانية" والمستقلّين والأرمن والنوّاب المسيحيين في كتلة "المستقبل".


ولعلّ ما يؤكّد انفكاك التحالف بين 8 آذار و"التيار الوطني الحر" هو ما يردّده قياديون في 8 آذار من أنّ هذا التحالف انتهى داخلياً منذ معارضة عون التمديد لمجلس النواب وتقديمه طعناً به الى المجلس الدستوري، ثمّ معارضته التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وذلك خلافاً لموقف حليفيه الشيعيين المؤيّدين هذين التمديدين، علماً أنّ مثل هذا الموقف تكرّر في فترات سابقة بين هؤلاء الأطراف الثلاثة إزاء قضايا كثيرة وما كان الاختلاف شخصيّاً لا الآن ولا في الأمس، إذ إنّ لكلّ فريق خياراته المختلفة عن الآخر.


لكنّ إعلان برّي انفكاك التحالف هذه المرّة إنّما جاء إثر إعلان عون أخيراً اختلافه مع حليفيه حول التمديدين النيابي والعسكري، وأنّ التحالف بات مقتصراً على القضايا الاستراتيجية التي تتصدّرها المقاومة والنزاع مع إسرائيل.


وفي هذا السياق يؤكّد قياديّ في 8 آذار أنّ حزب الله أبلغَ إلى عون أخيراً أنّ كلّ ما يُتفق عليه بين "الحزب" و"الحركة" و"التيار" يكون ناجزاً لا لبسَ فيه، وكلّ ما يُختلف عليه تُترك حرّية الخيار في شأنه لكلّ طرف. وإذا حصل اتّفاق بين الحزب والتيّار على شأن ما ولم توافق "أمل" عليه فإنّ الحزب لا يسير به.


ويعتقد هذا القيادي أنّ ما حصل يريح الأطراف الثلاثة في التعاطي مع القضايا الداخلية، إذ إنّ لكلّ فريق شارعه وثوابته ومصالحه، سواءٌ على المستوى الانتخابي أو على المستوى السياسي العام.


في أيّة حال فإنّ عون ربّما يعتقد أنّ خياراته الجديدة تخدم مصالحه وينسجم فيها مع نفسه ومع مواقفه، بدءاً من تأييده المشروع الانتخابي الأرثوذكسي الذي يعتقد أنّه رفع من رصيده التمثيلي والمعنوي في الشارع المسيحي، وانتهاءً برفضه التمديدين النيابي والعسكري.


أمّا حركة "أمل" و"حزب الله" فيبدو أنّهما يتّخذان خياراتهما في هذه المرحلة على قاعدة مواجهة المخاطر التي تهدّد البلاد، وبعض مؤسّساتها المستهدفة بالفراغ. فالتمديد للمجلس الذي سارا به ولحق بهما الآخرون، باستثناء عون، إنّما بُني على معطيات جدّية تشير إلى أنّ المؤسسة التشريعية ستدخل في الفراغ لاستحالة إجراء الانتخابات.


وقد أكّدت الأحداث الأمنية الأخيرة صوابية هذا الخيار. أمّا التمديد لقيادة الجيش فتفرضه الظروف غير الطبيعية السائدة في ظلّ حكومة مستقيلة وتعثّر تأليف الحكومة الجديدة، ناهيك عن أنّ المؤسّسة العسكرية مستهدفة حاليّاً بوجودها في ضوء الاعتداءات المتكرّرة عليها والتي كان آخرها في عبرا، فالتمديد المطروح لقيادتها يتجاوز الأشخاص إلى الحفاظ على هذه المؤسّسة التي تشكّل دوماً الضمان لصَون أمن البلاد واستقرارها.

 

السابق
البلطجي
التالي
واشنطن تدعو مصر إلى الإفراج عن محمد مرسي