الحياة: ميقاتي لوقف الانخراط المتمادي في الأزمة…

زاد إسقاط الجيش النظامي السوري وقوات «حزب الله
مدينة القصير السورية من حمل الأزمة السورية على كاهل الوضع اللبناني الهش على غير مستوى: أمنياً بفعل الجرح المفتوح في مدينة طرابلس الشمالية والقلق من الأحداث المتنقلة بينها وبين صيدا ومناطق أخرى، وسياسياً بسبب تصاعد الانقسام السياسي والشعبي حول الموقف من التطورات وفي شأن الموقف الرسمي في المنتديات العربية حيال الأزمة السورية، واجتماعياً بعد أن بدأ النازحون من القصير وريفها يتدفقون الى البقاع الشمالي الشرقي خلال الساعات الماضية جراء المعارك التي حصلت وتحصل في قرى قريبة من المدينة المدمرة في ظل صعوبة استيعاب المزيد منهم مع قصور إمكانات الدولة وهيئات المجتمع المدني عن تلبية حاجاتهم الأولية.

وفيما ساد الهدوء مدينة طرابلس نهار أمس بعد ليلة ذعر عاشتها نتيجة اشتباكات في الأحياء الضيقة بين عائلة النشار التي ينتمي بعض أبنائها للحزب السوري القومي الاجتماعي الحليف للنظام في سورية ومجموعات أخرى مناوئة للنظام ومتضامنة مع الثورة السورية، عادت الصدامات بين الجانبين عصر أمس وسقط فيها عدد من الجرحى. وطاولت الاشتباكات الأسواق القديمة، واستعملت خلالها الأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية والقذائف الصاروخية. وردت وحدات الجيش على مصادر النيران مطاردةً المسلحين في الأحياء والأزقة.

ودفع الوضع المتوتر في المدينة والمخاوف من انتقال التوتر الى مناطق أخرى قيادة الجيش اللبناني الى توجيه نداء الى اللبنانيين أكدت فيه «سلسلة تدابير حاسمة في طرابلس وصيدا وبيروت والبقاع وجبل لبنان ، وأكدت أن «استعمال السلاح سيقابل بالسلاح

كما ان المواقف المتضاربة من المسؤولين حول التطورات في سورية دفعت رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى إبلاغ سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن خلال لقائه بهم في حضور وزير الخارجية عدنان منصور «رفض أي تدخل لبناني في الأزمة السورية، وأي تدخل عسكري أجنبي فيها ، لافتاً الى ان «التصريحات التي تصدر أحياناً من أي جهة كانت، لا تعكس الموقف الرسمي اللبناني الذي أرفقته الحكومة اللبنانية بموقف آخر هو استقبال النازحين
وطرح سليمان على السفراء مجموعة اقتراحات تتعلق باستيعاب هؤلاء النازحين.

وعصراً أصدر سليمان بياناً، أبدى فيه ارتياحه لخطة الانتشار التي نفذها الجيش اللبناني في طرابلس ومحيطها أمس. وشدد على «ضرورة تجاوب القيادات والمواطنين على السواء مع ما يقوم به الجيش حفاظاً على أمن المنطقة وسلامة سكانها
، لافتاً الى ان «الوقت حان ليدرك الجميع أهمية إبقاء ساحتنا الداخلية في منأى عن ارتدادات ما يحصل حولنا وانعكاساته الداخلية، خصوصاً بعدما ثبت ان انخراط الأفرقاء في الاقتتال والمواجهات انتصاراً لهذا الطرف أو ذاك، ثمنه الوحيد سقوط اللبنانيين الأبرياء وإلحاق الخراب والدمار في الممتلكات من دون أي تأثير في المعادلات الميدانية القائمة

وينتظر أن يقوم الرئيس سليمان بسلسلة لقاءات لشرح السياسة الخارجية الرسمية وطرح اقتراحات لمساعدة الدولة على معالجة مشكلة النازحين، فيستقبل اليوم سفراء دول مجلس التعاون الخليجي لهذا الغرض.

