قمة روحيّة في دار الفتوى..بلا محكمة

تكتسب القمّة الروحيّة التي ستنعقد اليوم في دار الفتوى أهميّة لجهة المكان ولجهة المضمون، وستخرج ببيان من نقاط سبع يؤكّد أن تحرير الأراضي اللبنانيّة والعربيّة واجب وطني جامع، ويرفض التدخّل الأجنبي في شؤون البلدان العربيّة، ويدعو إلى احترام الإرادة. لكن البيان لن يأتي على ذكر المحكمة الدوليّة وكلّ ما يدور في فلكها

بعد جولته الجنوبيّة وما تخلّلها من مواقف، يغطّ البطريرك بشارة الراعي اليوم في عائشة بكّار. سيشارك في القمّة الروحيّة التي تجمع 17 «زعيماً روحياً» لسبع عشرة طائفة لبنانيّة. الراعي يحتاج إلى اللقاء، كذلك صاحب الدار، مفتي الجمهوريّة محمّد رشيد قبّاني.
أمس، كان موظفو دار الفتوى مشغولين. لديهم استحقاق لم يجرِ منذ سنوات طويلة. آخر قمّة روحيّة حصلت في دار الفتوى، لم يُشارك فيها بطريرك الموارنة، بل ممثّل عنه، وذلك في منتصف تسعينيات القرن الماضي. إذاً، الحدث استثنائي للموظفين. مهندس الصوت يُشرف على التجهيزات الصوتيّة. يفحص كلّ ميكروفون على الطاولة الكبيرة التي ستجمع رجال الدين. يُجرّب القرص المدمج الذي يحوي تسجيلات الآيات القرآنيّة التي ستتلى في بداية القمّة. آخرون في القاعة المجاورة، يُنظمون توزيع طاولات الغداء. أصلاً الدار كلّها تعيش ورشة حالياً. ورشة لتأهيل المبنى وتجديده، وإجراء تعديلات هندسيّة من الداخل. وورشة عمل بشريّة وصلت إلى ذروتها مع تولّي الشيخ هشام خليفة مديريّة الأوقاف، وهو الذي ترأس وحدة «خطبة الجمعة» في الأوقاف الإماراتيّة لسنتين. يحمل الرجل برنامج عمل لتطوير عمل الأوقاف، بدأ بإقرار سلسلة قرارات عالقة منذ سنوات، سبقه في ورشة التأهيل الشيخ شادي المصري في العلاقات العامّة.

بالعودة إلى القمّة، يتحدّث مطّلعون على أجواء الإعداد لها أن الراعي وقبّاني سيكونان المنتصرين الأوّلين منها. الراعي يحتاج إلى غطاء سنّي، بعد هجوم تيّار المستقبل عليه بسبب مواقفه من الأحداث السوريّة، ومن أقدر من دار الفتوى على توفيره. أمّا المفتي قبّاني، فإنه بدأ منذ نحو سنة مشروعاً عنوانه الرغبة في إعادة الدار إلى موقعها، داراً جامعةً لجميع اللبنانيين. قام بسلسلة من الخطوات والإجراءات أدّت إلى هجوم مستقبلي عنيف عليه أيضاً. إنه المهاجم ذاته على قباني والراعي. التكاتف بينهما ضروري. وبالتالي، تأتي هذه القمّة لتكون تتويجاً لكلام قبّاني، وبمشاركة أوسع من المشاركة التي جرت في القمّة الروحيّة الأخيرة التي جرت في بكركي.
 
هذا في شكل القمّة. أمّا في مضمونها، فإن المسوّدة الأخيرة للبيان الختامي الذي سيُتوافق عليه في قمّة الغد تتضمّن سبعة بنود. وسيغيب عن البيان أي إشارة إلى المحكمة الدوليّة، لا على سبيل التبنّي ولا الرفض، إذ سيُشدّد البيان في بنده الأوّل على متانة العيش التاريخي بين المسيحيين والمسلمين في المنطقة العربيّة، وعلى الانتماء العربي لأبناء الطائفتين. أمّا البند الثاني فسيتناول ضرورة الحفاظ على استقرار لبنان ونهائيّة الكيان، وعلى مرجعيّة الطائف، فيما سيتناول البند الثالث احترام كرامة الإنسان والتشديد على أن المواطنة هي الأساس في تحديد الحقوق والواجبات والتزام الدستور. ويأتي البند الرابع في السياق ذاته، وهو أن لبنان جزء من العالم العربي بنهضته وثقافته ومثال للعيش المشترك.

البند الخامس هو الأكثر إثارة. سيتناول الحراك العربي، وأهميّة احترام رأي الشعوب العربيّة، والحفاظ على شعارات الحريّة والكرامة والعدالة والديموقراطيّة، وسيدعو إلى ضرورة الحفاظ على نقاء هذه الشعارات والاستفادة منها، ومواجهة محاولات تحريفها واستغلالها صوب اتجاهات بعيدة عن غايتها الأصليّة. كذلك سيشير البند إلى أن المطلوب هو الحرص على الإصلاح والتطوير والانفتاح ومراعاة الإرادة الشعبيّة لمنع تحويل هذا الحراك إلى أدوات لتخويف مكوّنات المجتمعات العربيّة. وسيدعو هذا البند إلى التمسّك بالدولة المدنيّة ومفهوم المواطنة ورفض جميع أنواع التدخلات الأجنبيّة في الشؤون الداخليّة ورفض الظلم والاستبداد.

وسيتناول البند السادس أهمية بناء المؤسسات الدستوريّة اللبنانيّة والتزام قراراتها، على أن يؤكد البند الأخير أن لبنان قوي بوحدته وبالتضامن العربي، وأنه يلتزم حق العودة ورفض التوطين وتحرير جميع الأراضي اللبنانيّة والعربيّة والمقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة كواجب وطني جامع، وسيدعو الأمم المتحدة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة. 

السابق
الانباء: بري مستقبلاً سليمان والراعي في المصيلح: نحذّر من تمويل وتسليح الاحتجاجات السورية
التالي
اتجاهات جديدة مرتقبة بعد لقاءات نيويورك