هل يوجد لنا شريك سوري؟

في محاولته للوصول الى اتفاق مع سوريا، تبنى ايهود باراك – بكونه رئيسا للوزراء – شعارا كرره: «الاسد هو زعيم شجاع وحكيم، مصمم سوريا الحديثة». ولما كان باراك ليس الوحيد الذي حاول ادارة مفاوضات مع الاسد (الأب والابن) – هكذا تصرف رؤساء الوزراء قبله وبعده – فيطرح السؤال مرة اخرى هل الطاغية هو شريك؟
دارج ان السلام يصنع مع الأعداء، ونحن لا نختار جيراننا، وبالفعل، اسرائيل ليست قوة عظمى عالمية، وليس من مهمتها ان تكون الشرطي في الشرق الاوسط. تطلع السلام الذي يفعم قلوبنا يبرر ايضا السلام مع ديكتاتوريين طغاة. ولكن الدولة التي تتعرض للتهديد مثل اسرائيل ملزمة بأن تكون يقظة حتى تجاه الرجل الذي توقع معه.
الكليشيه حول الاتفاق مع سوريا يعتقد بأن ثمن السلام محدد: الانسحاب من كل الجولان حتى خطوط 4/6/1967، حتى بحيرة طبرية. والسؤال الحقيقي الذي علينا ان نسأله لأنفسنا اذا كان بوسع اسرائيل ان تسمح لنفسها بأن تسلم الديكتاتور السوري اراضي حيوية لأمنها، مثل الجولان، جبل الشيخ وشاطئ بحيرة طبرية؟ هل يوجد مبرر لأن تتخلى اسرائيل عن ارض سيادية للدولة وتقتلع قطاعا استيطانيا مزدهرا ومتطورا، كي تُسلمه الى «طاغية»، «قاتل لشعبه»؟
عند فحصنا لهذه المسألة، علينا ان نأخذ بالحسبان اربعة جوانب. الجانب الاول – استقرار السلطة. حكم الاسد هو حكم أقلية صغيرة جدا، أقل من عُشر السكان السوريين، تفرض نفسها بالحراب، بالارهاب، بالطغيان الفظيع، على 90 في المئة من الجمهور السوري. الجمهور السوري يكره ويمقت الحكم المفروض عليه. ومع ان حكم «الارهاب» ينجح في ان يفرض نفسه على الشعب السوري منذ أكثر من اربعين سنة، فانه آجلا أم عاجلا سيسقط. كل اتفاق مع الحكم غير الشرعي هذا لن يكون بالضرورة اتفاقا شرعيا في نظر الشعب، ومشكوك ان يحترمه الحكم الجديد.
الجانب الثاني هو مصداقية الحكم السوري. في هذا الشأن، أقترح الانصات كل مساء لشروحات مستشارة الرئيس، الدكتورة بثينة شعبان، لنفهم مع من نتعامل. فهل كنا سنشتري سيارة مستعملة من هؤلاء الاشخاص؟
الجانب الثالث هو الوحشية عديمة الجماح للحكم السوري. هل يوجد منطق في ترك سكان كريات شمونة، صفد وطبرية وسكان الجليل والسهول لمصيرهم أمام النية الطيبة والمدافع لمن لا يتردد في ذبح أبناء شعبه؟
الجانب الرابع هو محور الشر. فهل لا يزال أحد يؤمن بأن الاتفاق مع اسرائيل سيدفع الاسد الى خرق تحالفه الوثيق مع ايران؟ يُخيل لي أن هذا سؤال بياني لا يحتاج الى اجابة.
وماذا سيحصل اذا سقطت ديكتاتورية الاسد؟ في مثل هذه الحالة الاحتمالات كثيرة. ومن غير المستبعد ان نشتاق للاسد لاحقا. ومع ذلك، لا ينبغي استبعاد امكانية الحكم الديمقراطي والمحب للسلام. حجر الرحى سيكون الاستعداد للسلام الحقيقي.
يتعين عليّ أن أشير الى أني من سكان هضبة الجولان وتأييدي لاستمرار السيادة والاستيطان الاسرائيليين على الجولان لا ينبع من طبيعة النظام السوري بل من اعتبارات صهيونية واستراتيجية. ولكن الأحداث الجارية في سوريا تدل على السخافة التي في الانسحاب من الجولان في كل الاحوال.

(سما الاخبارية)

السابق
إنذار أخير قبل التصعيد بدعم رابطة الثانوي
التالي
تقلبات في الشرق الاوسط