«نكبة» الموسم.. «القرطاس والقلم»!

المدارس لبنان
يختلف إنطلاق العام الدراسي هذا العام في لبنان، ليس فقط بسبب التدابير التي تفرضها جائحة كورونا، بل أيضا بسبب القلق الذي يتآكل الاهالي من الكلفة التي عليهم دفعها، لتأمين أقساط المدرسة والتنقل وشراء الكتب، وبسبب العراك الدائر بين دور النشر ووزارتي التربية والاقتصاد حول تسعير الكتاب المدرسي، والذي لم يتم الاتفاق حوله إلى الآن، فهل سيتم التوصل إلى حلول ترضي الجميع ومن دون إرهاق جيوب الاهالي ؟ لا جواب إلى الان.

تروي وفاء مغنية أنها أحست بدوار، حين أخبرتها إدارة مدرسة ولديها فؤاد وإسراء، أن عليها دفع 250 دولار ثمن 5 كتب مستوردة، بالاضافة إلى مليون ليرة لكل منهما، حتى يتمكنا من الحصول على تطبيق I BOOK،   الذي يخولهم الحصول على باقي الكتب المطلوبة إلكترونيا على أجهزة “I PAD”  الخاصة بهم، وتقول ل”جنوبية” أن “شراء  الكتب لم يشكل معضلة كبيرة لها في السنوات الماضية، حين كان صرف الدولار على سعر 1500 ليرة، في حين أن هذا الامر بات يشكل بالنسبة لها عبئا إضافيا ،على القسط المدرسي وكلفة التنقل لولديها، ولذلك فهي ستلجأ هذا العام إلى شراء هذه الكتب، من طلاب سبقوا أولادها لتوفير ما تستطيع من مصاريف”. 

اقرأ أيضاً: المجذوب مُصر على عودة الطلاب الى المدارس: نعمل على تأمين المحروقات

تُخبر ماغي عيسى “جنوبية” أن إدارة مدرسة أولادها، عمدت خلال العام الماضي، إلى شراء حقوق تصوير الكتب المستوردة من الخارج (من دار النشر الذي يبيع هذه الكتب)، وعمدت إلى  توزيعها على طلابها بثمن الطباعة فقط، لكنها في الوقت نفسه زادت الاقساط بنسبة 25 بالمئة، وقد أعلمتهم أنها ستتبع النهج ذاته خلال هذا العام، لكن على كل الاهالي دفع 200 دولار “فريش” عن كل تلميذ.

وتلفت عيسى، إلى أن الاهالي إعترضوا على هذا الاجراء، لكنهم وافقوا عليه في النهاية خوفا على مستقبل أولادهم من الضياع.

على ضفة المدارس التي لا تعتمد الكتب الاجنبية، تشير ميساء سبيتي ل”جنوبية”، أن ثمن كتب إبنتها في الصف الثاني إبتدائي نحو مليون ليرة، من دون إحتساب القسط المدرسي وكلفة التنقل بالاوتوكار، وهو أمر لا يمكن الاستغناء عنه كونها تعمل، ولا يمكن لها توصل إبنتها إلى المدرسة بنفسها، لذلك فهي تترقب بقلق، إبلاغها كلفة النقل التي عليها دفعها هذا العام، لأنها ستؤثر سلبا على طريقة معيشتها في ظل إرتفاع سعر البنزين، وتحليق الدولار في السوق السوداء، في حين أنها لا تزال تقبض راتبها “باللبناني” ولا يتعدى المليون ونصف ليرة.

كل هذه الحكايات عن معاناة الاهالي مع التحضيرات لدخول أبنائهم إلى المدرسة، يقابلها مبادرات من لجان الاهالي، في العديد من المدارس الخاصة، الذين بدأوا منذ الأسبوع الاخير من شهر آب، بتنظيم  يوم “لتبادل الكتب والزي المدرسي” بين الطلاب، تخفيفا للأعباء المادية عن ذويهم، ويلفت عنان عبدو ل”جنوبية”، أن هذه “المبادرة وفرت عليه شراء الكتب والزي المدرسي لولديه، وسمح له بإدخار ما إستطاع توفيره لتلبية حاجات إبنته الكبرى في الجامعة”.

إذا يحاول أهالي الطلاب في لبنان تدبير أمورهم “باللحم الحي”، كي يتمكن أولادهم البدء بالعام الدراسي بشكل مقبول، من دون أي مساعدة رسمية، سواء من وزارة التربية أو السلطة التنفيذية، علما أن الاجراء الوحيد الذي تمّ إتخاذه في هذا الاطار، هو إعلان نقابة أصحاب المكتبات  في لبنان، “إلتزامها بالاتفاق الذي تمّ بين وزارة الاقتصاد ونقابة الناشرين المدرسيين في شهر تموز الفائت، والقاضي بإعتماد نسبة 45 بالمئة من سعر صرف الدولار في السوق السوداء أساسا لتسعير الكتاب المدرسي المحلي”، وأشار البيان إلى أن “غالبية المكتبات باشرت إلى شراء حاجتها، من الكتب المدرسية على هذا الاساس”، داعية “المكتبات العمل بموجب هذا الاتفاق”.

