سيناريو مفترَض لحلم لبناني ربيعي

تقترب المباراة من الدقيقة 90 ولا تزال الكويت متقدمة كوريا الجنوبية في سيول بإصابة وحيدة حملت توقيع بدر المطوع منذ الدقيقة الأولى.
دكة احتياط "الأزرق" في حال من الهستيريا وكذلك الجزء المخصص للجماهير الكويتية في ملعب كأس العالم في سيول.
المدرب الصربي غوران توفيدزيتش لا يزال مكتوفاً، تعلو محياه ابتسامة تستعد للانفجار، بيد انه يبقى متمسكاً بالواقعية خشية أن ينقلب الموقف في لحظات أخيرة من مباراة كانت المؤشرات فيها تصب في خانة كوريا الجنوبية، الساعية الى تأهل ثامن توالياً لنهائيات كأس العالم.

في الوقت عينه، لا يزال لبنان متخلفاً امام الإمارات في ملعب آل نهيان بنادي الوحدة في العاصمة أبو ظبي.
جماهير "منتخب الأرز" محبطة. حلم بلوغ الدور الرابع الحاسم من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2014 في البرازيل إنكسر.
الكويت وكوريا الجنوبية إلى الدور الحاسم إنعكاساً للترجيحات التي صبت في خانتيهما منذ البداية. اما لبنان فهو يعيش أسوأ لحظة في تاريخه الرياضي بعدما كان قاب قوسين او أدنى من انجاز غير مسبوق.
الحكم الاوسترالي بيتر غرين يستعد لإطلاق صافرة النهاية، نهاية الحلم اللبناني. دموع المعلّق جوزف أبي شاهين تختلط بعبارات الأسف على موعد مع المجد تحوّل لقاء مع الخيبة.
الكويت برصيد 11 نقطة في صدارة المجموعة الثانية وكوريا الجنوبية بعشر نقاط في المركز الثاني تتأهلان للدور الرابع الحاسم. لبنان خارج التصفيات.

تصل الكرة الى حسن معتوق على الجهة اليسرى، تبدو وكأنها الفرصة الأخيرة. الأنظار على الحكم وصافرته التي ستقتل الحلم اللبناني.
معتوق يرسل الكرة عرضية الى "لا أحد". تجد محمود العلي "كريستيانو رونالدو اللبناني" متربصاً بها على الجهة اليمنى، يروّضها بصدره. وبلمحة فنية، "يضحك" على مدافع إماراتي ويسددها صاروخية على ألحان صافرة النهاية.
الكرة تعانق الشباك. الكابوس تحوّل حلماً ربيعياً تحقق. الجماهير اللبنانية تنفجر في مدرجات ملعب الوحدة في ابو ظبي. دموع هنا وصرخات هناك. لاعبو "منتخب الأرز" يسبحون في بحر من دموع انجاز التأهل للدور الحاسم. جوزف أبي شاهين لا يزال يطلق العنان لصرخة "غووووول". شعور بحب وطن وافتخار بالانتماء اليه.

المدرب الألماني ثيو بوكر حقق الحلم بإيمان راسخ بمواهب لبنانية لطالما آمن بها.
اللاعبون فوق المناكب يُحمَلون في انتظار عودة ابطال الى ارض الوطن.

تأهلٌ بدا "هيتشكوكياً" إنما مستحق.
وفي سيول وبعد لحظات على اصابة العلي، كوريا الجنوبية تتجاوز رفض بارك – جي سونغ، لاعب مانشستر يونايتد الانكليزي، العودة عن اعتزاله الدولي للمشاركة امام الكويت وتنتزع التعادل 1-1 في اللحظات القاتلة وترافق لبنان الى الدور الحاسم.
… انها السابعة صباحاً من يوم الخميس 23 شباط 2012. ستة أيام قبل المباراة المنتظرة بين الامارات ولبنان.
اصابة محمود العلي في المرمى الاماراتي كانت جزءاً من حلم لا شك في أنه قضى مرحلياً على آمال كبيرة معقودة على "منتخب الأرز".
كانت حلماً ليس إلاّ، تلك الحناجر اللبنانية التي رددت بعنفوان وفخر النشيد الوطني من رحم مباراة بدت منتهية وقاتلة.

في 29 شباط 2012، سينزل المنتخب الى ارض ملعب الوحدة في ابو ظبي ليمثل اربعة ملايين نسمة في لبنان، واكثر من عشرة ملايين خارجه حلموا بإنجاز رياضي على مستوى اللعبة الاكثر شعبية في العالم .
كان حلماً ليس إلا ذاك التأهل المسبق صبيحة 23 شباط، بيد أنه جاء ترجمة لارادة منتخب جعل بلداً صغيراً بمساحته كلبنان، يلامس انجازاً ضخماً بالاقتراب من تأهل أسطوري للمونديال.
جعلنا هذا المنتخب نحلم في زمن بات فيه الحلم محصوراً في نطاق النوم ليس إلا.
عسى حلمنا، حلم لبنان، يتحقق بهمّة رجال باتوا قاب قوسين او أدنى من حلم ربيعي لبناني.   

السابق
دواء جديد يمنح الأمل لمرضى سرطان الجلد
التالي
عبود: موسم السياحة والتزلج هذا العام قد يكون من أفضل المواسم على الاطلاق