وكان رئيس كتلة «المستقبل
النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة استهول تدخل «حزب الله
في المعارك في سورية، معتبراً أنه «أصبح جزءاً من المنظومة العسكرية الإيرانية في المنطقة وأداة في يد نظام يقتل شعبه ويدمر بلده
وخاطب المسؤولين في «حزب الله
قائلاً: «يا للعار على ما ارتكبته أيديكم بحق إخوانكم العرب والمسلمين في القصير وقراها ومدن سورية وبلداتها
وسأل: «ماذا يفعل حزب الله بلبنان واللبنانيين والعرب والمسلمين؟ هل تقاتلوننا جميعاً باعتبارنا تكفيريين وصهاينة؟
وطالب الحزب بسحب ميليشياته من سورية.

وانضم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى دعوة سليمان الى عدم التدخل في الأزمة السورية، في كلمة ألقاها مساء خلال افتتاحه المهرجان الدولي الأول لرسل السلام في السراي الحكومية، الذي تنظمه منظمات كشفية عربية.

وقال: «ما أحوجنا اليوم الى اعادة إحياء الالتزام بمبدأ النأي بالنفس
وأكد أن «ابتعاد اللبنانيين عما يجري في سورية يمنع استدراج الفتن والصراعات الى أرضنا، ويشكل سياجاً يحمي لبنان ويمنع استخدامه ساحة منازلة اضافية لما يجري في سورية
وطالب بـ "تسريع وتيرة الاتصالات لتشكيل الحكومة (برئاسة الرئيس المكلف تمام سلام)… ومنع تمدّد الفراغ في المؤسسات، وخصوصاً الأمنية والقضائية منها
وكرر ثقته بأن الجيش «هو ضمانة للسلم الأهلي وسياج الوطن وأنا أنحاز كأهل مدينتي (طرابلس) الى منطق الدولة ودعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية

وفي البقاع، توالى وصول الشاحنات المحملة بعائلات سورية نزحت من بلدة القصير قبيل سقوطها بساعات، الى بلدة عرسال الحدودية اللبنانية. وقدر نائب رئيس بلدية عرسال أحمد الفليطي عدد الواصلين بنحو 78 عائلة حتى بعد ظهر أمس. وكانت ذروة وصول العائلات غروب أول من أمس، ثم توالى وصول المزيد غروب أمس، وبينهم عدد من الجرحى من الذين أصيبوا اصابات غير خطرة.

وكان النازحون فروا الى قرية البويضة الشرقية وانتقلوا منها الى قرية قارا ومن هناك عبروا وسط ظروف صعبة الى عرسال في رحلة تستغرق ساعة ونصف الساعة يجري خلالها التحايل على الطائرات الحربية السورية لتجنب قصفها الشاحنات المتحركة المحملة بالنساء والأطفال وبضعة رجال، باستنثاء الجرحى ممن أصيبوا اصابات بالغة، لتعذر نقلهم بهذه الطريقة، ويقدر عددهم بنحو 600 جريح فيما جرى نقل الجرحى من ذوي الاصابات الطفيفة الى مستشفى يبرود الذي لا يزال تحت سيطرة «الجيش الحر

وجرى نقل جرحى من المستشفى المذكور عبر شاحنات الى عرسال. وغروب أمس، نقل الصليب الأحمر الدولي 10 جرحى من عرسال الى مستشفيات البقاع.

ويجري في عرسال توزيع النازحين الجدد وفق قدرات الناس على استقبالهم. وتقرر توزيعهم على مناطق أخرى حيث يكون فيها أقارب لهذه العائلات قادرة على استقبالهم في أماكن الإيواء المكتظة أصلاً.   

السابق
البناء: طرابلس على برميل بارود والجيش يؤكد الحزم مهما كلّف الأمر
التالي
الشرق الأوسط: هدوء حذر يعم طرابلس بعد اشتباكات عنيفة في أحيائها