عاصي لـ”جنوبية”: مشكلة القطاع التربوي تتجاوز كلفة الكتاب المدرسي

وفي ما عدا ذلك، فإن التحرك الرسمي لمساندة الاهالي، لكي يتمكنوا من تأمين متطلبات ذويهم، إقتصر على إستقبال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لوفد إتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، والذي أعلن أنه سيتم عقد مؤتمر تربوي قريبا لتدارس كيفية مواجهة الاوضاع الحالية .

قرطاسية كتاب مدرسة
أسعار الكتب والقرطاسية نار تكوي جيوب الأهل الفارغة

على ضفة دور النشر فالصورة أكثر تعقيدا، خصوصا أنه لم يتم الاتفاق بينها وبين وزارتي الاقتصاد والتربية على سعر الدولار ،الذي سيتم البيع على أساسه الكتاب المدرسي للقطاع الخاص (كون المركز التربوي للبحوث والانماء هو الذي يؤمن الكتاب المدرسي للقطاع الرسمي)، وفي ظل إستمرار مصرف لبنان، بدعم الكتاب المستورد على دولار 13 ألف ليرة، وفي هذا الاطار يشرح ممثل نقابة الناشرين المدرسيين جاد عاصي (صاحب دار الفكر اللبناني ولو بوانتييه  ودار النديم) ل”جنوبية “أن دور النشر ذاهبة نحو الاقفال، ونحن سنجتمع مع وزارة الاقتصاد في الاسبوع المقبل للتوصل إلى قرار نهائي، حول السعر الذي سنبيع على أساسه الكتاب المدرسي”، مشددا على أن “الهدف ليس تحقيق أرباح طائلة، بل تأمين إستمرار القطاع، و قد تم تهديدنا من قبل الوزارات المعنية بمصادر الكتب، في حال لم نلتزم بالبيع على دولار 4 آلاف ليرة”.

ويضيف:” لم نتوصل إلى حل إلى الآن، ولدينا إجتماع مع وزارتي الاقتصاد والتربية الاسبوع القادم، ولكن موقفنا مبدئي ولا يمكن البيع تحت الكلفة، ونحن مسؤولون كدور نشر عن 6 ألاف عائلة “.

يوضح عاصي أن “مشوار التفاوض مع وزارة الاقتصاد، بدأ منذ 5 أشهر وتم عرض دراسات  تظهر الكلفة، التي تتكبدها دور النشر لطباعة الكتاب المدرسي للقطاع الخاص، ومعظم المواد التي نستعملها مستوردة وتحتاج إلى دولار “فريش”، مشيرا إلى أنهم “طالبوا  خلال التفاوض مع الوزارة، ب 67 بالمئة من قيمة الدولار في السوق الموازية، وتوصلنا إلى إتفاق مجحف بحقنا، إلى أن يكون النسبة 45 بالمئة، لأن الوزارة تريد أن تظهر بالإعلام على أنها تعمل لصالح المواطن، ومع الاشارة إلى أن الدولار سوق السوداء كان 13 ألف ليرة واليوم يسجل 20 ألف”.

يضيف:” تفاجأنا الاسبوع الماضي بأن وزير التربية وإتحاد المدارس الخاصة ووزارة الاقتصاد، يطلبون منا تسعير الدولار ب4 آلاف ليرة من دون دراسة علمية، وبالرغم من كلفة تصنيع الكتاب ضعفين ونصف من الرقم الذي يطرحونه، وكان جوابنا كدور نشر إننا مستعدون للإقفال ولكن لا نريد أن نفلس”، مشددا على أن “المشكلة التي يعانيها القطاع التربوي، ليست بكلفة الكتاب المدرسي، وإن كان يتم تصويره على هذا النحو، بل أن المشكلة هي في الاقساط المدرسية والنقل والتدفئة وأجور المعلمين”. ويشرح “أن معدل مبيعنا سجل العام الماضي بلغ 8 بالمئة من كمية الكتب التي تمت طباعتها، وكان الدولار على سعر 3آلاف ليرة ، وهذا العام لن يصل إلى 5 بالمئة، بسبب عمليات تبادل الكتب بين الاهالي والتي تحصل بمباركة المدارس، علما أن الوزارة تحاول تصوير أن المشكلة هي مشكلة كتاب مدرسي ربما لتطيير العام الدراسي”.

ويسأل عاصي” لماذا يدعم مصرف لبنان الكتاب المستورد ( أي إخراج العملة الصعبة إلى الخارج – دولار 13 ألف ليرة) في حين أننا نحن كدور نشر ندعم الكتاب المحلي، وقبلنا أن نتقاضى 45 بالمئة من كلفته بحسب السوق السوداء، علما أننا مؤسسات تؤمن دورة إقتصادية كاملة داخل لبنان؟”.

ويختم:”نحن 60 دار نشر يؤمن الكتاب للمدارس الخاصة، ونعمل على تصدير الكتاب إلى دول الخليج وأفريقيا، ولا يحق لنا بيع الكتب للمدارس الرسمية، ووزارة التربية تعرض على المدارس الخاصة تأمين كتاب المدرسة الرسمية لهم من دون مقابل، بدل أن يدعموا القطاع فإلى أين يريدون إيصالنا؟”.   

السابق
بعدسة «جنوبية»: تعاز حاشدة برحيل الشيخ قبلان في المجلس الشيعي
التالي
بالصور والفيديو: بحضور 4000 شخص.. البذخ في زفاف نجل وئام وهاب يُغضب اللبنانيين!