صور تنعي الموسم السياحي

يسهل على المتجوّل بين المؤسسات السياحية أن يلحظ حالاً من التشاؤم وعدم الاطمئنان إلى الموسم في العام الحالي. ومردّ عدم التفاؤل لدى العاملين والمستثمرين في القطاع على حد سواء، يعود إلى الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، التي لا تبشر بشيء يوحي إلى موسم ولو مقبول. فمدينة صور، التي كانت شهدت الذروة في بعض المواسم السياحية السابقة، خصوصاً بعد انتهاء عدوان تموز في العام 2006.
وقد ارتفعت بنتيجتها حركة السوق العقاري، وبدلات الإيجارات والاستثمارات بجنون. ثم ما لبثت أن عادت فيها الأمور إلى التراجع، مواكبة في ذلك الكثير من المناطق اللبنانية، جراء غياب الاستقرار بشكل عام، وسلسلة التفجيرات التي ضربت مطاعم، وفنادق، ومحال لبيع المشروبات الروحية في أنحاء المدينة بشكل خاص. وكان آخر تلك التفجيرات قد استهدف "مطعم نوشن"، ولم تسفر التحقيقات إلى أي نتائج، ولم يقدم الجناة إلى القضاء المختص. كما تفتقد المدينة إلى "مهرجانات صور الدولية" للسنة الثانية على التوالي، بالإضافة إلى التراجع الواضح في إقبال المغتربين على المدينة وبلدات القضاء وقراه. ذلك بعدما أصيبوا بنكسات في دول الاغتراب، ومنها إفريقيا على وجه الخصوص، وصولاً إلى تقلص كبير في حركة جنود قوات "اليونيفيل".

وأمام ذلك الواقع الذي يفرض نفسه بقوة، لا يملك العاملون في القطاع السياحي، ومستثمرو الخيم البحرية على الشاطئ الجنوبي من ضمنهم، والتي انطلقت مطلع حزيران الجاري، إلا انتظار الاسابيع المقبلة للحكم النهائي على الموسم، الذي يدخل في صلبه شهر رمضان، مع ما يتسبب به بالمزيد من الركود السياحي. لا يبدو حسين ترحيني وهو أحد مديري "فندق بلاتينيوم" في صور، مرتاحاً للموسم السياحي المرتقب، بالرغم من كل التحضيرات اللوجستية التي يُعدّها لاستقبال الموسم. يقول: نعتمد في المنطقة على السياحة المحلية، خصوصاً على المغتربين من أبناء المدينة وجوارها، الذين يقضون عطلهم في لبنان"، لافتاً إلى "العام الماضي، في مثل الفترة الحالية، وبالرغم من ضعف الموسم آنذاك، كانت الحركة فيه أفضل من اليوم، إذ إن حجوزات الغرف لم تتجاوز الخمسة عشر في المئة". ويؤكد ترحيني أن "غياب مهرجانات صور الدولية، التي كانت تساهم بانتعاش الوضع السياحي، وأزمة الكهرباء وشبكات الطرق، والتفجيرات التي طاولت مؤسسات سياحية، وتراجع القدرات الشرائية للمواطنين، وعدم وجود إطار أو تجمع للمؤسسات السياحية، أدت وتؤدي جميعها إلى تقلص الحركة السياحية، التي تبلغ ذروتها في شهري حزيران وتموز من كل سنة، بحسب المعايير السياحية".

ويصل إبراهيم مغنية، وهو مدير "أوتيل كوين إليسا"، الذي تعرّض للتفجير في 16 كانون الأول من العام الماضي، إلى حدّ "نعي الموسم السياحي في المنطقة"، يقول: "إن الأوضاع العامة وعدم الاستقرار الأمني والاجتماعي يفرض نفسه على القطاع السياحي، خصوصاً في المنطقة، التي تعتمد فيها المؤسسات السياحية على السياحة الداخلية، وإلى حد معين على قوات الأمم المتحدة، التي بدورها تراجعت حجوزاتها بعد التفجير". ويسأل مغنية: "كيف سينطلق الموسم السياحي في ظل غياب الحوافز والإرشادات، وايضاً عدم دفع بدل الأضرار التي تسببت بها التفجيرات الأخيرة". ويقول وائل شرف الدين صاحب أحد مطاعم المدينة: "إن شيئاً لا يساعد على أن يكون الموسم السياحي ناجحاً في العام الحالي". يضيف: "نحن غير متفائلين حتى اليوم، لكننا نأمل أن تتحسّن الأوضاع"، مؤكداً أن "التفجيرات، وإحجام المغتربين عن قضاء عطلهم الصيفية في ربوع لبنان، لا يبدو أنها ستساعد الموسم السياحي إطلاقاً"، مشيراً إلى "تصادف شهر رمضان في عز الموسم". ويختصر محمد الأشقر، وهو صاحب مطعم آخر، الوضع بعبارة واحدة "ما في شي". يقول: "إن عملنا تتبُّع نشرات الأخبار، والاحداث المتنقلة من منطقة إلى أخرى، بما فيها التفجيرات التي اسهدفت أماكن سياحية في المدينة"، آملاً "أن تنجلي الأزمة، لكي يتحسّن الوضع والنشاط السياحي كما كان قبل سنوات".

وفي حين يؤكد مسؤول المواقع الأثرية في الجنوب علي بدوي أن "النشاط السياحي في المواقع الأثرية على اختلافها في المدينة كان خجولاً بنسبة كبيرة"، تشير مصادر في "لجنة مهرجانات صور والجنوب الدولية" أن "اللجنة تدرس إمكانية إقامة بعض الفعاليات والأنشطة الثقافية والفنية في صور"، مستبعدة إقامة المهرجانات للسنة الثانية على التوالي، "نتيجة الأوضاع العامة، والتطورات المختلفة، وغياب القدرات المالية المطلوبة".  

السابق
النهار: 4 وزراء خارجية أوروبيون إلى بيروت دعماً للإستقرار والهيئات الإقتصادية رفعت الصوت البلد مش ماشي
التالي
أمام خيارين: الحرب.. او الحرب؟