لماذا ارتبط اسم الربيع بالظلم؟!

الظلم والربيع شتان بين الاثنين، الظلم يوحي بالمظلمة والكآبة والسواد والضيق والدوران البطيء للحياة، والربيع يوحي بالصفاء والنشوة والتفاؤل وسعة الحياة والدوران السريع للحياة بكل مفاصلها.
فلماذا ارتبط الربيع بالظلم؟

عزيزي القارئ، أحاول أن أرسم صورة للحياة قبل الربيع وأربط الربيع الذي يأتي بعد الظلم، أو بمعنى آخر نتيجة الظلم.

وما أقصده هنا بـ «الربيع العربي» فقد ارتبط هنا الربيع بالعرب لذلك أطلق عليه «الربيع العربي»، دول تعيش عشرات السنين تحت الظلم ويعيش شعبها الفقر والعوز والجهل والمرض وقلة الخدمات وكثرة الضرائب والرسوم وقلة الوظائف وضعف الأجور وتهالك البنية التحتية للدولة والتغني بالأمجاد الفائتة وبطولات الأجداد وخطابات الآباء وأقلام الأبناء، الظلم هنا ارتبط أيضا بالحلول الأمنية لمشاكل الدول وتعدد المؤسسات الأمنية بين جيش وشرطة وأمن دولة واستخبارات عسكرية وأمن خارجي وحماية للطائرات والشخصيات ودفع الملايين بل المليارات من قوت الشعوب لشراء الأجهزة المتطورة للمؤسسات الأمنية وشراء أجهزة التنصت والرادارات وأجهزة التعذيب ودفع الأموال للمخبرين والجواسيس وشراء المعلومات من الداخل والخارج ودفع الرشى والهبات وإقامة الولائم والحفلات وتوزيع الهدايا والنياشين وابتعاث الأفراد لدورات الحماية والشغب وضرب المواطنين في دولهم كل ذلك يتطلب المليارات من حساب الشعوب وعلى حساب قوت الشعوب وحاجاتهم.

كل ما ذكرناه سابقا يضاف اليه ان المواطن العربي زرع حب الوطن فيه عن طريق الأغاني الوطنية والحفلات المزخرفة الألوان ولكن كسر فيه شيء عزيز عليه وهو كرامته وكبرياؤه وخلال عشرات السنين أصابه الإحباط والضعف والخنوع في نفسه ومحيطه وقيادته ودائرته العربية فشعر بأنه مجرد رقم في التعداد السنوي وأي رقم؟ رقم لا حول له ولا قوة أمام قضاياه المصيرية مثل: قضية فلسطين والقضايا العربية التي قطعت أوصالا لإرضاء دولة العدو (إسرائيل المحتلة).

وأمام كل ذلك الخنوع أصبح المواطن العربي غير قادر على المشاركة في بناء وطنه، فهو مواطن عليه واجبات ولكن حقوقه عليه ان يستجديها من أصحاب السيادة والسعادة والسمو، لذلك قرر هو ومن قبله أبوه ان يمشي في وطنه يبحث عن السلامة وعن لقمة العيش وبعض من الكبرياء في حاويات القمامة، فهي المكان الوحيد الذي لا يجد فيه أثرا لأصحاب السعادة والسيادة، وعينه تدمع وقلبه يتحسر على أبنائه وأحفاده ومستقبلهم الغامض الذي أصبح لا يجده إلا بين أكوام القمامة هنا وهناك في وطنه.

أيها السادة الكرام: كل ما ذكرت سابقا هو سبب بل غذاء الربيع العربي نعم مثل (السماد) الذي يستخرج من قاذورات الحيوانات ليصنع منه غذاء للورود والأشجار والأرض الخضراء التي هي مقومات الربيع، نعم لكل شيء غذاء، وغذاء الربيع العربي أفعال أصحاب السيادة والسعادة ومستشاريهم والحاشية الفاسدة والأفواه ذات الأنياب التي تطحن أحلام الشعوب لتصنع منها قلادة على عنق راقصة.

قد يتغاضى الربيع عن أمواله المسلوبة ولكن هل سمعتم بعربي يفرط في كرامته وعرضه وهو يعلم أن أبناءه سيسيرون في الطريق نفسه أي عراة من غير كرامة؟

أيها السادة الكرام: الكرامة للعربي هي الغطاء والثوب، فلا تحسبوا ان الغطاء والثوب للعربي هي الكرامة!

وأخيرا: عرفت سبب الربط بين الظلم والربيع انهما مثل الليل والفجر أحدهما لا بد ان يتبع الآخر مهما طال زمن الليل فلا بد للفجر أن ينجلي.  

السابق
جند الملا نصرالله
التالي
ماذا يريد الأتراك من العرب؟